في كتابهما، "القيمة الخفية: "كيف تحقق الشركات الكبرى نتائج استثنائية عبر الأشخاص العاديين" ( Hidden Value: How Great Companies Achieve Extraordinary Results with Ordinary People)، يدّعي المؤلفان جيفري فيفر وتشارلز أورايلي أن هناك أدلة متزايدة على أن تفويض المزيد من المسؤولية لاتخاذ القرارات يزيد من الإنتاجية والروح المعنوية والالتزام وكلها تترك أثرهافي ثقافة الشركة. وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة غالوب (Gallup) عام 2015 حول مواهب ريادة الأعمال لدى 143 من كبار المدراء التنفيذيين في قائمة الـ 500 شركة التي تصدرها مجلة إنك (.Inc) أن الشركات التي يديرها مسؤولون تنفيذيون يتمتعون بسلطة تفويض فاعلة تنمو بشكل أسرع، وتحقق عائدات أكبر، وتخلق المزيد من فرص العمل.
وفقاً لجون ماكسويل، مؤلف كتاب "تطوير القادة من حولك" (Developing the Leaders Around You)، "إذا أردت القيام ببعض الأشياء الصغيرة بالشكل الصحيح، فأفعلها بنفسك". أما إذا كنت تريد القيام بأشياء رائعة وإحداث تأثير كبير، فما عليك إلا أن تتعلم التفويض" .
وفقاً لجون ماكسويل، مؤلف كتاب "تطوير القادة من حولك" (Developing the Leaders Around You)، "إذا أردت القيام ببعض الأشياء الصغيرة بالشكل الصحيح، فأفعلها بنفسك". أما إذا كنت تريد القيام بأشياء رائعة وإحداث تأثير كبير، فما عليك إلا أن تتعلم التفويض" .
ومع ذلك، يبدو التفويض بالنسبة للعديد من القادة وكأنه شيء يدركون أن عليهم القيام به، ولكنهم لا يفعلون. وغالباً ما تبدأ العوائق لدى كبار المسؤولين. يصارع كبار القادة في أغلب الأحيان لمعرفة ما يمكنهم تفويضه ويمكن أن يكون مفيداً لهم في الواقع، أو كيفية تفويض المسؤولية وليس فقط المهام، أو ماهية المسؤوليات التي يمكن أن توفر فرصة للتعلم والنمو بالنسبة للمسؤولين الآخرين في المستويات الأدنى. وعلاوة على ذلك، قد لا يكون لدى كبار المديرين التنفيذيين (على غرار غيرهم من المسؤولين في الشركة) نماذج يحتذى بها ليتبينوا كيف يفوِّضون بطريقة ناجعة. وبطبيعة الحال، ثمة خطورة محتملة على سمعتهم. هل سيجعلهم التفويض يبدون وكأنهم لا يعرفون لوازمهم، أو أنهم يتوانون من تلقاء أنفسهم؟
أما عندما لا يستطيع كبار القادة في الشركات أن يفوِّضوا أو لم يفوِّضوا، فإن ثقافة التفويض ليست على ما يرام. في كتابه الذي يحمل عنوان، "فن أن نكون غير عقلانيين" (The Art To Be Unreasonable)، يكتب المؤلف، وفاعل الخير والمدير التنفيذي الملياردير إيلي برود "إن عدم القدرة على التفويض هي واحدة من أكبر المشكلات التي أراها في المدراء على جميع المستويات".
إذاً قبل أن يتمكن القادة من التفويض بنجاح وفاعلية، فهم بحاجة إلى فهم ممانعتهم تجاه ذلك. في كتابهما "المناعة ضد التغيير: كيفية التغلب عليها والكشف عن الإمكانيات الذاتية في نفسك وتلك التي في شركتك" (Immunity to Change: How to Overcome It and Unlock the Potential in Yourself and Your Organization)، اقترح أستاذَا كلية التربية بجامعة هارفارد روبرت كيغان وليزا لاهي أن يحدد القادة هدفهم ثم يصفون السلوكيات التي تعطل جهودهم. قد يرغب أحد كبار مسؤولي المبيعات، على سبيل المثال، تفويض مكالمات المتابعة مع العملاء الكبار لفريق المبيعات التابع له، ولكنه يدرك أنه لم يُحدّث ملاحظاته في قاعدة البيانات نظام إدارة علاقات الزبائن، أو ربما يكون ببساطة معتاداً على إجراء مكالمات المتابعة بنفسه قبل أن يتمكن أعضاء الفريق من التواصل معهم.
ثم يقترح كيغان ولاهي أن يفحص القادة هذه السلوكيات ويسألون أنفسهم كيف سيكون شعورهم إذا ما فعلوا العكس. وماذا لو كان تحديث قاعدة البيانات لنظام إدارة علاقات الزبائن في الوقت المناسب يعني إيقاف الأنشطة الأخرى الأكثر أهمية؟ وماذا لو أن عدم الاتصال بالعملاء يعني أنهم شعروا بالتجاهل أو عدم الاحترام، ونقلوا أعمالهم إلى مكان آخر؟ تعمل هذه المخاوف على تنشيط "الجهاز المناعي العاطفي"، الذي يعمل على إبعاد مشاعر الخوف والارتباك وفقدان السيطرة وخيبة الأمل. ولكي يبدأ القائد الأعلى التفويض ويلتزم به، فإنه بحاجة إلى معالجة هذه المشاعر وتحدي افتراضاته الخاصة حول "ماذا لو" ويختبر تجارب تفويض بسيطة وقليلة المخاطر لمعرفة ما إذا كانت افتراضاته لها أساس في الحقيقة أم أنها الرغبة في السلامة. وعلاوة على ذلك، يجب على أعضاء الفريق الذين فُوِّضت إليهم المهام القيام بعملية مماثلة لتحديد اهتماماتهم وتحدي افتراضاتهم حول ما قد يحدث إذا تولوا مهام وأدوار ومسؤوليات جديدة.
بمجرد أن يبدأ القائد في تغيير طريقة تفكيره، يكون الوقت قد حان للبدء في تغيير السلوكيات. خلال عملي كمدرب للقيادة، حددت ثمانية ممارسات للقادة الذين يقومون بالتفويض الناجح:
- يختارون الشخص المناسب -ولا يتعلق الأمر دائماً بمن يمكنه القيام بذلك. من يحتاج لتطوير هذه المهارات؟ من لديه القدرة؟ من أظهر الاهتمام؟ من هو المستعد للتحدي؟ من يرى هذا التفويض كمكافأة؟ يشرح المفوِّضون الناجحون أيضاً سبب اختيارهم لأشخاص بحد ذاتهم لتولي المهام.
- كما أنهم شفافون بشأن ما يُسأل عنه الشخص وبمقدار الاستقلالية التي يتمتع بها. في كتاب "القيادة: العلم المدهش حول ما يحفزنا" (Drive: The surprising Science About What Motivates us)، كتب دانيال بينك (Daniel Pink) أن الناس غالباً ما يريدون الاستقلالية في التحكم المهمة والفريق والتقنية والوقت. ويتيح المفوِّضون الناجحون لأعضاء فريقهم أن يعرفوا تماماً أين يمكن أن يتمتعوا بالقرار المستقل وأين لا يمكنهم ذلك (بَعدْ).
- إنهم يصفون النتائج المرجوة بالتفصيل. يتضمن ذلك تحديد توقعات واضحة حول النتيجة (ماذا يكون ذلك)، وكيف تنسجم المهمة مع الصورة الأكبر (لماذا نفعل ذلك)، ومعايير لقياس النجاح (كيف يجب أن تبدو عندما تتم العملية على أكمل وجه).
- ويتأكدون أن أعضاء الفريق يمتلكون الموارد التي يحتاجونها لأداء المهمة، سواء تمثل ذلك في التدريب أو المال أو اللوازم أو الوقت أو المساحة الخاصة أو الأولويات المعدلة أو المساعدة من الآخرين.
- حيث يضعون نقاط تفتيش ومعالم ونقاط اتصال للتعليقات حتى لا يتشتتوا بإدارة التفاصيل الصغيرة ولا يتدخلوا بشؤون القادة.
- كما أنهم يشجعون أعضاء الفريق على ابتكار طرق جديدة لتحقيق الأهداف. فمن المهم للمفوِّضين أن يضعوا جانباً ارتباطهم بالطريقة التي تمت بها الأمور بالماضي، حتي يتمكنوا من تشجيع الأساليب الجديدة الناجعة والاعتراف بها ومكافأتها.
- إنهم بهذه الأفعال يخلقون بيئة محفزة. ويعرف المفوِّضون الناجحون متى يجب التشجيع والتوجيه والتدخل والتراجع وضبط التوقعات وإتاحة أنفسهم للمساعدة عند الحاجة والاحتفال بالنجاحات.
- كما ويتسامح المفوِّضون مع المغامرات والأخطاء، ويستخدمونها كفرص للتعلم، وليس كدليل على أنه ينبغي عليهم عدم التفويض في المقام الأول.
إذاً تساعد عملية التفويض بشكل جيد القادة على زيادة مواردهم إلى الحد الأقصى، وضمان تركيزهم على أولوياتهم العليا، والعمل على تطوير أعضاء فريقهم، وخلق ثقافة لا يكون التفويض فيها مجرد توقع، بل جزءاً لا يتجزأ من الثقافة.