26‏/11‏/2020

لماذا تحتاج المنطقة العربية إلى تغيير طرق دعم المجتمع المدني؟ 2020

 



اجتاح وباء فيروس كورونا المستجد "كوفيد -19" العالم ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي تحاول الحكومات إبطاء وتيرة انتشاره بدرجات متفاوتة من النجاح. وباتت القيود الحالية المفروضة على الحركة مقبولة إلى حد كبير باعتبارها ضرورة أملتها الظروف الطارئة، على الرغم من الأضرار الاقتصادية التي لحقت بالمنطقة، ومع ذلك، فثمة غموض هائل يشوب الأثر السلبي للجائحة على المجتمعات الأكثر هشاشة في المنطقة ومؤسسات المجتمع المدني التي تلبي احتياجات أفرادها.

احصلوا اليوم على آخر الإصدارات المطبوعة (الإصدار المزدوج 26-27) والاشتراك السنوي المميز الذي يتضمن إصداراتنا المطبوعة.

فقد كشف استقصاء شاركت به، وأُجري مؤخراً لـ 26 مؤسسة من مختلف دول المنطقة عن سوء أحوال اللاجئين والأسر منخفضة الدخل والأفراد الأكثر عرضة للتأثر بخطر الوباء الذين يكافحون من أجل كسب قوت يومهم مع تخفيض أجورهم اليومية بسبب إجراءات الإغلاق التي امتدت على مدار الأسابيع الماضية، وهو ما أدى بالعديد منهم إلى محاولة الحصول على مساعدات نقدية وقسائم للعقاقير الطبية والأغذية، لذا ستتعرض مؤسسات المجتمع المدني في المنطقة لخطر التعثر ونحن في أمس الحاجة إليها، ما لم تتلق دعماً إضافياً.

المجتمع المدني تحت الضغط

يمثل تراجع التمويل بسرعة هائلة التحدي الأول الذي يواجه مؤسسات المجتمع المدني، وذلك بعد أن ضاقت بها السبل التقليدية التي ضمنت لها في الماضي جمع التبرعات، مثل: فعاليات جمع التبرعات، وبيع منتجاتها وخدماتها بصورة شخصية، بالإضافة إلى التبرعات الفردية. وهكذا بات من المستحيل أن يواصل الكثير منها برامجها النقدية، ناهيك عن تلبية الزيادة الكبيرة في الطلب على الإغاثة.

كانت مؤسسات المجتمع المدني في المنطقة مثقلة بالكثير من الأعباء قبل فترة طويلة من تفشي "كوفيد -19" بسبب الأزمات الملاحقة مثل الحرب التي تدور رحاها منذ أمد طويل في سورية، وهشاشة الأوضاع الاقتصادية وتردي مستوى الخدمات الاجتماعية في دول مثل لبنان والعراق والتي أثقلت كاهل المؤسسات الصغيرة بمسؤوليات جسيمة في المجتمعات منخفضة الدخل. تعمل العديد من هذه المؤسسات الآن في المجتمعات التي تضررت بشدة نتيجة الآثار الاقتصادية السلبية لتفشي وباء "كوفيد -19".

يواجه المجتمع المدني الآن تحدياً وجودياً، ففي حين قدمت الحكومات في الدول المتقدمة مثل كندا وأستراليا حزم مساعدات لمواجهة تداعيات تفشي فيروس "كوفيد -19" وقدمت إعانات لدفع الرواتب والمنح وغيرها من المزايا للمنظمات غير الربحية، تكافح مؤسسات المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للحفاظ على موظفيها وتغطية نفقاتها التشغيلية الأساسية.

يتمثل التحدي الثاني في تكييف خدماتها، حيث تدرك مؤسسات المجتمع المدني أنه يجب عليها رقمنة عملياتها استجابة للتداعيات المباشرة لتفشي فيروس "كوفيد -19″، حيث يقدم بعضها إرشادات وتعليمات على الإنترنت، بينما يحاول البعض الآخر إرسال المساعدات النقدية إلى المستفيدين "غير المسجلين" من خلال الدفع عبر الهاتف الجوال وجمع الأموال من خلال حملات التمويل الجماعي.

ومع ذلك، مثلما تبذل هذه المؤسسات هذه الجهود الرائعة للتأقلم مع التحديات الحالية، لا بد من الإقرار بأن بعض هذه التغييرات على الأقل تأخرت كثيراً ويجب الإبقاء عليها. إذ يتعين على مؤسسات المجتمع المدني أن تحافظ على روح الابتكار في مرحلة ما بعد "كوفيد -19" لتنمو بشكل أقوى، ولكن هذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تأقلمت الجهات المانحة وداعموها مع هذه الأوضاع.

طرق جديدة لدعم مؤسسات المجتمع المدني

إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حاجة ماسة إلى نهج جديد يتصف بالجماعية والقدرة على الابتكار في التعامل مع المجتمع المدني، نهج يرتقي لمستوى التحديات الناجمة عن هذا الوباء. ففي الوقت الذي تركز فيه الحكومات على الحد من انتشار المرض والضغط على القطاع الصحي، يجب على الأفراد والمؤسسات وشركات القطاع الخاص أداء الدور المنوط بها أيضاً، يجب أن تتكاتف جهودهم على المستويين الوطني والإقليمي لتقديم تمويل عاجل لمؤسسات المجتمع المدني ومساعدتها على الحد من الآثار المدمرة للوباء على الفئات الأكثر هشاشة في المنطقة.

ويمكن للجهات المانحة التي تعاني من ضائقة مالية أن تقدم مساهمات عينية قيّمة في صورة منتجات ونقل المهارات، على الرغم من احتياج مؤسسات المجتمع المدني والمجتمعات التي تخدمها إلى المساعدة المالية في المقام الأول. يمكن للشركات، على سبيل المثال، إقراض موظفيها للمساعدة في مواجهة أهم التحديات التشغيلية الجديدة، وتقديم التدريب على المهارات الرقمية، والتبرع بأجهزة الكمبيوتر أو البرامج أو إتاحة الإنترنت مجاناً.

ويمكن للقطاع الخاص أن يواصل أداء دوره المهم في دعم المجتمع المدني وإجراء التغييرات اللازمة لتعزيز قدرته المؤسسية لضمان استدامته على المدى الطويل بمجرد انحسار الأزمة. إذ تحتاج مؤسسات المجتمع المدني إلى الدعم المالي وإلى الدراية الفنية وشبكات العلاقات والخبرة التكنولوجية. ويجب أن يتكاتف القائمون عليها ليبدؤوا فصلاً جديداً لاستكشاف آليات التمويل التي تستفيد من مختلف الموارد وتهتم بالنتائج في الأساس. يجب بذل كل جهد ممكن من الجانبين لتجنب العودة إلى أساليب التمويل قصيرة الأجل والعشوائية التي يجري اتباعها حالياً وتتسبب في بقاء مؤسسات المجتمع المدني على حافة الانهيار.

إن قدرة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تحمل تداعيات "كوفيد -19" وآثارها على المجتمعات الأكثر ضعفاً، ومواجهة التحديات الأخرى، مشروطة بمدى دعمها للمجتمع المدني، إذ يعتمد عليها ملايين العرب من أيتام ولاجئين ومسنين وأصحاب الهمم وأرامل وعاطلين عن العمل.

05‏/11‏/2020

نموذج "بيرما " في الإدارة

 

بوصفي أستاذاً في قسم برامج التطوير المهني بالتعليم المستمر في جامعة هارفارد، فقد رأيت أساليب إدارية أكثر من أي شخص عادي. يحاول معظم المدراء الذين ألتقي بهم رفع الإنتاجية والربحية إلى حدودهما القصوى، وبرأيي هم أبعد ما يكون عن تحقيق هدفهم. كيف أثبت صحة رأيي هذا؟ وما هو نموذج "بيرما – في" في الإدارة؟ لننظر إلى حقيقتين، وأرجو منك مقاربتهما مع نفسك:

احصل مجاناً على دراسة حالة من خبراء كلية هارفارد للأعمال بعنوان "هل من الصحيح إعادة توظيف من ترك العمل لديك؟"، حملها الآن.

الحقيقة الأولى: عندما تكون شديد الاندماج والحماس في عملك، فستبذل أقصى جهد لديك. ستكون متلهفاً للذهاب إلى العمل، وتشعر بالنشاط والرضا في نهاية اليوم، وتشعر بالحماس وتبدع في عملك وتحبه كثيراً لدرجة أنك لا تشعر بمرور الوقت. أطلق عالم النفس ميهالي تشيكزنتميهالي على هذا المفهوم في علم النفس اسم "التدفق" (Flow)، وهو حالة ذهنية تتمثل في التركيز الشديد في العمل وتؤدي إلى رفع الإنتاجية. عندما تكون في حالة "التدفق"، تكون في نقطة الاتصال المثلى مع تحدّ يجذبك بشدة وتتمتع بالمواهب اللازمة للتغلب عليه. مررنا جميعنا بحالة التدفق. وعندما ينغمس الموظفون والفرق في حالة التدفق، يتم رفع الإنتاجية والربحية إلى حدودهما القصوى.

الحقيقة الثانية: 85% من الموظفين في العالم لا يعملون في حالة التدفق. تشير البيانات الأخيرة التي أصدرتها مؤسسة "غالوب" (Gallup) عن اندماج الموظفين إلى أنه عالمياً، 15% فقط من الموظفين مندمجون فعلياً في مكان العمل. يتم تعريف الاندماج الفعلي بأنه انغماس الموظفين في عملهم بشدة وشعورهم بالحماس تجاهه وتجاه مكان العمل. هذا ما يسمى "الملكية النفسية"، وهو يحفز الأداء والابتكار ويساعد المؤسسة على التقدم. هذا هو التدفق.

%18 من الموظفين في العالم غير مندمجين فعلياً في العمل. يشعر هؤلاء الموظفون بالاستياء بسبب عدم تلبية احتياجاتهم ويتصرفون بدافع من شعورهم بالتعاسة، فيقومون يومياً بالحط من شأن ما ينجزه زملاؤهم المندمجون ويشتكون أمام كل من يستمع إليهم. 67% من الموظفين المتبقين ليسوا مندمجين. يشعر هؤلاء الموظفون بأنهم منفصلين نفسياً عن عملهم وشركاتهم. وبسبب عدم تلبية احتياجات اندماجهم تماماً، فهم يبذلون الوقت فقط في العمل، من دون صب طاقتهم أو شغفهم فيه. وعلى الرغم من أن بيانات الموظفين في الولايات المتحدة أفضل بدرجة كبيرة، (في شهر يوليو/تموز من عام 2020، كان 40% من موظفي الولايات المتحدة مندمجين في مكان العمل، في حين كان 13% منهم غير مندمجين فعلياً)، فإن 60% منهم لا ينغمسون في حالة التدفق.

يكمن الجانب المشرق من هذه البيانات المرعبة في الفرص المتاحة. ماذا لو كان بالإمكان تحويل الموظفين غير المندمجين فعلياً في العالم، والذين تبلغ نسبتهم 85%، إلى موظفين مندمجين في مكان العمل؟ يكمن الجواب في النهج الجديد نسبياً في علم النفس والذي يسمى "علم النفس الإيجابي".

نشأة مصطلح "بيرما"

مؤسس علم النفس الإيجابي هو الدكتور مارتن سيليغمان، الأستاذ في جامعة بنسلفانيا، وهو يركز في عمله على رفاهة الأفراد. أنشأ الدكتور سيليغمان نموذجاً يضم خمسة محاور للرفاهة، أطلق عليه اسم "بيرما" (PERMA). "بيرما" هي اختصار مؤلف من الأحرف الأولى للمحاور الخمسة باللغة الإنجليزية، وهي: العواطف الإيجابية (Positive Emotions)، والاندماج (Engagement)، والعلاقات (Relationships)، والمعنى (Meaning) والإنجاز (Accomplishment). وإذا كنت كفرد تتمتع بمحاور "بيرما" الخمسة جميعها، فعلى الأغلب أنك تتمتع بالرفاهة.

تعرف الباحثة في مجال الإيجابية، باربرا فريدريكسون، العواطف الإيجابية على أنها مشاعر الفرح والامتنان والهدوء والاهتمام والأمل والفخر والتسلية والإلهام والدهشة والحب. إذا كنت تعيش هذه المشاعر كلها كثيراً، فأنت تتمتع بالمحور الأول (P) "العواطف الإيجابية".

الاندماج هو التدفق. هل تقوم بعمل يشكل تحدياً لك، وتقوم به على نحو جيد لدرجة أنك تفقد الإحساس بالوقت؟ إذا كان جوابك هو نعم، فأنت تتمتع بالمحور الثاني، (E) "الاندماج".

المحور الثالث هو (R) "العلاقات". إذا كانت لديك علاقات داعمة أو مُحبة في حياتك، فأنت تتمتع بمحور العلاقات.

المحور الرابع هو (M) "المعنى". إذا كان لديك مغزى وهدف من حياتك، فأنت تتمتع بمحور المعنى.

والمحور الخامس هو (A) "الإنجاز". وهو أي إنجاز مهما كان، بدءاً من الفوز في لعبة فيديو، وصولاً إلى الفوز بجائزة نوبل.

"بيرما" هو نموذج رفاهة الأفراد والمؤسسات تتألف من الأفراد

ما أقترحه في هذه المقالة هو تطبيق نموذج "بيرما" على الموظفين في المؤسسة. وإذا كان موظفوك يتمتعون بمحاور "بيرما"، فأنا أعتقد أن عدداً كبيراً من الموظفين غير المندمجين أو غير المندمجين فعلياً (الذين تبلغ نسبتهم 85%) سيتحولون إلى موظفين مندمجين فعلياً لينضموا إلى المجموعة الأخرى (15%). وستكون احتمالات الزيادة في الإنتاجية والاندماج في العمل هائلة.

لكن، يجب ألا ننسى المحور الإضافي في نموذج "بيرما – في" (PERMA-V). الدكتور مارتن سيليغمان هو أستاذي في الحقيقة، وأنا الآن ملتحق ببرنامج شهادة الماجستير في علم النفس الإيجابي التطبيقي في جامعة بنسلفانيا للعام الدراسي 2020. في اليوم الدراسي الأول، سألت الدكتور سيليغمان عن الصحة في نموذج "بيرما". فبرأيي، من الصعب على المرء أن يتمتع بالرفاهة عندما يعاني من ألم جسدي، وتذكرني آلام الظهر المزمنة لدي أن الصحة مهمة. أقر الدكتور سيليغمان بالفعل أنه تلقى بعض الآراء والتقييمات من خريجة سابقة من جامعة بنسلفانيا، وهي إيميليا زيفوتوفسكايا، التي يُنسب إليها إضافة المحور الإضافي "V" إلى نموذج "بيرما". يدل المحور "V" إلى الحيوية (Vitality)، وهو العنصر المرتبط بالصحة في الرفاهة.

أقترح أن تتعرف المؤسسات على نموذج "بيرما – في" بوصفه نموذجاً يزيد اندماج الموظفين. فلنستكشف طريقة تطبيقه في مؤسستك.

بداية، يساعد النموذج الجديد المدراء في اكتشاف مكامن القوة لدى موظفيهم، ومطابقة المهمات المؤسسية مع مكامن قوة الموظف واهتماماته. وهذه هي أسرع طريقة لدخول الموظفين إلى حالة التدفق مباشرة.

الخطوة الثانية هي إنشاء سياسات في الشركة تضمن إدخال جميع محاور "بيرما" إليها. فلنلق نظرة إلى بعض السياسات التي يمكنك إدخالها إلى شركتك.

سياسات يمكنك إدخالها إلى شركتك

العواطف الإيجابية: عندما يكون قسم ما بحاجة إلى موظف جديد، تتصل إدارته عادة بقسم الموارد البشرية الذي يعمل على تحديد المرشح المناسب وتعيينه في الشاغر لدى القسم الأول. لننظر إلى ممارسة مختلفة تتبعها بعض المؤسسات في عملية التوظيف، إذ تسمح لموظفي القسم الحاليين اتخاذ القرار النهائي في اختيار المرشحين. يمكن لقسم الموارد البشرية القيام بالعمل الصعب والعثور على مجموعة مرشحين، ثم يتخذ موظفو القسم الحاليون القرار النهائي. تنتج عدة فوائد عن هذا الأسلوب. إذ يشعر الموظفون بأنهم يتمتعون بالقيمة ويحظون بالتقدير وأن رأيهم مهم. إلى جانب فائدة متمثلة في رؤية مدى انسجام المرشحين مع المجموعة. وقد يلاحظ أحد أفراد الفريق الحالي ميزة مهمة في الموظف الجديد المحتمل لم ينتبه لها الآخرون. وأخيراً، يمكن أن يبذل الموظفون جهداً أكبر لضمان نجاح الموظف الجديد، بما أنهم هم الذين قرروا ضمه إلى الفريق.

الاندماج: يمكن للمدراء مطابقة المهمات المؤسسية مع مكامن قوة الموظفين، كي يتمكن الموظفون من إتقان العمل والتمتع بالاستقلالية وامتلاك غاية فيه. أجرى دانييل بينك أبحاثاً مكثفة على اندماج الموظفين وإنتاجيتهم، وتشير نتائج أبحاثه إلى أنه كلما ازداد تمتع الموظف بعناصر الإتقان والاستقلالية والغاية أكثر، ازداد انسجامه في العمل. بوصفك مديراً، وبدلاً من ممارسة الإدارة التفصيلية على موظفيك، يمكنك ببساطة أن توجه لهم تعليمات ومواعيد نهائية واضحة مع جعلهم يفهمون جيداً أن بابك مفتوح لهم في أي وقت يحتاجون فيه إلى المساعدة. هذا يساعد المدراء على امتلاك مزيد من الوقت لإدارة مزيد من الموظفين.

العلاقات: شجع على بناء علاقات ذات قيمة أكبر داخل المؤسسة وخارجها. ادع أفراد فريقك لتناول القهوة كمجموعة في الاستراحات كي يتعرف بعضهم على بعض أكثر بوصفهم بشراً يتمتعون برغبات واحتياجات ويواجهون صعوبات مشتركة. أتح للموظف اختيار عدد من الإجازات الشخصية في المناسبات التي يعتبرها مميزة، مثل أعياد ميلاد أبنائه أو عيد زواجه، كي يعرف كل موظف أنك تهتم برفاهته وعلاقاته. وهذا يؤدي إلى زيادة ولاء الموظفين.

المعنى: تشارك مع الموظفين في تصميم وظائفهم. يمكن أن يتشارك المدراء بصورة أكبر مع كل موظف لإعادة صياغة وظيفته كي تتوافق مع رسالة الشركة ومع المغزى والهدف الشخصيين للموظف في الحياة. فكلما ازداد شعور الموظفين بأهمية وظائفهم وأهميتهم عموماً، ازداد شعورهم بامتلاك معنى وهدف، ما يؤدي إلى زيادة مستوى اندماجهم وإنتاجيتهم في العمل وهذا بدوره يرفع معدلات استبقاء الموظفين.

الإنجاز: أشد بالعمل المنجز على نحو جيد وقدره بصورة دورية. واسأل الموظفين عن أسلوب التقدير الذي يفضلونه، العلني أم الشخصي، وأشد بهم عندما يقومون بعمل جيد وامنحهم تقييماً مفصلاً. احرص على أن يكون التقييم صادقاً وصحيحاً. هذا اختلاف كبير بنسبة 180 درجة عن المدراء الذين يلتزمون الصمت عادة ولا يتكلمون إلا عندما يرتكب الموظف خطأً. عندما تقدم التقييمات، أشد بما قاموا به على نحو جيد بصورة مفصلة، واذكر ارتباطه بمكامن القوة لديهم وبرسالة الشركة كي يتمكنوا من فهم ما قاموا به على نحو جيد والسبب الذي يجعله جيداً. فذلك سيضمن امتلاكهم صورة واضحة عن الطريقة التي يجب اتباعها من أجل تكرار الأعمال الجيدة المماثلة.

الحيوية: الموظفون الأكثر سعادة يتمتعون بصحة أفضل. وتفادي المرض يعني تفادي فواتير الرعاية الصحية الباهظة. لذا، كن سخياً في تقديم الدعم المالي لتوفير الطعام الصحي في مقصف الشركة؛ وقدم جلسات جماعية لممارسة اليوغا والتوعية الصحية، سواء كانت مجانية أو بدعم مالي من الشركة، أو ادفع تكاليف العضوية في النادي الرياضي وشجع الموظفين على ممارسة الرياضة معاً والتواصل خارج مكان العمل.

هذا مجرد نموذج صغير عن طريقة تطبيق نموذج "بيرما – في" في مؤسستك. أدعوك وأشجعك على الاستفادة من ثروة الإبداع التي يملكها جميع موظفيك من خلال تعريفهم على نموذج "بيرما – في"، وخصص بعضاً من وقت المؤسسة للمشاركة في جلسات توليد الأفكار (العصف الذهني) معهم من أجل الحصول على اقتراحات كل منهم حول السياسات الجديدة المبنية على نموذج "بيرما – في" كي تعمل على ترسيخها في ثقافة شركتك. إن الفوائد المحتملة لتحفيز اندماج 85% من أماكن العمل في العالم هائلة، والأفضل هو أن معظم هذه الأساليب لا يكلف شيئاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﻘوق ﻣﺣﻔوظﺔ ﻟﺷرﻛﺔ ھﺎرﻓﺎرد ﺑزﻧس ﺑﺑﻠﯾﺷﻧﻎ، ﺑوﺳطن، اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣﯾرﻛﯾﺔ - 2020

لاصحاب الاعمال - هل من الصحيح إعادة توظيف من ترك العمل لديك؟.pdf

 احصل مجاناً على دراسة حالة من خبراء كلية هارفارد للأعمال بعنوان "هل من الصحيح إعادة توظيف من ترك العمل لديك؟"، حملها الآن


.

الخطوات التي يتعين عليك اتخاذها عندما تبدأ في الشعور بالاحتراق الوظيفي

 

الإحساس بالاحتراق الوظيفي مؤلم. وعندما تشعر بالاحتراق الوظيفي في عملك تشعر بأنك تتضاءل، وكأن جزءاً منك قد توارى. وتصبح التحديات، التي كانت في السابق من الممكن التعامل معها، عصيِّة صعبة. إنه الوجه الآخر المناقض لمعنى الارتباط بالعمل. فالموظف الملتزم نشيط ومنخرط وذو أداء عال، بينما يكون الموظف المحترق وظيفياً مرهقاً ومتذمراً ومقهوراً.

أبعاد الاحتراق الوظيفي

وتُظهر الأبحاث أن الاحتراق الوظيفي له ثلاثة أبعاد: التعب العاطفي وتبدد الشخصية والتقدير الذاتي المتدني. فعندما تكون متعباً نفسياً لا تشعر بأنك مستنزف من الناحية العاطفية فقط، ولكن أحياناً تشعر أن الاستنزاف وصل إلى جسدك وفكرك أيضاً. كما أنك لا تستطيع التركيز، وتغضب وتضطرب بسهولة، وتمرض كثيراً، وتواجه صعوبات في النوم. ويتجسد تبدد الشخصية في مشاعر اللامبالاة والارتياب تجاه الأشخاص الذين تتطلب منك وظيفتك التفاعل معهم. وقد لخص أحد عملائي في مجال التدريب هذه المسألة كما يلي: "أشعر وكأنني أشاهد نفسي في مسرحية. أعرف دوري، وأستطيع استظهار السيناريو، لكنني ببساطة لا أكترث". وأسوأ ما في هذا الأمر هو أنك لا تجد طريقة مجدية للخروج من مأزقك، على الرغم من أنك لا تستطيع تخيل بقائك على هذا الحال مدة أطول.

إن هذا البعد الثالث من الاحتراق الوظيفي، أي التقدير المتدني للذات، هو الذي يحصر الكثير من الموظفين في وضعيات المعاناة. فعندما تنهك بشدة، تتراجع قدرتك على الأداء، وتتراجع كذلك ثقتك بنفسك. وقد تتطور الأمور بشكل خبيث فيسيء بعض أصحاب العمل فهم الموظف الذي يعاني من الاحتراق الوظيفي، ويعتبرونه موظفاً غير متعاون وضعيف الأداء بدلاً من اعتباره في أزمة. وعندما يحدث ذلك فمن المستبعد أن تحصل على الدعم الذي تحتاجه بشدة.

تبين الأبحاث أن الاحتراق الوظيفي يبرز عندما تتجاوز الطلبات التي يواجهها الموظفون في العمل الموارد التي تتوفر لديهم للاستجابة لها. وتعتبر بعض أنواع الطلبات أكثر تسبباً في إرهاق الموظفين إلى درجة الاحتراق الوظيفي، خصوصاً أعباء العمل الثقيلة والضغوطات الشديدة والتوقعات غير الواضحة أو المتضاربة. فالبيئة التفاعلية المؤذية، سواء ظهرت في سلوكيات عرقلة الآخرين أو الغدر أو المعاملة الفظة أو ضعف الثقة، تعتبر بيئة خصبة للاحتراق الوظيفي، لأنها تتطلب الكثير من الجهد النفسي للتعامل مع الموقف وحده. كما أن صراع الأدوار الذي يبرز عندما تتعارض تطلعاتك إلى أحد المناصب المهمة بالنسبة لك مع تطلعات آخرين، يزيد ذلك أيضاً من خطر الاحتراق الوظيفي. وقد يحدث هذا على سبيل المثال عندما تحول متطلبات عملك دون قضاء بعض الوقت مع أحبائك وتجعله أمراً مستحيلاً، أو عندما تتصادم طريقة التصرف المنتظر منك مع شعورك بذاتك.

وإذا كنت تعتقد أنك تعيش حالة الاحتراق الوظيفي، فلا تتجاهل الأمر، لأنه لن يزول وحده. فانعكاساته على الأفراد خطيرة، وتشمل أمراض الشريان التاجي وارتفاع ضغط الدم ومشكلات الجهاز الهضمي والاكتئاب والقلق، وتزيد من النزاعات الأسرية والزوجية، والعزلة والشعور بعدم الجدوى وتدني التطلعات المهنية. كما أن كلفته على أصحاب العمل تشمل تدني الأداء والتغيب والدوران الوظيفي وارتفاع مخاطر حوادث العمل وانخفاض الالتزام والمعنويات، والارتياب تجاه الآخرين وتدني الرغبة في مساعدتهم.

خطوات التعافي من الاحتراق الوظيفي

وللتعافي من هذا الاحتراق الوظيفي، من المهم أن نفهم أنه أساساً حالة استنزاف للموارد. وهذا يعني أنه لا يمكنك التغلب على الاحتراق الوظيفي لمجرد أنك قررت "تمالك نفسك"، مثلما أنك لا تستطيع الاستمرار في قيادة سيارتك الفارغة من الوقود فقط لأنك تود العودة إلى البيت. ويتطلب التعافي من الاحتراق الوظيفي ومنع تكراره ثلاثة أمور: تجديد الموارد المفقودة وتجنب المزيد من استنزافها وإيجاد أو خلق ظروف غنية بالموارد للسير قُدماً. وتعتبر العديد من الموارد حيوية لأدائنا ورفاهيتنا، بداية من الصفات الشخصية كالمهارات والثبات الانفعالي والصحة الجيدة، وصولاً إلى علاقات الزمالة الداعمة والاستقلالية والتحكم داخل العمل والتقييم البنّاء، كما أن لهذه الموارد دخل في القضايا التي تؤثر علينا، وفي شعورنا بأن عملنا يخلق الفارق. حاول إذاً اتخاذ هذه الخطوات لمواجهة الاحتراق الوظيفي:

أعط الأولوية للعناية بنفسك من أجل تجديد مواردك الشخصية. وابدأ بتحديد موعد مع طبيبك والحصول على تقييم طبي موضوعي. ولهذا فإنني عادة ما أحث العملاء على أخذ العبرة من تعليمات السلامة التي تقدم في بداية كل رحلة طيران، والتي تطلب من الركاب "تأمين قناع الأوكسجين الخاص بهم أولاً قبل مساعدة الآخرين". بعبارة أخرى، إذا أردت أن تكون قادراً على الأداء فعليك أن تعزز قدرتك على ذلك. أعط الأولوية أيضاً لعادات النوم الجيد والتغذية والتمارين الرياضية والتواصل مع الناس الذين تستمتع بمرافقتهم، والممارسات التي تزيد الشعور بالهدوء والرفاهية، كالتأمل وكتابة اليوميات وجلسات العلاج بالتحدث أو أن تلجأ ببساطة إلى الانعزال وحدك لفترة من الوقت تمارس فيها نشاطاً ممتعاً.

حلِّل موقفك الحالي. فربما تعرف أصلاً ما يجعلك تحترق وظيفياً. وإذا لم تكن تعرف فحاول أن تتتبّع كيفية قضاء وقتك خلال أسبوع واحد (يمكنك أن تفعل ذلك كتابة إما على جدول بيانات، أو على أحد التطبيقات المتوفرة حالياً والخاصة بتتبع الجدول). وسجل ما تفعله ومع من تكون وبماذا تشعر في كل حيز زمني (على سبيل المثال على مقياس من 1 إلى 10، 0 تساوي غاضب أو قلق، و10 تساوي أنك فرح ونشيط)، وكذلك درجة قيمة النشاط الذي تمارسه. إذ يمنحك هذا الأمر أساساً لتقرر ما هي المجالات التي يجب أن تحدث فيها تغييرات سيكون لها تأثير كبير. ثم تصور أنك تملك مقياساً للطاقة تستطيع من خلاله التعرف على المستوى الذي بلغته مواردك الشخصية (الجسدية والنفسية والعاطفية) وقتما شئت. إن المبدأ الأساسي المستفاد إذاً هو الحد من تعرضك للمهام والأشخاص والمواقف التي تستنزفك، وزيادة احتكاكك بتلك التي تجدد مواردك.

قلّل من التعرض لضغوطات العمل. قد تسمح لك وضعيتك بالتقليل من أعباء العمل وساعاته، أو الابتعاد عنه لبعض الوقت. اترك الأنشطة الثانوية والمحبطة جداً ما أمكنك ذلك، مسترشداً بتحليلك للوقت المستهلك في العمل ولمستوى الحالة النفسية والطاقة المرتبطين به وكذلك لقيمة النشاط. وإذا وجدت أن بعض العلاقات مع بعض الأشخاص بعينهم تستنزفك، فقلل من الاحتكاك بهم. فكّر فيما إذا كانت لديك ميول للهوس بالكمال، فإذا كنت كذلك فإن التخلص منها بوعي سيقلل من مستوى توترك. وفوض للآخرين الأعمال التي ليس من الضروري أن تقوم بها شخصياً. ثم التزم بالانقطاع عن العمل ليلاً وفي إجازات نهاية الأسبوع.

عظِّم موارد العمل. أعط الأولوية لقضاء الوقت في الأنشطة ذات القيمة العالية والأكثر تنشيطاً لك. وتواصل مع الأشخاص الذين تثق بهم وتستمتع بالعمل معهم. وابحث عن طرق للتفاعل أكثر مع الأشخاص الذين تجدهم محفزين لك. وتحدث مع مديرك عن الموارد التي تحتاجها للأداء خلال ذروة عملك. وإذا كنت تفتقر إلى مهارات معينة على سبيل المثال، أطلب التدريب والدعم لتعظيم الأداء، كأن تطلب تقييماً وإرشاداً منتظمين من طرف شخص يتمتع بالكفاءة. ثم تبادل الأفكار مع زملائك حول طرق تعديل إجراءات العمل لتمكين كل الموظفين من الموارد الكافية. كما يمكنك على سبيل المثال إنشاء "نظام إنذار مبكر" يطلب من خلاله الموظفون المساعدة بمجرد أن يكتشفوا أنهم سيتجاوزون الأجل المحدد لعمل ما. ويمكنك أيضاً أن تقبل التحقق بانتظام من المستوى الذي بلغته موارد الفريق بكامله، واتخاذ الإجراءات لتجديدها عندما تنخفض.

استغل الفرصة لإعادة التقييم. تدخل بعض أمور عملك ضمن نطاق قدرتك على تغييرها، بينما تظل أمور أخرى خارج نطاق هذه القدرة. فإذا كانت ثقافة المؤسسة التي تعمل بها تعرف على سبيل المثال طغيان المعاملة الفظة، فمن المستبعد تماماً أن تحقق النجاح في مواجهة الاحتراق الوظيفي. وإذا لم يكن لمحتوى العمل أي علاقة باهتماماتك الأساسية، فإن إيجاد عمل آخر أكثر جدوى قد يكون خطوة مهمة في طريق النجاح. إذ ليس هناك عمل يستحق التضحية بصحتك أو سلامتك أو روحك. ولهذا يمثل الاحتراق الوظيفي بالنسبة للكثيرين الرافعة التي تحفزهم على أخذ استراحة ومراجعة النفس وخلق مسار مهني أكثر إرضاء من الذي كانوا قد تخيلوه في السابق.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﻘوق ﻣﺣﻔوظﺔ ﻟﺷرﻛﺔ ھﺎرﻓﺎرد ﺑزﻧس ﺑﺑﻠﯾﺷﻧﻎ، ﺑوﺳطن، اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣﯾرﻛﯾﺔ - 2020

مشاركة مميزة

تجربة الفئران

  هو إيه ممكن يحصل لو جبنا شوية فئران وحطيناهم في مكان يشبه الجنة، ويكون متوفر فيه كل ما لذ وطاب للفئران ..؟! بمعني إن ميكنش لهم أي أعداء من...

الأكثر مشاهدة