29‏/12‏/2016

تلخيص كتاب “أصول إدارة الحوارات الشائكة” ج 3


حدد مسارك 
ما إن تعمل على تعديل سلوكك لكي تخلق الظروف الملائمة لنجاح الحوار، يمكنك بعدئذٍ الاعتماد على خمس مهارات مختلفة من
شأنها أن تساعدك على التحدث في الموضوعات الشائكة وأكثرها صعوبة وحساسية.
تصف المهارات الثلاث الأولى ما يجب أن تفعله، أما المهارتان الأخيرتان فتصفان كيف يجب أن تفعله.
1- تبادل الحقائق والمعلومات: توفر الحقائق البداية الآمنة لأنها بطبيعتها غير قابلة للجدل.
مثل: ”بالأمس وصلت متأخرًا عن موعدك
بعشرين دقيقة“. هذه حقيقة لا جدال فيها. أما الاستنتاجات، فمثيرة للجدل دائمًا، مثل: ”أنت غير أهل للثقة“. هذه ليست حقيقة، وإنما إهانة وبالتأكيد هي محصلة استنتاج وقابلة للجدل. ليس عيبًا أن نختتم حواراتنا بتبادل بعض الاستنتاجات، لكننا بأي حال من الأحوال لا يجب أن نبدأ بإثارة أي نوع من الجدال والخلاف.
2- أفصِح عن استنتاجك: الحقائق وحدها نادرًا ما تستحق الحديث عنها، ولكنها مع الاستنتاجات تؤدي إلى نجاح الحوار. علاوة على ذلك، إذا اكتفيت بسرد الحقائق وحسب، فقد لا يستوعب الطرف الآخر خطورة تبعات الموقف. تأمل الحوار التالي:
– لاحظت أنك تحمل بعض برامج الشركة في
حقيبتك.
– أجل.
– ولكنها ملك للشركة!
– الشركة تستخدمها، نعم.
– ولكن حسب معلوماتي غير مسموح بنسخ أو خروج هذه البرامج من الشركة!
– هذا صحيح. (هنا يجب أن يتكون استنتاج)
– فماذا تفعل البرامج إذن في حقيبتك؟! يبدو
أنك تريدها لاستخدامك الشخصي. فهل استنتاجي صحيح؟ (لا تقل له: أنت لص أو لست أهلاً للثقة.)
3- اعرف مسار الطرف الآخر: بعد أن تنتهي من عرض رأيك – الذي ينطوي على حقائق واستنتاجات وما إلى ذلك – اطلب من الطرف الآخر أن يفعل المثل.
فإذا كان هدفك هو التعلم بدلاً من أن تكون مصيبًا أو على حق دائمًا، أو أن تتخذ القرارات السليمة بدلاً من أن تفرض رأيك، فستكون لديك النية للاستماع إلى وجهات نظر الآخرين. كما أن رغبتك في التعلم ومعرفة آراء الطرف الآخر ستعكس له مدى تواضعك.
4- لا تتردد: عندما تتحدث عن استنتاجك أمام الطرف الآخر، فاجعله يعلم أنه مجرد استنتاج محتمل، وليس حقيقة مؤكدة. وخلال ذلك، اجمع بين مشاعر الثقة بالنفس والتواضع، وتحدث بالشكل الذي يعكس ثقتك باستنتاجاتك، على أن تُظهِر في الوقت نفسه رغبتك في أن يبدي الطرف الآخر رأيه فيها أو حتى أن ينفيها. لذا، لا تقل ”الحقيقة هي أن…“ وقل بدلاً منها ”في رأيي…“. لا تقل ”الجميع يعرف أن…“ وقل ”لقد تحدثت مع اثنين أو ثلاثة من موردينا وهم يرون أن…“. الغِ عبارة ”من الواضح أن…“ واستخدم ”أنا أتساءل…“.
5- شجع الطرف الآخر على التعبير عن رأيه: عندما تطلب من الآخرين أن يتبادلوا معك آراءهم ويعرضوا أفكارهم ومقترحاتهم، فإن طريقة طلبك تحدث فرقًا كبيرًا في النتيجة. لا تكتفِ بأن تطلب منهم التحدث وحسب، بل اجعل طلبك يبين لهم أنه مهما كانت الأفكار التي يطرحونها مثيرة للجدل، فإنك تريد أن تسمعها. فالآخرون يحتاجون إلى الشعور بالثقة والأمان عندما يعرضون ملاحظاتهم واستنتاجاتهم، حتى لو كانت مختلفة، وإلا فلن يتحدثوا علانيةً ولن تتمكن من مقارنة الأفكار واختبار دقتها وفائدتها. وأحيانًا لن يصدق الآخرون الحقائق أو الاستنتاجات التي تتفوه بها، ولكنهم لن يتحدثوا عن ذلك أيضًا حتى لو طلبت منهم. تستطيع علاج هذه المشكلة بأن تبادر بإبداء قلقك أو اعتراضك على أفكارك الخاصة. مثل: ”ربما جانبني الصواب في هذا الأمر! ماذا لو كان العكس هو الصحيح؟ ماذا لو كان سبب انخفاض المبيعات هو…“.
استكشف مسارات الاخرين
كي ننتقل من التصرف بناءً على ما نشعر به إلى التحدث عن استنتاجاتنا وملاحظاتنا، يجب أن ننصت إلى الآخرين بالشكل الذي يجعلهم يشعرون بالأمان عندما يطرحون أفكارهم بحيث يتأكدوا أن آراءهم وتعليقاتهم لا تهين أحدًا وأن صراحتهم لن تعرضهم للعقاب. يتم هذا بأربع طرق:
1- الطلب: اطلب من الآخرين التعبير عن أنفسهم وآرائهم ومقترحاتهم. عندما نبدي اهتمامًا حقيقيًا بما يقوله الآخرون فإنهم نادرًا ما يلجأون إلى الصمت أو العنف. من جمل الطلب التي يمكنك استخدامها: ”أود أن أسمع رأيك عن هذا“، أو ”من فضلك أخبرني إن كنت ترى الأمر من منظور مختلف“.
2- الصورة الانعكاسية: وتعني أن نَصِف للآخرين الشكل الذي يتصرفون به. تظهر فائدة هذه الأداة عندما لا تتوافق نبرة صوت الشخص أو إيماءاته مع كلماته. مثل:
– لا تقلق. أنا بخير. (ولكنك تجده يتحدث بنبرة صوت وملامح وجه تعكس استياءه. فقد قطب حاجبيه وتجنب تلاقي الأعين وأخذ
يدق بقدمه على الأرض).
– أحقًا؟ ولكن الأسلوب الذي تتحدث به يدل على أنك مستاء بالفعل.
3- إعادة الصياغة: عندما تعرف سبب تملك مشاعر معينة من الطرف الآخر، يمكنك أن تنقل له الإحساس بالمزيد من الأمان والثقة عن طريق إعادة صياغة ما سمعته منه ولكن بكلماتك الخاصة. سوف يبعدك هذا أيضًا عن الشعور بالغضب أو التحفظ. مثل: ”دعني أتأكد إن كنت فهمت ما تقصده. أنت مستاء لأني معترض على الملابس التي ترتديها، وهذا تصرف يعكس لك أنني إنسان متسلط أو رجل تقليدي وما زلت أفكر بطريقة قديمة“.
4- التخمينات: عند الاستماع إلى محدثك، أحيانًا يكون عليك أن تخمن ما يفكر فيه أو يشعر به، وأن تساهم ببعض التخمينات في مخزون التجارب المشترك لكي يقلدك الطرف الآخر.
مثل: ”أرى أنك مستاء.هذا ما كنت سأشعر به لو كنت مكانك“.
حياتك بين يديك 
انتشرت في كتب تنمية الذات قصة عن رجل تعرض للأسر خلال حرب فيتنام. ولكي لا يصاب بالجنون، كان يتخيل أنه يلعب مباراة
جولف كاملة في ملعبه المفضل. وبعد أن فُك أسره، اتجه إلى ملعب الجولف حيث أحرز أفضل الأهداف في حياته. يستعين المؤلفون بهذه القصة ليشيروا إلى قوة الاستعداد الذهني ومدى تأثيره في تحقيق الأهداف التي ينشدها المرء.
لا شك في أن التحضير والاستعداد الذهني يمكن أن يحدثا فرقًا كبيرًا عند الشروع في التنفيذ الفعلي، إلا أنهما ليسا كافيين. إذا كنت تريد أن تحسِّن قدرتك على إدارة الحوارات الشائكة والمحرجة، فعليك أن تتدرب عليها وتمارسها كثيرًا، شريطةً أن تبدأ على الفور.
فإذا انتظرت حتى تتقن أسلوب إدارة مثل هذه الحوارات، فقد تظل مترددًا وتنتظر إلى الأبد. إدارة حوارات ناجحة وفعالة ومنتجة ليست أمرًا سهلاً، لكنها ليست أمرًا معقدًا كما يتصور بعضنا. التحاور مع الآخرين والاستماع إلى وجهات نظرهم وإقناعهم وإسماعهم هو سلوك إنساني إيجابي يحتاج لجملة من المهارات منها: الاستماع والإقناع، والسؤال والإجابة، والتفاوض والأخذ والرد، والتفهم والتفاهم، والفعل والتفاعل، والعرض والتركيز، والكتابة والقراءة، وهذه كلها مهارات تحتاج لتقنيات قابلة للتعلم. وبما أن كثيرين ممن حولك قد أتقنوها، فإنه يمكنك إتقانها وتفعيلها أيضًا.

تلخيص كتاب “أصول إدارة الحوارات الشائكة” ج 2

الجزء الثاني من تلخيص كتاب “أصول إدارة الحوارات الشائكة” تأليف: كيري باترسون وجوزيف جريني ورون ماكميلان وآل سويتزلر


كيف تدير حوارا شائكاً بأمان ؟
الخطوة الأولى لضمان نجاح الحوار هي معرفة أي عاملي الأمان التاليين يتهددهما الخطر:
❂الغاية المشتركة: وتعني أن جميع أطراف الحوار يعملون نحو تحقيق نفس الغاية وأنهم يكترثون لأهداف بعضهم بعضًا كما يكترثون
لاهتماماتهم وقيمهم، مما يعني أن الغاية المشتركة هي نقطة بدء الحوار. لذا، ابحث عن هدف مشترك حتى يصبح لديك سبب وجيه ومناخ مناسب يساهمان في نجاح الحوار. لنقل مثلاً إن رئيسك كثيرًا ما ينسى التزاماته. فكيف يمكنك إعلامه أنك لا تثق به؟ جِدْ غاية مشتركة بينكما تكون دافعًا له بحيث يصبح راغبًا في الاستماع لمخاوفك وشكوكك. على سبيل المثال، إن كانت سلوكيات المدير ستجعلك تفوت مواعيد التسليم النهائية التي يحاسبك عليها، أو تتكبد تكاليف يشتكي هو شخصيًا منها، أو تفقدمعدل الإنتاجية المطلوب، فهذه إذن غاية مشتركة مناسبة لبدء الحوار بينكما.
❂الاحترام المتبادل: الاحترام شيء مهم كالهواء الذي نتنفسه، لأنك إذا حُرمت منه، فلن تعبأ بأي شيء آخر. ما إن يستشعر الطرف الآخر إهانة أو عدم احترام منك خلال حوارك معه، فهذا يعني أن التفاعل بينكما قد حاد عن الغاية الأصلية التي جعلتكما تبدآن الحوار من الأساس، وأصبح الأمر مسألة دفاع عن الكرامة.
على سبيل المثال، إذا كنت تتحدث مع مديرين من شركتك حول مشكلة خطيرة متعلقة بجودة أحد المنتجات. فأنت من ناحية تبحث عن حل للمشكلة لأن نجاح عملك يتوقف عليها، ومن ناحية أخرى ترى أن المديرين يحصلون على أجر عالٍ رغم تدني أدائهم. عندما يقترحون بعض الحلول، قد تفلت منك إيماءة تنم عن عدم الاحترام، فينقطع الحوار بينكم وتفشل المناقشة رغم اشتراككما في غاية واحدة. بعد ذلك يبدءون في مهاجمة أفكارك، وتبدأ أنت في وصف مقترحاتهم بعبارات سلبية ومهينة. وعندما تتحول الغاية إلى مجرد إحراز النقاط والانتصار على الطرف الآخر، تكون النتيجة هي خسارة جميع الأطراف، وفشل غايتكم المشتركة بسبب غياب الاحترام المتبادل.
ماذا تفعل لإصلاح الخطأ ؟
عندما يكون الاحترام المتبادل أو الغاية المشتركة بينكما في خطر، استعن بالخطوات التالية لإنجاح
الحوار:
❂الاعتذار: عندما تقترف خطأ يؤذي الطرف  الآخر، بادر بالاعتذار لأنه تعبير صادق عن مدى أسفك لإهانته أو تأزيم الأمور. ولكي
يكون اعتذارك صادقًا، يجب أن تتغير دوافعك وأن تتخلى عن رغبتك في الفوز والانتصار عليه وأن تضحي بجزء من كبريائك وتعترف بخطئك.
❂ استخدام التضاد: خلال الحوارات الشائكة، قد يشعر الطرف الآخر بالإهانة أو أن نيتك هي هزيمته وإجباره على الاقتناع برأيك. ولكن غالبًا ما تكون الإهانة غير مقصودة. وفي هذه الحالة، ليس من الضروري الاعتذار حتى لا تبدو وكأنك غير صادق. حين يسيء الآخرون فهم قصدك، استعد ثقتهم باستخدام العبارات المتضادة التي تتناول مخاوف الطرف الآخر وتخلصه من قلقه حيال عدم احترامك له أو سوء نيتك تجاهه (النصف السلبي) وتؤكد في الوقت نفسه احترامك له وحسن نيتك (النصف الإيجابي). مثل: ”لا أريدك أن تظن أنني غير راضٍ عن مستوى أدائك (النصف السلبي)، بل على العكس، فأنا أرى أداءك متميزًا وأتمنى أن نواصل العمل معًا (النصف الإيجابي). ولكن مسألة الالتزام بالمواعيد مهمة جدًا بالنسبة لي، وأريدك أن تهتم بها. لو عالجتها، فلن تكون
هناك مشكلات أخرى بيننا“.
دور الاستنتاجات في التأثير على المشاعر
هناك خطوة وسطى بين ما يفعله الآخرون وبين ما نشعر به. لهذا السبب، حتى إذا واجهتنا نفس الظروف التي يمر بها غيرنا، فإن عشرة أشخاص ستنتابهم عشر استجابات شعورية مختلفة. فما هي هذه الخطوة الوسطى؟
بعد أن نلاحظ سلوكًا معينًا في الآخرين، وقبل أن تتولد لدينا مشاعر تجاه هذا السلوك، فإننا نضع استنتاجًا يتناول الموقف، فنضيف بذلك معنى ودافعًا وحُكمًا على الحدث أو السلوك، مهما كان بسيطًا. وبناءً على هذه الأفكار أو الاستنتاجات، تستجيب أجسامنا لاشعوريًا ويبدر منا رد فعل مقابل.
هذا هو مسارنا السلوكي. وبما أنك وحدك المسؤول عن هذا الاستنتاج، فأنت وحدك أيضًا القادر على استعادة السيطرة على مشاعرك عن طريق التوصل إلى استنتاج مختلف. فإذا وجدت طريقة لتتحكم في الكيفية التي ترسم بها استنتاجاتك، كإعادة التفكير فيها مثلاً أو إعادة رسمها، فسيمكنك السيطرة على مشاعرك وبالتالي ستتقن إدارة الحوارات الشائكة.
أعد رسم مسارك 
لكي تبطئ عملية رسم الاستنتاجات وتدفق الأدرينالين، أعد رسم مسارك السلوكي تدريجيًا، وهذا يتطلب قدرًا من الترويض العقلي. أولاً، عليك أن تكف عما تفعله حاليًا، ثم تتواصل معه بشكلٍ مختلف، وذلك كما يلي:
❂ راقب سلوكياتك وتصرفاتك. اسأل نفسك: ”هل ألجأ إلى شكل من أشكال الصمت أو العنف؟“
❂ تواصل مع مشاعرك. اسأل نفسك: ”ما هي  المشاعر التي تدفعني إلى التصرف بهذا الشكل؟“
❂ حلل استنتاجاتك. اسأل نفسك: ”ما هو الاستنتاج الذي يولِّد لديّ هذه المشاعر؟“
❂ ارجع إلى الحقائق. اسأل نفسك: ”ما الدليل الذي أملكه ليدعم هذا الاستنتاج؟“ بهذا تحفز نفسك على تأمل أي عنصر من هذه العناصر – أو كلها – وتغييره إن أردت.

تلخيص كتاب “أصول إدارة الحوارات الشائكة” ج 1

الجزء الاول من تلخيص كتاب “أصول إدارة الحوارات الشائكة” تأليف: كيري باترسون وجوزيف جريني ورون ماكميلان وآل سويتزلر


الحوار الشائك جزء من تواصلنا اليومي 
يعتقد الناس أن من يقيم أو ينخرط في حوارات تمس قضايا شائكة هم فقط رؤساء الدول ورجال السياسة ورؤساء الوزارات والوزراء والقادة وحسب؛ هؤلاء الذين يتحدثون وهم واقفين وراء منصاتهم يناقشون مستقبل العالم. فعلى الرغم من التأثير القوي الذي تخلفه بعض هذه الحوارات بالفعل لدى جمهور المستمعين والمشاهدين، فهي ليست المقصودة في حديثنا هنا. الحوارات الشائكة التي نشير إليها هنا هي التفاعلات والمحادثات اليومية التي تتم بين جميع الناس وتؤثر في مختلف مناحي حياتهم.
فالحوارات الشائكة هي أي حوار يدور حول قضايا صعبة وحرجة ومعقدة. ما يؤسف له هو أن الناس بطبيعتهم يترددون في المواجهة أو يتراجعون في أثناء الحوارات الساخنة في أية مناقشة يخافون أن تجرحهم أو أن تزيد الأوضاع سوءًا؛ فصار الزملاء يرسلون إلى بعضهم رسائل إلكترونية بدلاً من الحوار المباشر، وأصحاب الشركات يتركون لموظفيهم رسائل صوتية بدلاً من الاجتماع بهم والتحاور معهم، وأفراد الأسرة الواحدة يغيّرون الحديث عن أي موضوع شائك لو كان سيسبب إحراجًا لأحدهم. ولكن إذا عرفت كيف تتعامل مع المحادثات والمناقشات الشائكة وتتقنها، فستستطيع إدارة أي حوار مهما بلغت درجة صعوبته وتعقيده وخطورته.
المخزون الجمعي 
يدخل كلٌ منا في أي حوار بأفكاره وآرائه ومشاعره ونظرياته وتجاربه الخاصة حول الموضوع محل المناقشة. وهذا المزيج الفريد من الأفكار والمشاعر هو ما يحدد مخزون خبراتنا الذي لا يمدنا بالمعلومات فقط، بل ويوجه أيضًا جل أفعالنا. حين تدخل مع شخص أو أكثر في نقاش حرج وشائك، فأنتم لا تتحدثون بنفس المخزون، بل تختلف آراؤكم وأفكاركم. فهم يؤمنون بشيء، في حين أنك تؤمن بشيء آخر. هم لهم ماضيهم وأنت لك ماضيك الذي يختلف عنهم.
هم يصدرون من وجهات وثقافة معينة، وأنت تنطلق من وجهة نظر وثقافة ربما تكون مغايرة تمامًا. يبذل أولئك الذين يتقنون أصول إدارة الحوار الشائك كل ما بوسعهم كي يشارك جميع الأطراف بخبراتهم في هذا المخزون الجمعي، حتى لو كانت مجرد أفكار تبدو للوهلة الأولى جدلية أو خاطئة أو مختلفة عن آراء بقية الأطراف. ليس بالضرورة أن يوافقوا على كل فكرة مطروحة، ولكن عليهم فقط أن يفسحوا المجال لطرح أفكار جميع الأطراف على بساط البحث.
عندما يجد أطراف الحوار أنفسهم يسترسلون ويتحدثون بطلاقة والمعاني تتدفق من عقولهم وأفواههم بيسر وسلاسة، يضاعف المخزون الجمعي من قدرتهم على اتخاذ القرارات السليمة. وعلى العكس، عندما يتعمدون كبح أفكارهم وخبراتهم يصبح المخزون ضحلاً وسطحيًا، فيرتكبون الحماقات ويتخذون قرارات فاشلة مهما بلغت درجة ذكائهم.
إبدأ بنفسك أولاً
ابدأ بتغيير منظورك أولاً، فهذه هي البداية الصحيحة للحوار الإيجابي السليم. عندما تزداد المناقشات تعقيدًا، نضطر إلى اللجوء إلى أشكال التواصل التي اعتدنا عليها، كالجدال أو الصمت أو المناورات الكلامية أو التلاعب بالألفاظ، إلخ. وحين يفشل الحوار، نتسرع في إلقاء المسؤولية على الآخرين ونعتبر الخطأ خطأهم. ولكننا بدورنا لسنا منزهين عن الخطأ. فغالبًا ما نرتكب أفعالاً وننتهج سلوكيات تساهم في تفاقم المشكلات التي نواجهها.
يدرك المحاورون البارعون هذه الحقيقة البسيطة، فيبادرون بتعديل رؤيتهم أولاً. وهم يعلمون أنهم لن يحققوا استفادة شخصية فقط، بل يدركون أيضًا أنهم الطرف الوحيد الذي يستطيع العمل على تعديل سلوكه ومنظوره. فمهما كانت رؤى الآخرين بحاجة إلى تغيير، ومهما بلغت رغبتك في تعديل سلوكهم، فإن الشخص الوحيد الذي تستطيع تشكيله وتحفيزه بقدر كبير من النجاح هو نفسك.
أعد توجية عقلك 
تخيل نفسك تدير حوارًا ساخنًا مع شخص يختلف معك تمامًا في الرأي. قبل إجراء الحوار ابدأ بتحليل دوافعك وحدد ما تريده لنفسك وللطرف الآخر وللعلاقة التي تربطك به. وهنا مكمن الصعوبة، لأن دوافعنا تتغير على الدوام دون تفكير واعٍ من جانبنا. وعندما يتحكم الأدرينالين في تفكيرنا، تسير دوافعنا في الاتجاه الذي يأمر به هذا الهرمون المثير.
لكي تسير دوافعك في الاتجاه الصحيح، افصل نفسك عن الحوار والمناقشات وانظر إليها من بعيد وكأنك شخص آخر غريب. اطرح على نفسك السؤال التالي: ”ماذا أفعل؟ أنا أحاول فرض رأيي بالقوة، وأضحي بأي شيء لكي أفوز. لقد حِدت عن هدفي الأساسي في إيجاد مكان لقضاء الإجازة إلى محاولة الفوز في المناقشة“. عندما تعرض أمام نفسك رغباتك المختلفة والمتصارعة، سيمكنك أن تتخذ القرار الواعي بتعديلها وتغييرها.
تعلم كيف ترى
عندما تشتد حدة المخاطر والمشاعر معًا، فإننا نندمج فيما نقول لدرجة يصعب معها الانسحاب من المناقشة كي نرى ما يحدث لنا وللآخرين.
إذن، ماذا عليك أو ماذا يجب أن تفعل عندما تندمج في مناقشة حامية الوطيس؟ ماذا تحتاج أن ترى كي تكتشف المشكلات قبل أن تزداد وطأتها؟ في الحقيقة، ما إن تحتدم المناقشة، فإن ثمة علامات يبديها الإنسان وتدل على شعوره بالخوف والتهديد وعدم الأمان، فيلجأ إما إلى الصمت أو إلى العنف.
❂الصمت: هو وسيلة دفاعية لتجنب المشكلات التي قد تنجم، فينقطع الاسترسال في الحوار والأفكار. وللصمت ثلاث صور:
▼تغليف الكلمات: وهذا يتطلب تفهمًا وانتقاءً  لما نعلنه من آرائنا الحقيقية، ومن أكثر صوره شيوعًا: السخرية والتهكم. مثل: ”أعتقد أن فكرتك… آ… رائعة. ولكني أخشى أن الآخرين لن يفهموها ولن يدركوا أنك سابق عصرك وأوانك. لذا يجب أن تتوقع منهم… آ… بعض المعارضة“.
▼التهرب: ويعني الابتعاد تمامًا عن  الموضوعات الشائكة، فنتحدث دون أن نتطرق إلى أي شيء يثير الخلاف والجدل. مثل: ”ما أبهى لون بذلتك الجديدة! هل تعلم أن الأزرق لوني المفضل؟“ على الرغم من أن لون البذلة الفاقع يجعله يبدو كالمهرج.
▼الانسحاب: ويعني الخروج كليةً من المناقشة، إما بالتوقف عن الحديث في الموضوع محل المناقشة أو بمغادرة الغرفة. مثل: ”أعذرني، يجب أن أتلقى هذه المكالمة“.
❂ العنف: ويعني إجبار الآخرين بالقوة على الاقتناع بوجهة نظرك. وله ثلاث صور:
▼السيطرة: وتعني إرغام الطرف الآخر على  الاقتناع بطريقة تفكيرك، إما بفرض رأيك عليه أو بإدارة المناقشة لصالحك. ومن أكثر صور السيطرة شيوعًا: مقاطعة حديث الآخرين والتعميم والمبالغة في وصف الحقائق. مثل: ”لا يوجد شخص في العالم لم يشتر هذه اللوحة. إنها الهدية المثالية“.
▼القولبة: وتعني تصنيف الأشخاص أو الأفكار تحت مسميات معينة. مثل: ”لا تنصت إليهم! فقد جاءونا مثل القضاء المستعجل من المقر الرئيس للشركة. وثانيًا، هم كلهم مهندسون. هل يجب أن أقول المزيد؟“
▼ الهجوم: ويعني أنك انتقلت من محاولة  الفوز بالمناقشة إلى تعذيب الطرف الآخر، وهذا ينطوي على أساليب كالتهديد والوعيد
والتقليل من قيمة الآخرين. مثل: ”فلنجرب هذا الموظف الغبي ونرى إن كان سيفلح“.
يجب أن تكون يقظًا في أقوالك وأفعالك وأن تنتبه لتأثير سلوكياتك على الآخرين وتعدِّل استراتيجيتك إن لزم الأمر. وبشكلٍ أكثر تحديدًا، راقب دورك الذي تؤثر به على سلامة الحوار ونجاحه.

25‏/12‏/2016

التسويق متعدد المستويات - Multi-Level Marketing : الانتقادات للتسويق الشبكى

التسويق متعدد المستويات - Multi-Level Marketing : الانتقادات للتسويق الشبكى

تبقى النقطة الهامة والمثيرة للتساؤلات بين مريدى التسويق الشبكى، وهى ببساطة السؤال عن السر وراء جعل التسويق الشبكى أداة للثراء للكثيرين ، و سبب أيضاً للملاحقات القانونية، ومنع هذا النوع من التسويق فى بعض البلدان، أو حتى تقبله مع كراهية العامة له.


يرجع التفسير للأسباب التالية:
1-يُتهم التسويق الشبكى بأنه مسوّق للعمولات وليس المنتجات: بدليل أنك عندما تدخل إلى التسويق الشبكى لن تدخل من أجل أن تشترى منتج وتبيعه، ولكن أغلب الأفراد يدخلون من أجل العمولات المغرية التى سيحصلون عليها من بيع المنتج لأكبر عدد من الأشخاص، وبالطبع تزيد العمولات كلما دخل أشخاص جدد إلى الشبكة ، ولذلك بعد حصولك على المنتج تبدأ تسويقه بالتركيز على العمولات الكبيرة التى سيدفعها الموزع الرئيسى لمجموعة الموزعين تحته.

2-يُتهم أيضاً بأن فيه تربح الأقلية بخسارة الأغلبية: والأقلية هنا المقصود بهم الموزعين الرئيسين، وتفسير ذلك أن المنتج (الغير مرغوب فيه أصلاً) يتحرك خلال الشبكة بقوة دفع هى العمولات وإغرائتها، حتى وصوله إلى الشريحة الأضعف فى الأسفل، الذين لن يجدوا القدرة على تسويق (العمولات)، ولاّ حتى المنتج، وسبب ذلك أن العمولات فى الأسفل تقل كثيراً (نظراً لمشاركة الكثير فيها على طول السلسلة الشبكية)، وبالتالى يخسر الفريق الأضعف (الأغلبية)، فى حين ضمن الفريق الأقوى (الأقلية فى الأعلى) الربح.

سأستعير مثال للتوضيح: فى لعبة الورق (الكوتشينة)، عندما يتنافس اللاعبون على التخلص من الشايب، ويظل ينتقل الشايب من يد إلى يد حتى ينتهى الورق ومازال الشايب فى يد أحدهم، وهو الخاسر بالتأكيد، لأنه لا يملك أن يتخلص منه على حساب أى فرد آخر ، مع مراعاة فقط أن أن هذه اللعبة مغلقة والتسويق الشبكى مفتوح وممتدد دائماً لأعضاء جدد، كما أن الخاسرين فى لعبة التسويق الشبكى هم الأغلبية.

3-فى التسويق الشبكى: يبحث الموزع عن أقدر الناس للتسويق، وليس أكثر الناس استفادة من المنتج، ومثال على ذلك..

افترض أن المنتج هو جهاز طبى، فى هذه الحالة وبعد حصولك على الجهاز لن تبحث عن مريض أو حتى طبيب كى ينتفع من الجهاز، لأن فى هذه الحالة لن يصبح التسويق الشبكى كنز لك، لأنه بمجرد أن يشتريه الطبيب توقفت السلسلة الشبكية، ولكن لكى تصبح من الرابحين دائماً من بيع المنتج، ستبحث على شخص قادر على تسويق المنتج، فسيشترى المنتج منك، وتأخد أنت العمولة، وهو بدوره سيبحث عن شخص (قادر على تسويق هذا المنتج)، وعندما يبيع المنتج له، تأخد أنت جزء من العمولة .. وهكذا حتى تتوقف الشبكة، ولا يستطيع الشخص الخاسر تسويق المنتج (الغير مرغوب أصلاً سوى للعمولة التى ستأتى من وراءه).

4-طريقة توزيع العمولات فى التسويق الشبكى : وهذه النقطة بالذات هى ما تجعل الشكوك الكثيرة تحوم حول التسويق الشبكى، بشكل غالباً يوزع فيه الربح أقل من النصف بقليل للشركة، والباقى يوزع كعمولات على الموزعين، مع اعتراف الشركة بأنها حصلت على ربحها.

لك أن تتخيل أن منتج فيه الربح يوزع بنسبة من 40 إلى 50 فى المئة للشركة وتظل رابحة، ثم توزع عمولات من باقى نسبة الربح على الموزعين، وهذه العمولات تظل موصوفة بأنها كبيرة ومغرية.

وهذه النقطة التى تؤكد صحة الفرضية القائلة بأن قيمة المنتج لا تتوافق مع سعره على الإطلاق، وإلا كيف تكتفى الشركة بنسبة ربح أقل من النصف، وتظل رابحة، .. إلا فى حالة أنها تبيعه بأضعاف أضعاف قيمته الأصلية.

5-العمولات أكبر من سعر المنتج: وهذه النقطة أيضاً أثيرت كثيراً، بعدما وعد الموزعين مشترين المنتج ومسوقيه بعمولات ، وهذه العمولات مقابل بيع المنتج لأشخاص جدد.. (أو بمعنى أدق دخول أشخاص جدد إلى الشبكة)، وإذا دمجنا هذه النقطة مع النقطة الأهم وهى أن المسوّق لكى ينجح ويدخل إلى الشبكة يجب أن يحقق الحد الأدنى من النجاح، سيفهم بشكل واضح افتراض منتقدى التسويق الشبكى هنا أن عملية البيع والدخول إلى الشبكة ستكون أشبه بالمقامرة (المحسوبة) من الموزعين الرئيسين.

مثال على ذلك: سنفترض أن شرط الدخول إلى الشبكة والحصول على العمولات هو إحضار ستة أشخاص على جهتين لشراء المنتج، وهؤلاء الستة سيتكونون من خلال شخصين فى الخط الأمامى كما ذكرنا فى طرق الدفع والتعويض.

ساعتها سيقدّر الموزع بأن الشخص الباحث عن ستة أشخاص لشراء المنتج، سيجد أربعة أو خمسة، بالشروط المطلوبة ، ولن يجد السادس، وبالتالى يحصل الموزع الرئيسى (الفائز) على الربح من بيع المنتجات بدون أن يدفع تلك العمولات الخيالية (التى تساوى قيمتها أضعاف سعر المنتج الأساسى)، أما فى الحالة النادرة لانتصار المتقدم الجديد فى نظام التسويق الشبكى، سيحصل هو على العمولات الكبيرة ، ويخسر مؤقتاً الموزع الرئيسى.

6-مصاريف وتكاليف حضور المحاضرة التعريفية ببرنامج الشركة: يعتبر من الأسباب التى تلقى التساؤلات والشكوك حول تلك الشركات، فالمحاضرة التعريفية التقديمية لا تكون مجانية، وربما يرى المتقدم هذه المصاريف بسيطة، لكن مع النظر لحجم الحاضرين لهذه المحاضرة التقديمية، سنرى حجم الأموال الهائلة التى تحصل عليها الشركة فى كل مرة تعقد فيها هذه المحاضرة.

أو نقطة أخرى شائعة.. وهى إن كان البيع الهرمى يُتهم بوجود مصاريف التحاق وانضمام للبرنامج (Sign-up fees) ، فإن الشركات فى أغلب نظم التسويق الشبكى تشترط للدخول فى نظامها ان يشترى المتقدم المنتج، (بالطبع بصرف النظر عن حاجته إليه)، وهى بذلك تضمن ربحها، و بيعها لأكبر عدد ممكن من هذا المنتج الذى يضاعف سعره قيمته الحقيقية.

فى اعتقادى أن هذه هى أغلب النقاط التى تجعل من التسويق الشبكى مثار للريبة والتساؤلات، وهذه النقاط هى أيضاً الأسباب التى جعلت طائفة من المستثمرين يصبحوا من أثرى الأثرياء فى وقت قياسى، وهى نفسها التى جعلت الكثير يغلقوا شركاتهم، ويُتهموا بالتحايل والنصب، وهذه النقاط هى ماجعلت الكثير من الشباب ضحايا لشركات غير معروفة ، أو محددة الهوية، أو المكان، غير أنها ملكت نظام مغرى تبيعه هو نظام العمولات على المنتجات أو الأشخاص.

لا تعنى هذه النقاط أن التسويق الشبكى قانونى أو غير قانونى، حلال أو حرام، ولكن هذه هى النقاط التى يجب علينا وعيها قبل التقدم فى التسويق الشبكى وتطبيقه، وعلى الرغم من أن التسويق الشبكى حرمّه بعض العلماء الكبار، وحرمته بعض الدول، حتى فى الولايات المتحدة منشأ الفكرة، وقفت أمامه المنظمات القانونية ، إلا أن هناك شركات كبيرة ومعروفة على مستوى العالم تستخدم هذا النوع من التسويق، وتأخذ الشكل القانونى، وإن أصبح التسويق الشبكى لفظ مكروه كثيراً من البلاد والشركات، واُستبدل رسمياً بالتسويق متعدد المستويات.

يتوقف التسويق الشبكى وقانونيته على عوامل كثيرة جداً لا يمكن حصرها، ولكن يمكن استنباطها من النقاط السابقة، ومن ضمن هذه العوامل، المنتج وقيمته وفائدته، ومقارنة هذه القيمة بالسعر الذى يباع به، ونظام العمولات، وشروط الالتحاق بالنظام الشبكى والحد الأدنى للنجاح فيه، ومصداقية الشركات و شكلها القانونى والرسمى...

أعود للسبب الأساسى الذى جعلنى أقول فى بداية كلامى عن التسويق الشبكى أنى حزين لانضمامه إلى فنون التسويق، والسبب ليس لأنى معه أو ضده، ولكن لأن التسويق يملك فى جعبته الكثير من الأفكار والإبداعات، ولن تربح شركة الربح الذى تفخر به عندما تختزل أفكارها فى فكرة قائمة على تحوير لفكرة البيع المباشر.

كما أن التسويق الشبكى (للأسف) أعطى صورة سيئة لمعنى التسويق، لدرجة أنى أسمع أحياناً و أشاهد التسويق فى أعين الناس على أنه النصب والاحتيال من أجل (سرقة) أموال الناس، وأنه الكلام المنمق الذى يخفى وراءه الوجه الشرير، وهذا كله عكس التسويق ومبادئه الأساسية، والتى منها تعريف المشترين بالمنتج ، وتوفير كل المعلومات عنه، ومساعدة المشترى من أجل إتخاذ قرار سليم مبنى على المعلومات والمقارنات الصحيحة، وفوق كل هذا محاولة التسويق تلبية احتياجات العميل، وتحويل ما يحتاج فى حياته إلى منتجات وخدمات قادرة على إشباعه وإسعاده، مع توفير وتقوية علاقات دائمة معه...

هل هدف الإعلان .. تحقيق المبيعات؟!

هل هدف الإعلان .. تحقيق المبيعات؟!


يعتقد الكثير أن بصرف الاموال على الاعلان سواء المطبوع او المرئى سوف يتحقق له المبيعات وبالتالى الايرادات والارباح الضخمة. دعنى أخبرك الآن بالحقيقة الصادمة.. الإعلان له هدف آخر .. ليس تحقيق المبيعات!

قبل أن أخبرك بهدف الاعلان، علىّ الآن ان اثبت لك ولو مؤقتاً أن الاعلان ليس هدفه تحقيق المبيعات. دعنا نفترض ان شركة من شركات السيارات الكبرى قدمت سيارة جديدة، ثم اعلنت عنها فى حملة اعلانية ضخمة فى التلفاز، كانت الحملة من قوة تأثيرها ان الناس بدأت فى التجاوب مع الاعلان ومحاولة الوصول لهذه السيارة الرائعة.

عندما نزل المشترى فعلياً للسوق لم يجد السيارة فى ابهى حلة كما تظهر فى الاعلان، وجد هيكلها اضعف مما يبدو فى الاعلان، ضيقة من الداخل فى حين كان يحتاج لسيارة اكبر، عندما تحدث معه البائع عن امكانياتها وجدها بعيدة عن الامكانيات التى يريدها.

ماذا عن السعر؟ لقد وجد فعلاً ان سعرها غير مناسب اطلاقاً لإمكانياتها، او أنه مناسب لامكانيات السيارة ولكنه غير مناسب لامكانياته المادية.

من أدراك حتى ان المشترى هذا وجد السيارة فى منافذ التوزيع بسهولة، ربما واجهته مشكلة فى نقص السيارة فى منافذ التوزيع والبيع المعروفة للسيارة، او ان السيارة لم تكن متاحه بلونها الرائع المحبب له فى مكان التوزيع الخاص بالشركة نفسها.

اذاً لقد اعُجب هذا المشترى بالسيارة من خلال الإعلان، ولكن العملية الشرائية نفسها لم تتحقق، لأسباب كثيرة، أهمها اخطاء فى تنفيذ عناصر المزيج التسويقى الأخرى.. المنتج ، السعر ، التوزيع.

كيف يبدو الأمر بالنسبة لك الآن؟.. بالفعل، ان الاعلان هو سبب فقط لتوجيه انتباهك تجاه منتج معين، لكن ما يبيع بالفعل هو المزيج التسويقى المتكامل: المنتج – التسعير – التوزيع – الدعاية.

لو اردت مزيد من الدقة سأقول لك ان ما يحقق المبيعات حقاً ليس المزيج التسويقى المتكامل فقط، بل انها عملية التسويق من اول خطوة فيها، وهى بحث السوق وتحديد احتياجات المشترين بدقة، والعمل على هذه الاحتياجات من خلال مزيج تسويقى متقن.

فكرة ان الاعلان يحقق مبيعات هى فكرة تسويقية خاطئة مليون بالمئة، لان الاعلان حتى على ضخامة تأثيره ومجاله الواسع، فإنه لا يعدو أن يكون سوى عنصر بجانب عناصر الترويج الاخرى، له هدف يتكامل مع الاهداف الاخرى.

الترويج يعتمد بشكل اساسى على 4عناصر: الإعلان – Advertising، العلاقات العامة – PR، البيع الشخصى – Personal Selling، و عروض البيع – Sales Promotion.

الاعتماد على عنصر واحد من هذه العناصر الترويجية يضيع فكرة تكامل المزيج. ببساطة.. الاعلان يحقق هدف نشر اسم المنتج او العلامة التجارية – Brand Awareness، اما العلاقات العامة فتعمل على تحقيق المصداقية و الثفة فى اسم المنتج – Credibility، و البيع الشخصى هدفه هو إقناع الناس بعملية الشراء، اما عروض البيع فهدفها زيادة وتنشيط المبيعات.

كما هو واضح لك الآن.. الاعلان ماهو الا عنصر يحقق هدف من اهداف الترويج وهو توعية الناس وتعريفهم بالمنتج، و هذا يتحقق ضمن مزيج ترويجى متكامل كل عنصر فيه له هدف مختلف. هذا المزيج الترويجى المتكامل ماهو الا عنصر من عناصر المزيج التسويقى، والمزيج التسويق هو جزء من العملية التسويقية التى من اهدافها تحقيق المبيعات. يذكرنى من يقول بأن الاعلان هدفه تحقيق المبيعات، بمن يقول كذلك ان البيع الشخصى هدفه تحقيق مبيعات. وفى الحقيقة البيع والاعلان ماهما الا نقاط فى بحر التسويق.

لكى تقيس هل حقق الاعلان هدفه ام لا، نذهب الى مدى التأثير – Impact، وهو المصطلح الاعلانى الذى يشير لمدى نجاح الاعلان. من وجهة نظرى انك عندما تقيس الإعلان تذهب لمشاهد الاعلان (يُستحسن ان يكون من الفئة المستهدفة من الاعلان)فتسأله هل انتبهت لهذا الاعلان واعجبتك الفكرة، سيقول لك نعم، اسأله هل فكرت اذاً فى النزول لتجريب المنتج وشرائه، سيقول لك نعم.. الى هنا يكون الاعلان نجح بنسبة كبيرة (مع مراعاة ان الاعلان يحقق اهداف اخرى مثل لفت الانتباه فقط بدون تحميس الناس للمنتج).. فى كل الاحوال لا تسأله عن اذا كان اشترى المنتج بالفعل ام لا وتعتقد ان هذا بسبب الاعلان، فهذه المرحلة هى بسبب العملية التسويقية التى تسير بشكل صحيح او خاطئ.

يُعتبر من اصعب المهام التسويقية على الاطلاق قياس مدى كفاءة ونجاح الاعلان، والبعض يلجأ لقياس مدى نجاح الاعلان بحجم المبيعات التى زادت عندما أعلن عن المنتج. هذا يحدث بسبب صعوبة قياس كفاءة الاعلان او الاستسهال من جانب المعلن، او عدم فهمه التسويق اصلاً وعناصره بشكل صحيح.

لكى تقوم بقياس مدى نجاح الاعلان اعتماداً على حجم المبيعات، وهى طريقة خاطئة بشكل كبير كما اخبرتك، ولكنك فى حالة الاضطرار لها، فيجب عليك فعل ذلك مع مراعاة تثبيت كل العوامل الاخرى، بمعنى انك عندما تقارن المبيعات فيما قبل الاعلان والمبيعات فيما بعد الاعلان، وتعتقد ان هذه المبيعات الزائدة هى بسبب الاعلان، فيجيب ان تكون العناصر الاخرى مثل المنتج وجودته وخصائصه، وسعره، والقدرات التوزيعية، والبيع الشخصى، وعروض الترويج... الخ من العناصر التسويقية المؤثرة على المبيعات، ثابتة. ثبات هذه العناصر هو الحل الوحيد لمقارنة المبيعات طبقاً للاعلان. ولأن هذا صعب بل يقرب من المستحيل، لذلك اقول لك ان المبيعات ليست مقياس لجودة الاعلان.

الخلاصة .. فهمك للتسويق، ومن ضمن عناصره الاعلان، يجعل منك تسويقى محترف يعرف كيف يستخدم ادواته بشكل علمى وليس عشوائى كما يفعل الكثير فى هذا المجال بدون علم او دراية تسويقية كافية.

مشاركة مميزة

تجربة الفئران

  هو إيه ممكن يحصل لو جبنا شوية فئران وحطيناهم في مكان يشبه الجنة، ويكون متوفر فيه كل ما لذ وطاب للفئران ..؟! بمعني إن ميكنش لهم أي أعداء من...

الأكثر مشاهدة