تأتي بعض التجارب النفسية المعدة لقياس دوافع البشر وسلوكياتهم بنتائج قد تكون صادمة لنا في كثير من الأحيان؛ إذ تكشف عن طباع غريبة وعدائية قد تتضمنها النفس البشرية، هذه الصفات والطباع قد تؤدي لعواقب وخيمة على علاقات البشر ببعضهم البعض إذا ما قومت بطريقة صحيحة.
هنا نرصد لك بعض التجارب النفسية التي كشفت لنا شيئاً عن حقيقة النفس البشرية..
تجربة الانصياع والطاعة لميلغرام
كان الهدف من التجربة قياس مدى استعداد المشاركين فيها لإطاعة سلطة تأمر بتنفيذ ما يتناقض مع ضمائرهم. أعد التجربة عالم النفس الأمريكي ستانلي ميلغرام، وفيها تم جمع المشاركين من خلال إعلان نشر في أحد الجرائد لطلب أفراد للمشاركة في دراسة تجريها إحدى الجامعات، كان المشاركون عبارة عن مجموعة من الرجال ما بين 20 ـ 50 عاماً ينتمون إلى مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية.
قبل دخول غرفة الاختبار للبدء بالتجربة، يتقدم المشرف E من المشارك T والممثل L ويخبرهما بهدف آخر بعيد عن الهدف الأساسي للدراسة، وهو أن الاختبار يهدف لقياس “أثر العقاب في التعلم”، ومن خلال إجراء قرعة وهمية يتم اختيار المشارك للقيام بدور المعلم.
بعدها يتم وضع المشارك والممثل في غرفتين متجاورتين بحيث يتواصلان بالكلام فقط، ومن خلال صعقات كهربائية تصل إلى 45 فولت، يعاقب بها المشارك المتعلم، رغم اعتراف الأخير أنه يعاني من بعض المشاكل الصحية البسيطة في القلب.
في أولى مجموعة تجارب أجراها ميليغرام وصل 65% من المشاركين، وكانوا 27 مشارك من أصل 40 إلى الصعقة القصوى 450 فولت في تعذيب الشخص الآخر، إضافة إلى أنه لم يبادر أحد من الذين رفضوا إكمال الاختبار بالمطالبة بإلغاء الاختبار، كما لم يقم أي واحد منهم بمغادرة الغرفة للتحقق من سلامة الشخص الآخر بدون أن يطلب الإذن بذلك.
يفسر ميلغرام نتائج تجربته بأنها تشرح كيف أنه وبإمكان أي مواطن عادي أن يسبب آلاماً لأشخاص قد لا يعرفهم، لسبب بسيط وهو أنه يتلقى الأوامر من المسؤول، تخلي فيها تلك الأوامر مسؤوليته ويأمن فيها عدم معاقبته على فعلته.
سجن ستانفورد
قامت البحرية الأمريكية بتمويل هذه الدراسة بهدف فهم الصراعات في نظام السجن لديها. تم الإعلان عن التجربة في الجرائد؛ للحصول على مشاركين مقابل 15$ مقابل كل يوم، جاء غالبية المشاركين من البيض، الذكور، ومن الطبقة الوسطى، وكان جميعهم طلاب في المرحلة الجامعية.
ولمحاكاة الحياة داخل السجن، قسمت المجموعة عشوائياً إلى مجموعتين متساويتين من مساجين وحراس.
«يمكنكم أن تولدوا إحساساً بالخمول لدى السجناء، ودرجة ما من الخوف، من الممكن أن توحوا بشيء من التعسف يجعلهم يشعرون بأنكم وبأن النظام وبأننا جميعاً نسيطر على حياتهم، لن تكون لهم خصوصيات ولا خلوات، سنسلبهم من شخصياتهم وفرديتهم بمختلف الطرق. بالنتيجة سيقود كل هذا إلى شعور إلى فقدان السيطرة من طرفهم، وبهذا الشكل سوف تكون لنا السلطة المطلقة ولن تكون لهم أي سلطة»
هذا ما قاله فيليب زيمباردو – قائد فريق البحث – للحراس قبل البدء بالتجربة، ولكن سرعان ما خرج الاختبار عن السيطرة. إذ عانى السجناء واحتملوا ممارسات سادية لا تحتمل على أيدي هؤلاء الحراس.
تجربة الامتثال والانصياع لآش
في تجربة لدراسة “تأثير الجماعة على الفرد” أو “ضغط النظائر” Peer pressure، لمعرفة حد الضغط الذي تحدثه مجموعة على الفرد، وكيف ينسجم هذا الفرد مع المجموعة إذا رأى انه يشذ عنها، مما يدفعه إلى عمل نفس الفعل أو اعتناق نفس الفكر الذي تتبعه المجموعة لينضم إليها ويجاريها.
قام العالم النفسي البولندي “سولومون أسش Solomon Asch” بنشر عدد من نتائج التجارب والدراسات. دراسات بينت بشكل مذهل الأثر العظيم الذي يحدثه رأي الأغلبية في التأثير على المجتمع. تجارب آش التي سميت باسمه، يستند إليها كثيراً في تعريف هذا الفرع المتخصص في دراسة أثر الجماعة من علم النفس الآن.
وفي تجربة أخرى، سنرى في الفيديو التالي فكرة مشابهة لنفس فكرة هذه الدراسة، إذ تقوم إحدى الفتيات داخل صالة الانتظار التابعة لأحد العيادات، بتقليد المجموعة من حولها، حتى لا تلبث أن تعتنق هذا الفعل الذي اعتادت القيام به لوحدها، كما لو أنه تقليد أو قانون لا بد من القيام به.
تجربة دمية كلارك
في عام 1939 قام الدكتور كينيث كلارك وزوجته، بإجراء تجربة على أطفال من العرق الأسود. تقوم فكرة هذه التجربة بوضع دميتين إحداهما بيضاء والأخرى سوداء أمام الأطفال وطرح أسئلة محددة عليهم كـ: ما الدمية المفضلة لديك؟ ما الدمية التي تحب أن تلعب معها؟ ما الدمية التي تبدو شريرة؟
أظهرت نتيجة التجربة أن غالبية الأطفال فضلوا الدمية البيضاء على تلك السوداء، ساهمت هذه التجربة في إقناع المحكمة العليا الأمريكية، أن التفرقة القائمة على أساس العرق واللون في أمريكا أمر ضد القانون، وذلك كمحاولة لإلغاء العنصرية بشكل تام.
تجربة روزنهان
في عام 1973 نشرت إحدى المجلات العلمية مقالاً بعنوان “أن تكون عاقلاً في مكان للمجانين”، يصف المقال التجربة التي قام بها عالم النفس الأمريكي ديفيد روزنهان؛ لمعرفة مدى قدرة الأطباء النفسيين على تمييز الشخص السليم من ذلك الذي يعاني من مشاكل نفسية.
قامت التجربة على جزأين، في المرحلة الأولى قام الفريق الأول والمكون من مجموعة من الأطباء بما فيهم الدكتور زونهان نفسه، بزيارة عدة مصحات نفسية وادعاء الجنون، وبالفعل اقتنع الأطباء بما قاله هؤلاء وأدخلوا جميعاً إلى المصحة.
بعد ذلك قام الفريق بإقناع الأطباء بأنهم معافين، ولكن لم يصدقهم أحد، وتم الإبقاء عليهم داخل المشفى لمدة 19 يوماً ولم يسمح لهم بالخروج إلا بعد الإقرار بأنهم مرضى.
أما الفريق الثاني فكان عبارة عن مجموعة من الأطباء النفسيين طلب منهم تمييز المرضى النفسيين من مدعي المرض النفسي، ومع ذلك فشلوا فشلاً ذريعاً.
خلصت الدراسة إلى أنه من الصعب التمييز بين الأصحاء والمرضى الحقيقيين داخل المصحات النفسية، وإلى ضرورة تطوير التعليم بالطريقة التي تجعل الأطباء النفسيين لا يجردون المرضى من إنسانيتهم ويتعاملون مع مشاكلهم الصحية بطريقة أكثر وعياً.
تجربة تأثير المتفرج
“متلازمة جينوفيز” أو “سلبية المارة” Bystander Effect، ظاهرة نفسية اجتماعية تظهر فيها علاقة عكسية بين عدد المارة واحتمالية مساعدتهم لشخص ملقى على قارعة الطريق، فكلما زاد عدد المارة قلت احتمالية مد يد العون لهذا الشخص.
بعد حادثة الاعتداء الشهيرة التي وقعت ضحيتها كيتي جينوفيز عام 1964، قرر كل من جون دارلي وبيب لاتنيه القيام بتجارب عدة لدراسة سلبية المارة ولمعرفة الأسباب التي تدفعهم إلى لامبالاة عند مرورهم بشخص يحتاج المساعدة. أظهرت النتائج أن الأسباب تكون في كثير من الأحيان بسبب الغموض وعدم وضوح سبب وقوع الحادثة، وقوع الحدث في مكان لا يعرفونه، أو المظهر الاجتماعي للشخص الذي طلب المساعدة.
عديدة هي التجارب التي تكشف عن أفعال لا إنسانية قد تصدر منا نحن البشر، لذا كان من الضروري العمل على تقويم وتوجيه هذه السلوكيات لما فيه من مصلحة للفرد ذاته وللمجتمع من حوله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة