مقال بواسطة/ لبيب صالح، من الأردن
كثيراً ما نشكل انطباعات عن من حولنا من التجربة الأولى معهم، ونصبح أسرى لهذه الإنطباعات التي تحكم طريقة تعاملنا مع الآخرين بتفاقم عسير يؤثر فينا قبل أن يؤثر فيهم.
وعلى الأغلب أنه يحصل بسلاسة قد لا نشعر معها بمدى ضخامة المشكلة التي نحياها! وأحياناً قد نتمادى في تشكيل الإنطباعات عن الغير دون خوض تجربة معهم أصلاً، ثقة بحدسنا ونظرتنا للآخرين، فنميل إلى خلق ذلك الإنطباع من اللقاء الأول عن طريق نبرة الصوت أو ملامح الوجه، ويبنى عليها تحديد طريقة التعامل مع ذلك الشخص!
تصبح هذه المشكلة أكبر وأعظم حينما تكون بين مسؤول أو قائد فريق ومن يعملون معه، ولست هنا بصدد طرح الأمر من منظور محسوبية أو عداوة مبيّتة..
بل أتحدث عن قائد الفريق الكفؤ الذي قد يقع في هذا الفخ المسى “الحدس” دون أن يشعر، فيدمّر فريقه دون أن ينتبه. بل ويجد من المؤشرات ما يجعله يؤمن بأن حدسه مصيب، وهذا ما يسمى بـ”تحقق نبوءة الذات” أو Self-Fulfilling Prophecy.
كمثال توضيحي.. افترض أنّك قمت بمقابلة شخصين للتعيين؛ ماجد ومنير. كلا الشخصين تم قبولهما، ولكنّك كوّنت انطباعاً من المقابلة بأن ماجد أكثر موهبة من منير، لربما من طريقة كلامه أو ما أبداه من ثقة بنفسه..
مجرّد تكوين هذا الإنطباع في الذهن هو ما سيحكم طريقة تعاملك مع كلا الشخصين، ستجد نفسك ميالاً أكثر لماجد، تعطيه نصائح ومشورات أكثر حينما تراجع عمله من تلك التي تعطيها لمنير دون أن تشعر بالفرق حتى.
الأمر أن إيمانك بأن ماجد أكثر موهبة يدفعك لتقدم خطوة زائدة. الصورة في الأسفل تساعد في استيعاب مدى تفاقم المشكلة؛ دعم أكثر لماجد يؤدي إلى اطراد في نجاحه، والدعم الأقل لمنير يعني زيادة الانخفاض في منحنى نجاحه، وكلا المنحيين يثبتان أكثر وأكثر بأن حدسك مصيب، ولكن الحقيقة أن هذا الحدس هو ما سبب نجاح ماجد أكثر من منير!
الدماغ البشري يعمل افتراضا بصورة تثبت أن قناعاتنا على صواب، طريقة تحليله للأمور والمجريات من حولنا تتعاضد لإثبات ذلك، فالواحد منّا حينما ينظر لحدث ما فهو يراه من زاوية منبثقة من هذه القناعات وليس من زاوية مجرّدة مستقلّة عنها..
وعدم الوعي بهذه الحقيقة قد يجرّنا إلى تشكيل قراراتنا بصورة خاطئة. هذا لا يعني أن تعارض نظرة دماغك وتحليله للأمور بلا شك، ولكن أن تعي هذه الحقيقة ابتداءاً، وأنه قد تكون هناك زاوية أخرى يجب أن أتجرّد وأحاول النظر منها حينما أتعامل مع الآخرين دون الإنجرار وراء قناعتي وكأنّها الحقيقة المطلقة المسلّم بها، والمحصلة تفاقم مشاكل كان يمكن أن تحلّ.
هذا الأمر ينطبق على تعامل الموظفين مع بعضهم، وتعامل الأصدقاء مع بعضهم، وأيضاً الأفراد في نفس العائلة! التصديق المطلق لقناعة ما، وهو الحدس في هذه الباب، ينحى بالدماغ إلى معالجة الأمور بطريقة انتقائية، فمدخلات عينيك واذنيك إليه تحلّل بطريقة تؤازر تلك القناعة ولا تلتفت إلى الحقائق الأخرى المحيطة، وهذا ما يطلق عليه في علم النفس البشري “الإنتباه الإنتقائي” أو Selective Attention
الخطوة الحاسمة لتجنّب الوقوع في هذا الشرك هو الوعي الذاتي بحقيقته وما يؤثر به على دماغنا، ولعل هذه المقالة تساعد في ذلك، ومن ثم مراقبة أنفسنا في طريقة تعاملنا مع الآخرين منطلقين من قناعاتنا
هل تذكر مواقف قمت بالتعامل فيها مع غيرك بناءاً على حدسك وانتهى بك المطاف إلى تفاقم مشكلة بناها ذلك الحدس؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة