عندما ترى شخصًا ما يتكلم أو ينشر على الوسائل الاجتماعية، ويقول: “لا تشتري من سوبر ماركت فُلان، كل بضاعته منتهي صلاحيتها !”، وأنت سمعت هذا الخبر فصدقته بدون أدنى تفكير ولا معالجة، فأعلم أنك مصاب وسلبي في الحياة، لأنك لم تبحث ولم تسأل أو حتى تذهب إلى سوبر ماركت لترى تلك الحقيقة بالعين!
هذا الذي أسميه المرض، هي ظاهرة وليست مقتصرة على السوبر ماركت، وانما على كل ما نتعامل معه سواء جماد أو كائن حي، فهذه الظاهرة أصبحت الفوضى التي تُضرب الإدراك، وكل هذا بسبب كسلنا عن البحث أو قلة اهتمامنا أو سهولة اقتناعُنا لأننا غير مواكبين بالعوامل التي تؤثر على حياتنا ولم نفكر ابداً بسؤال (لِما لا أرى وأبحث؟).
أكبر مشكلة تواجه العقل الإنساني كتفكير وتحليل هو الانحياز التأكيدي، سُأقدم في هذا المقال معطيات ستتفاجئ منها، لأنها موجودة بك أنت لم تُدركها، وستدخل في غرابة لأنك كنت مصدقاً لهذه الأمور.
ما هو الانحياز التأكيدي ؟
ميل الشخص إلى معلومات باطلة أو شبه مؤكدة أو حتى مؤكدة ولكن تتعارض مع قوانين معينة هو يفضلها لأنها تتوافق وتؤيد معتقداته وأيدولوجياته أو أفكاره وتخدم مصالحه سواء كانت معنوية أو مادية.
نتائج الانحياز التأكيدي
يمكن القول ان هناك نتائج (عامة) ألا وهي:
- تضارب الآراء، مما يؤدي إلى تضارب المواقف.
- استمرارية تصديق مُعتقدات غير موثوقة.
- تفضيل المعلومات الأولية.
- ربط الأوهام بين الأحداث بشكل مقنع وجيد (تحايل).
- الفروق الفردية، والتي لديها حجج قوية ولا تستند إلى حقائق.
وأيضاً يمكن القول إن هناك بعضا من النتائج ذات تأثير خطير، خصوصاً على المثقفين المُترهفين للعلم:
المشكلة الكبرى تكمن عندما يصاب بها الشباب المثقفين، فعندما يستمع لأستاذ مثلاً أو أي نخبة من المثقفين كانت، وكان يخدم مصالحة الشخصية أو معتقداته فسوف تصدقه مجموعة الشباب المثقفين لأنه معه شهادات وبلغ في العلم كثيراً وسُجل لهم مواقفاً، وهم لا يعلمون أن العلم لا ينتهي وأصبح أسرع من الضوء والمواقف تأتي من اجتهاد النفس أولاً، وعند تصديق تلك المعتقدات وأصابتهم بالانحياز التأكيدي، بعد مرحلة الإصابة ينتج بما يسمى سيكولوجية القطيع وهي سلوك أشخاص في جماعة التي ينتمون اليها أو منضمين دون تفكير أو تخطيط أو انتباه، ومن هنا تنهار الشعوب.
بشكل عام، هذه الظاهرة ضربت الفوضى والسلوك والأخلاق لكل شخص مصاب بها، لأنه أصبح متعدد الشخصيات المُزدوجة.
ولاحظ أن الإصابة في هذه الظاهرة سهلاً للغاية، بدايةً من الاعلام أو سر الاقناع بعيداً عن البحث أو حتى التصديق لتلبية الرغبات الشهوانية، أو حتى للشهرة.
أمثلة مشهورة عن الانحياز التأكيدي
الظواهر النفسية وأهمها:
مخاطبة ومكالمة الموتى، هذه ظاهرة ما زالت منتشرة بشكل ملحوظ، فمثلاً عندما هناك اشخاص يقولون لم أشعر بالأمان في حياتي الا بعد زيارة (فلان) لي، فهو الذي أنقذني وما زال ينصحني، الترابط بين الموتى والأحياء موجود دائماً فينا لأننا نتذكرهم ودائماً نحافظ على حكمة الأموات، وإن كان الميت الذي تخاطبه لأول مرة تراه، فإن خيال الانسان قادر صناعة ما بعد المستحيل ومن الممكن إن هذا الشي له علاقة بقانون الذبذبة حسب علم الطاقات البشرية.
وظاهرة نفسية أخرى عندما تناول الدواء وهو مُسكن للصداع ولكن الذي تناولته هو غيره وعلمت بالأمر ولكن ما زلت تؤكد أنه دواء المناسب، فهذا هو تأثير وهمي والعلاج هو إيمانك بالشفاء.
الظواهر السياسية:
أغلب الناس يصدقون ما يقول به الساسة، هي عمل تجارب سرية أو تجارب تعمل على زيادة المنظومة العسكرية فمثلاً القيادة العربية تدفع مبالغ خيالية من أجل صيانة أو تجديد الممتلكات العسكرية المسبقة، وطبقة الشعب تصدق أن هناك خطراً محتم وقادم، وذلك من خلال الخطابات ومسارات الحرب النفسية.
ظواهر منتشرة بيننا، اجتماعية – ترفيهية:
مثلا: “أن حوالي 15% من الأشخاص يستعملون هواتفهم بشاشة منكسرة دون أن يفكروا في إصلاحها بحسب دراسة جامعة جلاكسو البريطانية وهؤلاء تبين أنهم يعيشون الحياة بهدوء وأريحية بعيداً عن العصبية كما لديهم قدرة عالية على التكيف والتأقلم مع الظروف السيئة بسرعة”.
هذه الفقرة نُشرت بكثرة على صفحات الشخصية على فيسبوك، عملت على البحث في موقع جامعة جلاكسو خصوصاً مع وجود قسم عن أخبار الأبحاث وسهولة توفر الأبحاث لكن لم أجد بحثاً يتعلق بالشاشات المُنكسرة وعلاقتها مع تعايش الأخرين، وراسلت بريد الجامعة ولم أجد رداً سواء الرد الآلي لطلبات التحاق بالجامعة، وإلى الأن اتابع وأبحث.
والمقصد هنا نحنُ نصدق ما يقال خصوصاً عندما تكون الفكرة جملةً وتفصيل من مُعتقداتنا، وهذا خطأ ويعمل على تراكم الأوهام في عقولنا. وأيضاً قنوات اليوتيوب ولا داعي لذكر أمثلة لكثرتها وتنوع تعقيداتها.
مضادات حيوية لانحياز التأكيدي
1- احذف الأنا من شخصيتك
وذلك من جذورها، الانحياز التأكيدي هو مرض الأنا، نحن نكره أن نكون مخطئين، ونحن بحاجة ماسة للأخرين من أجل التحقق من مواقفنا واحداثنا، لالتماس الحقيقة من حديثنا معهم، لأن اهمال الحقيقة لفترة طويلة من أجل معتقداتنا سيبرهن الخطأ في كل الأحوال.
2- اطرح أسئلة أفضل
عندما تكون في مكان العمل وبين الموظفين لا تسأل أسئلة تخدم الغاية، لكيلا تعمل على زيادة نموها وانعكاسها على الأخرين مثل: “ما رأيك بما فعلت؟”، اسأل سؤال يخدم لك تغدية راجعة تحد من عواملك السلبية مثل: “ماذا يمكن أن أفعل بصورة مختلفة ليكون أفضل؟”، فإن سؤال مثل هذا يجعل التفاهم والتدارك متصل بينك وبين الشخص الأخر، فإن السؤال الأول يخدم مصالح سلبية وفارغة، أما السؤال الثاني فسيشحن الشخصين المتصلين بالإدراك والمصالح الإيجابية التي تخدم الكل.
3- إبقاء القنوات مفتوحة لاستقبال المعلومات المفتوحة
شاهد التلفاز واقرأ الصحف وأبقى مطلعًا على كل ما هو جديد وقديم، وابحث وشاهد عن أشياء كنت تتجنب مشاهدتها أو تقرأها في البداية قلنا إن السبب الأول لهذه الظاهرة هو عدم المواكبة، وتذكــر البحث عن الحقيقة ليس دليلاً كافياً على إنك على حق.
4- جوجل أفضل
إياك أن تبحث عن شيء تريد فقط اثباته، لأن الانترنت به أكثر من 3 مليار صفحة ويب وفجأة عثر على معلومة تتفق معك! فهذا بكل تأكيد هراء، بدلاً هذا كله كن باحثاً مفتوحاُ لكل شيء ولا تكن منحازاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة