عندما تكون الحياة مضنية يكون الموت ملاذا يسعى المرء إليه .. هيرودوت
ما الذي قد يدفع شخص ما إلى الإنتحار؟
هل هو الإستعراض كما إتهم بعض المسؤولون من قاموا بنحر أنفسهم مؤخراً ؟! أم إنه الظلم والألم الذي ينغص عليهم الحياة هو من دفعهم لذلك ؟
مؤخراً أصبح الإنتحار وسيلة إحتجاج لمن لا صوت لهم، صرخة ألم لا تنطلق نحو السماء، بل للأسفل بإتجاه الأرض، فتذهب بصاحبها إلى قبر موحش يتقلب فيه، ولو كان هناك من يسمعه ويحنو عليه لما إنتهي به الحال هكذا..
أسباب الإنتحار في الوطن العربي
اننا نحبّ الحياة لأننا نحبّ الحريّة، ونحبّ الموت متى كان الموت طريقا إلى الحياة .. أنطون سعادة
لطالما كان الدين والأخلاق حاجزاً وسداً منيعاً للإنتحار في بلادنا العربية، ورغم ذلك تخبرنا الإحصائيات بأن نسبة الإنتحار في تزايد مستمر وقوي، تحديداً في السنوات الأخيرة حيث بلغت حالات الإنتحار درجة مقلقة..
والأسباب كثيرة ومختلفة أولها ؛ الحالة الإقتصادية المتردية التي تعاني منها الشعوب العربية كافة، لذلك نجد ان حوادث الانتحار تحدث بشكل أكبر بين الطبقة الفقيرة بحكم أنها الأكثر تأثراً ومعاناة.
تأتي الأمراض النفسية في المرتبة الثانية، ويعتبر الإكتئاب الخطوة الأولى على طريق الإنتحار، حيث ان 50% من مرضى الإكتئاب يحاولون الإنتحار مرة واحدة على الأقل في حياتهم ، وينجح 15% منهم فى الانتحار فعلياً.
وجدير بالذكر هنا تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية عن الإكتئاب في عام 2012، بلغ حينها عدد مرضى الاكتئاب 350 مليون شخص حول العالم، وأكد التقرير أن النسبة الأكبر متمركزة في منطقة الشرق الأوسط!
أيضاً من أحد الأسباب التي يتجاهلها الكثيرون الإعلام وما يقدمه من كوارث، فهو صاحب الفضل في ترسيخ فكرة التخلص من المشاكل بالإنتحار، وذلك من خلال الأفلام والمسلسلات الرخيصة التي يعرضها،\.
– من أحد أهم الأسباب أيضاً الأوضاع السياسية الغير مستقرة في معظم البلدان العربية ؛ كالتضييق السياسي وغياب العدالة والديمقراطية ،والحروب الأهلية، كل هذا يتسبب بشكل مباشر في تردي الوضع الإقتصادي وإنتشار البطالة الفقر، ما يتبعه الفشل الدراسي والمهني والإجتماعي، إلى آخره من كوارث !
كل هذه الأسباب تجعل الوطن العربي ثري بالمكتئبين الذين يقفون على بعد خطوات من الإنتحار.
لحظة الإنتحار
إن الشخص الذي يقرر الإنتحار، هو في الحقيقة يعاني من آلام نفسية حادة لا يقوى على تحملها، فيقرر وضع حد لحياته مهما كان الثمن، يجاهد بين قوتان متضادتان هما قوّة القاتل وضعف القتيل وألمه، ويؤكد علماء النفس ان المنتحر في لحظة الإنتحار يعيش حالة واحدة من ثلاث حالات، تكون هى مصدر قوته، وتمكنه من الإستمرار والمضي قدمًا نحو حتفه، بخطوات صارمة وجادة دون إرتباك ..
أولها الحالة الإنتقامية؛ وفيها يوجه المنتحر عدوانه نحو شخص في مخيلته قد تسبب له في ألم معنوي، حيث يكون قتل الشخص لنفسه في هذه الحالة هو قتل للشخص الذي بداخله، فيوجه طعنته إلى ذلك الشخص عن طريق قتل نفسه !
الحالة الثانية هى الإستسلام؛ وفيها يكون المنتحر بلغ من اليأس أشده حتى تساوى عنده الموت والحياة، لم يعد هناك ما يجذبه للحياة يوما واحداً آخر، فقد إنتهت كل أسبابه للحياة، وعطبت كل آماله، وهذه الحالة هى الأكثر إنتشاراً في عالمنا العربي ..
أما الحالة الثالثة والأخيرة حالة عدوانية؛ حيث يقدم الشخص على الإنتحار بدافع الرغبة في القتل، الرغبة في ممارسة العنف حتى لو كان تجاه نفسه !
أرقام وإحصائيات
#آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية يؤكد ان هناك 3000 حالة إنتحار يومياً في العالم، وأمام كل حالة إنتحار 20 محاولة فاشلة، ما يعني 60 ألف محاولة إنتحار يوميا !
# وفي الوطن العربي 69% من حالات الإنتحار سببها الأوضاع الاقتصادية السيئة !
#أما تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2014 يوضح ان إجمالى المنتحرين لكل عام وصل لـ800 ألف منتحر،بمعدل حالة انتحار كل 40 ثانية، ويشير التقرير إلى ان هذه الأرقام لا فاقت أعداد ضحايا جرائم القتل والحروب معا!
أما عن حالات الإنتحار في الدول العربية، جاءت هذه الإحصائيات في الدول التي تنتشر فيها حالات الإنتحار بنسب كبيرة ..
مصر؛ يسجل الجهاز المركزي للتعبئة والإحصائيات حدوث 3 آلاف حالة إنتحار سنوياً ، ونحو 66% من هذه المحاولات تأتي من الفئة العمرية التي تتراوح بين 15 و40 سنة !
وفي الجزائر؛ وصلت فيها محاولات الإنتحار إلى محاولة كل نصف ساعة، ما يعني 27 محاولة في اليوم، أي 10 آلاف محاولة سنوياً !
السودان ؛ تعتبر السودان على قائمة الدول العربية التي تنتشر فيها حالات الإنتحار، حيث بلغت التقديرات بنسبة 17.2 حالة على كل 100 ألف ..
وفي تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية لعام 2014 جاء ترتيب الدول العربية من الأكثر إلى الأقل لكل 100 ألف شخص؛
السودان: 17.2، المغرب: 5.3، قطر:4.6، اليمن 3.7، الإمارات: 3.2، موريتانيا: 2.9، تونس: 2.4، الأردن:2، الجزائر: 1.9، ليبيا: 1.8، مصر:1.7، العراق:1.7، عمان:1، لبنان 0.9، سوريا:0.4، السعودية: 0.4.
لا تكن سبباً في إنتحار شخص
إن الحياة لا يمكن التخلي عنها في لحظة يأس، أنا وأنت نعلم هذه الحقيقة الغائبة عن ذاك الذي قرر إنهاء حياته، ونحر نفسه إعتراضاً على ما ما يقابله في الحياة، من ظروف صعبة ومآسي، في الحقيقة هو لا يسمع ولا يرى فالألم أحكم قبضته على عقله، والحزن أسدل شباكه السوداء على عيناه، ويأسه يشكل حاجزاً بينه وبين أي محاولة خارجية لإعادته من هذا الطريق المظلم ..
لذلك يتوجب علينا نحن الذين لم نزل في وعي كامل ، لم يعمي اليأس والألم بصيرتنا بعد، أن نمد يد العون لكل من تخاطبه نفسه السير في هذا الدرب الذي لا عودة منه ..
إن أحداثًا قد تبدو بسيطة بل وتافهة أحياناً، قد تتسبب في إنتحار شخص في محيطك دون أن تدري، لذا عليك الإنتباه لأقوالك وأفعالك، فما الإنتحار إلا ذرة ألم لا ترى نمت وتفاقمت وتضخمت بسلبية المحيطين وتجاهلهم وأفكارهم وآراءهم التي لم تزد الطين إلا بلة، حتى أثقلت حاملها وأودت به إلى الموت !
لذا كف عن بث السلبية في نفوس من حولك، فأنت لا تعلم أية فكرة أو حتى كلمة أطلقتها، كانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، بالنسبة لشخص يائس حولك لم تلحظ وجوده حتى، نحن البشر مختلفون وكل شخص منا لديه درجة من القوة والتحمل، فلا تطلق أفكارك وكلماتك بعبثية، فقد يكون في محيطك شخصاً وصل إلى آخر مراحل البؤس والكآبة فكان لكلمتك أثراً مؤلماً في نفسه، جعلته يدفع بنفسه في هوة الإكتئاب أو الأنتحار !
وأخيراً ؛ كلماتي لك يا من تحدثك نفسك بالإنتحار، أقول لك من أعماق قلبي ان هؤلاء من نحروا أنفسهم وقلوب أحباءهم معهم، لو عادوا للحياة لما فعلوا ما فعلوه، ولأدركوا كم كانوا مخطئين ..
عش ولا تأبه لهذا العالم، عش حياتك بكل ما تملك ، تمسك بعمرك بكلتا يديك لا تسمح ليوم ان يفلت منك دون ان تعيشه، أن تعيشه مشاركاً إيجابياً لا حملاً إضافياً على هذا العالم ..
ومهما بلغت بك الصعاب واجه ما يعتريك من خوف وألم ولا تتهرب، ولو بلغت آلامك عنان السماء، وتذكر؛ لن يساعدك أحد على النهوض ما لم تساعد أنت نفسك، ولو اتخذت قرارك وإنتحرت لن يتأثر العالم برحيلك، ولن يرتدي ثوب الحداد عليك، لن تتوقف الحياة !
إقهر العالم بحياتك وبمقاومتك للصعاب والعوائق التي تعترض طريقك، إذا كنت تريد هزيمته حقًا، فلتستمر في حياتك وتقاوم كل أسباب الرحيل، إن الموت آت آت، فلما العجلة !
وتذكر قول أوليفر هولمز: يقرص الموت أذني ويقول “عش حياتك! فأنا قادم” !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة