كثيرةٌ هي التقنيات التي تُستخدم للتأثير على الآخرين، لكن الباحثين وجدوا أنّ أفضلها هي تلك التي تستمد قوتها في الإقناع من تحفيزات إنسانية بسيطة.
ومن هذه المحفزات رغبتنا باتخاذ قرارات فعالة. قد لا يكون هذا مفاجئاً، لكن يمكنك فعلاً تحسين قدرتك على الإقناع إلى حد كبير بتسليح أسلوبك ببعض التعديلات.
عندما نقوم بالاختيار، نحن نبذل قصارى جهدنا لاختيار الأفضل، ونعتبر أي شيء أقل من الأفضل مضيعة للوقت والجهد والمال. لكننا في الوقت ذاته نحتاج في حياتنا المزدحمة للموازنة بين جودة خياراتنا والوقت الذي نستغرقه لاتخاذها. ومن هنا فإن فهم الاختصارات الذهنية التي نعتمد عليها لتسريع عملية اتخاذ القرار يكشف عن طرقٍ مفيدة لإقناع الآخرين بأن الخيار أو العرض الذي نقدمه هو الأكثر كفاءة وفعالية.
تفيد الاختصارات الذهنية بالقيام بمقارنات لتقييم خيار ما بدل الحكم عليه بمعزل عن غيره، وهو أمر نتقصّد القيام به ببذل جهد ذهني. مثلاً، مالذي تفعله لتقييم عرض أسعار قدّمه إليك موّرد لشركتك؟ ستحاول الحصول على عروض أسعار من موّردين آخرين. ومالذي ستفعله للتأكد من أن أهداف المبيعات الربع سنوية التي وضعتها قابلة للتحقيق؟ ستقوم بمقارنة أدائك هذا العام مع الأعوام الماضي. وهكذا.. يُعرف المبدأ النفسي الذي يتحكم بالأمور هنا باسم “التناقض المعرفي” ويمكن لهذا المبدأ أن يتخذ أيضاً شكل عملية تحدث في اللاوعي بدل كونها عملية مقصودة.
مثلا، ستختلف كثيراً نظرتنا إلى زجاجة عصير سعرها 35$ إن عُرضت علينا أيضاً زجاجة من العصير المنزلي بسعر 15$ مع زجاجة أخرى من العصير السيء بسعر 60$ أولاً، بغض النظر عن تقصّدنا تسجيل الفروقات بينها أم كنا نقارن بينها دون وعي.
تستطيع الأعمال التجارية أيضاً استخدام هذا المبدأ لمصلحتها لإقناع الزبائن باتخاذ قرارات الشراء اعتماداً على مقارنة السعر. إليك هنا مثالاً متطرفاً بعض الشيء من مجموعة مطاعم كارولتشيو التي تتألف من أكثر من 70 مطعم في مختلف أنحاء أوروبا والشرق الأوسط. تقدم هذه المطاعم مجموعة من الأطعمة الإيطالية الأصيلة مثل المعكرونة والسلطة والجيلاتو والدرّاجات النارية. نعم، الدرّاجات النارية. تظهر في قائمة الطعام دراجة من نوع فيسبا بريمافيرا بحيث يمكن لزبائن المطعم طلبها باللون الذي يريدون مقابل 4500$. بالطبع، كارلوتشيو لا يبيع الكثير من الدراجات مقارنة بالسلطات والسندويشات، لكن هذه الدراجة ليست أصلاً موجودة في قائمة الطعام كي يتم طلبها: لكنها موجودة لتجعل الأطعمة المراد بيعها (السلطات، والسندويشات وغيرها) تبدو رخيصة جداً للزبائن وبالتالي تبدو كخيار أكثر فعالية وكفاءة.
كذلك يساعد فهم التناقض المعرفي في حالات أخرى تتجاوز قرارات الشراء.
مثلاً، إن كنت ستقوم بعرض تقديمي لمنتج جديد أمام أعضاء مجلس إدارة شركتك، قم أولاً بمراجعة المنتجات التي استبعدتها. هذا لا يعني أن عليك أن تبتكر خيارات وضيعة المستوى لتجعل فكرتك تبدو رائعة. الهدف هنا هو إعطاء من سيتخذون القرار فرصة الاستفادة من نفس المقارنة المشروعة التي أخذتَها أنت بالاعتبار عند اتخاذ قرارك بتبني المنتج الجديد.
قد تخاف من اختيار مجلس الإدارة لمنتج من المنتجات التي استبعدتها أنت. ومع أنّ هذا احتمال وارد، لكن عليك ألا تنظر إلى هذا الاحتمال كتهديد لك لعدة أسباب. أولاً، لأن الخيارات التي تقوم بتقديمها هي خيارات مشروعة، وإن اختارها جمهورك فلا شك أن هناك فائدة في قرارهم (ربما فائدة خفيت عليك). ثانياً ستصبح لديك سمعة بأنك شخص منفتح على الخيارات، بدل النظر إليك كشخص يتعمّد إخفاء الخيارات الأخرى في محاولة لشق الطريق الذي يريد. ثالثاً، إن تضمين خيارات مشروعة للمقارنة يقدم لك فرصة كبيرة لفتح حوار مفيد حول المننجات.
بالإضافة للمقارنات، هناك طرق أخرى عديدة تحفز “القرارات التي تتصف بالكفاءة والفعالية”. مثل، توفير شهادات تزكية من أشخاص أحبوا المنتج الذي تعرضه، يما يوحي بأنه قد يكون خياراً جيداً لمن تحاول إقناعه بالمنتج أيضاً. هناك أيضاً طريقة الإشارة إلى التقدم الذي أحرزته نحو بناء المنتج الذي اخترته، فهذا سيقنع الآخرين بالموافقة على ما تقترحه بما أنه أفضل من بدء العمل من الصفر على تطوير خيارات أخرى.
بغض النظر عما إن كنت تريد إقناع فرد أو مجموعة بأكملها، فإن فهم كيفية استخدام حافز المقارنات سيعطيك قوة لإقناع جمهورك بأن الخيار الذي تقدمه هو الخيار الأفضل.
نشرت النسخة الإنجليزية من هذا المقال في موقع هارفرد بزنس ريفيو للكاتب ستيف مارتن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة