24‏/11‏/2019

الأساس لذكاء الأولاد: أن تتحدث معهم

photo credit: DominÖ via photopin cc
لماذا نركز على أهمية المدراس كلما ناقشنا موضوع  تعليم الأطفال، ولا نركز بما فيه الكفاية على دور الأهل؟
 بالنظر لكل الجدل الدائر حول الطريقة التي يجب أن يتعلم بها أطفالنا، يغيب عن تفكير الكثيرين حقيقة أن الطلاب لا يقضون أكثر من 15% من وقتهم في المدرسة. لا شك أبداً في أهمية المدرسة، إلا أن دراسات عديدة حديثة صدرت لتذكرنا بأن الأهل أهميتهم أكبر. في دراسة نشرتها مجموعة من الجامعات، وجدت أن انخراط الأهل مع أولادهم الطلاب في دراستهم – أي في تفقد وظائفهم، وحضورهم للاجتماعات والأحداث في مدرستهم،  ومناقشة النشاطات المدرسية لأولادهم في المنزل- له تأثير قوي على أدائهم الأكاديمي أكثر من تأثير المدرسة التي يدرس فيها الطلاب.
 في دراسة أخرى نشرت في Review of Economicsحول  الجهود التي يبذلها الأهل (مثل قراءة القصص بصوت عالٍ لأطفالهم، ولقاء أساتذتهم)، ووجدت الدراسة أن لهذه الجهود التأثير الأكبر على التحصيل العلمي لأطفالهم، وهو تأثير أكبر من تأثير جهود أستذتهم أو حتى جهود الطلاب أنفسهم. كذلك توصلت  دراسة ثالثة إلى أنه إذا  أرادت المدارس الوصول لنفس النتائج التي يمكن الوصول لها من اشتراك الأهل في عملية تعليم الأطفال، فإن على المدارس زيادة إنفاقها بأكثر من 1000 دولار أمريكي على كل طالب.
 أي أن دور الأهل كبير جداً – هذه الخلاصة واضحة جدا  في بحوث كثيرة امتدت على سنوات طويلة أظهرت أن سبب تفوق الأطفال القادمين من عائلات غنية وراقية هو اعتماد أهلهم سياسة “توحيد الجهود لتثقيف أبنائهم” مقارنة بسياسة “عدم التدخل” التي تتبعها العائلات من الطبقات العاملة الأفقر. و هذا البحث يُظهر شيئاً مهما آخر وهو أن الأهل من جميع العائلات لا يحتاجون لشراء ألعاب تعليمية باهظة الثمن أو أجهزة رقمية لأطفالهم لإعطاء تعليمهم دفعة تضعهم أمام غيرهم من الطلاب. كما أنهم لا يحتاجون لأن يصطحبوا أولادهم إلى دورات تقوية أو دورات تحضير قبل الامتحانات. كل ما يحتاجون القيام به هو أمر بسيط: التكلم معهم.
 لكن ليس أي كلام بالتأكيد. فعلى الرغم من أن دراسة شهيرة قام بها الباحثان في علم النفس بيتي هارت وتود ريسلي أظهرت أن الآباء من الطبقات العاملة الراقية يتحدثون إلى أبنائهم أكثر مما يتحدث الأهل من الطبقات الأفقر، وأن حديثهم ينتج عنه فجوة بين الطلاب من كلا الطبقتين يقدر بحوالي “30 مليون كلمة” ببلوغ الأطفال سن الثلاث أعوام، إلا أن هناك بحوثاً حديثة  صدرت مؤخراً تعمل على إعادة تحديد نوع الكلام الذي نحتاج أن نقوله في المنزل لنجعل أطفالنا ناجحين في المدرسة. مثلاً، هناك دراسة أجراها باحثون في جامعة UCLA School of Public Health نشرت في مجلة Pediatrics وجدت أن الحوار المتبادل بين الطفل والبالغ كانت قدرته أقوى بست مرات في ترقية قدرات الأطفال على تعلم اللغة مقارنة بقيام الشخص البالغ بالتحدث لوحده دون مشاركة الطفل. كما أن الدخول في حوار مع الطفل قائم على “الأخذ والعطي” يمنح الأطفال فرصة لتجربة لغتهم الخاصة، كما يعطيهم أيضاً إحساساً بأن أفكارهم وآراءهم تحدث فرقاً. عندما يكبر هؤلاء، سيساعد هذا الشعور الأطفال من الطبقات الوسطى أو الراقية ليتطوروا ويصبحوا أشخاصاً يدافعون عن آرائهم ومصالحهم،  في حين أن الأطفال من الطبقات الفقيرة، الذين لا يتحدث إليهم أهلهم بهذا الشكل، تراهم يتجنبون طلب المساعدة، أو مناقشة أستاذهم في الصف حول قضية ما، بحسب دراسة نشرت العام الماضي في مؤتمرAmerican Socilogy Association .
 كما أن محتوى الحديث الذي يتحدث به الأهل مهم أيضاً. فالأطفال الذين يسمعون كلاماً عن عدّ الأشياء والأرقام في المنزل يبدؤون المدرسة ولديهم معرفة موسعة عن الرياضيات، كما يقول التقرير الذي نشره باحثون من جامعة شيكاجو، وهي معرفة تنبئ بأن أداء الطفل سيكون قوياً في هذا المجال. كما وجدت عالمة النفس سوزان ليفين التي قادت الدراسة على الأرقام والكلمات، أن كمية الكلام الذي يسمعه الأولاد عن الخواص الشكلية للأجسام حولهم في العالم – مثلا أن نشرح لهم كم كبير أو صغير أو مستدير أو حاد شيء ما – ينبئ بقدرات الأطفال على حل المسائل والقضايا، بينما يتحضرون لدخول الحضانة.
 وبينما تتغير طبيعة الحديث بين الآباء والأبناء مع تقدم الأبناء بالعمر، يبقى  تأثير هذه “الأخذ والعطي” في الحديث بين الأهل والابن ذات تأثير قوي على تحصيلهم الدراسي. ومرة أخرى، فإن الطريقة التي يتحدث بها الآباء والأمهات إلى أولادهم الذين هم في المدرسة الإعدادية يحدث فرقاً أيضاً. فقد أظهر بحث أجرته نانسي هيل البروفسورة في كلية التعليم في جامعة هارفرد أن للآباء دوراً كبير فيما تدعوه البروفسورة (جعل التحصيل العلمي عملية اجتماعية) وهذا يعني خلق توقعات وروابط بين السلوك الحالي للأطفال والأهداف المستقبلية لهم (مثل دخول الجامعة، والحصول على عمل جيد).
 تقول هيل، إن الدخول في هذا النوع من الأحاديث، له تأثير قوي على التحصيل التعليمي للأولاد أكثر من تأثير النتائج التي قد يجنيها الأولاد من حضور آبائهم لاجتماعات أولياء الامور أو اصطحاب الأولاد إلى المكتبات والمتاحف. لذا، يبدو أن أفضل طريقة لتدعيم نجاح الطلاب ليست فيما يفعله الآباء بل فيما يقولونه أيضاً.

نشر المقال الأصلي باللغة الإنجليزية في موقع مجلة التايم للكاتبة آني مرفي بول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة

مشاركة مميزة

الابتكار التدميري (Disruptive Innovation) : محرك التغيير في عالم الأعمال

  مقدمة في عالم الأعمال اليوم، يتزايد الحديث عن الابتكار التدميري (Disruptive Innovation) كقوة محركة للتغيير والتحول في القطاعات المختلفة. ي...

الأكثر مشاهدة