03‏/03‏/2019

ردود الفعل التي تمنحنا التركيز في العمل

طوال مسيرة حياتي كنت أتعمد إخفاء الكثير من ردود الفعل غير المستحبة بالنسبة لي، بالطبع لم أكن راضٍ عن ذلك فعندما كنت في الصف السادس الابتدائي قام أحد الأطفال في الحافلة بإخباري أنّ حذائي الرياضي كان لونه فاقعًا جدًا، وأيضًا لم يرق لي ذلك عندما سمع المسؤول التنفيذي في الشركة فكرة مشروعي الرقمي وقال: " أنا أكره هذه الفكرة"، فلقد تبين لي أن حذائي الرياضي كان فاقع اللون وفكرة مشروعي الرقمي لم تكن فكرةً مميزة، هذه التجارب وغيرها لم تساعدني على التخلص من القلق الذي أشعر به.
على أيّة حال فإنه ليس بمقدورنا  تجنب ردود فعل الآخرين،  حيث أن  معالجة الأفكار وتغييرها وجمع ردود الفعل تشكل جزءًا كبيرًا من عملنا الذي يمكننا من الحصول على لقمة العيش. في أغلب الأحيان كانت لدي فرص كثيرة للبحث في أسباب تلقي ردود الفعل المشحونة عاطفيًا، وكانت تشكل تحدٍّ كبير بالنسبة لي  لمعرفة ما هو الصواب منها. وإليكم ما وجدت أنه صحيح:
عندما ننشغل بمشروع ما في العمل، فنحن غالبًا لا نفكر به كشيء خارجي أو نظري، بل  نفكر به كأنه أشبه بقصةٍ ما، ونقحم أنفسنا فيها ونتخيل بطل الرواية، قد يبدو ذلك دراميًا، وخاصةً إذا كان عملك لا يأخذ مقترحات الناس بعين الاعتبار ولكن هناك العديد من الأبحاث التي تدعم ذلك: يقوم البشر باستخدام القصص لمنح العالم شعور حول شيءٍ ما ويسعون لجعلهم قريبين منه. إن عملنا لا يختلف كثيرًا  فنحن نقوم بإنشاء قصةٍ في مخيلتنا حول ما سوف يصل إليه مشروعنا وإلى أين سنتجه فيه وهذا الأمر يجعل من مناقشة ردود الفعل أمرًا خطيرًا إنه المكان الذي يمكن أن يداهمك  فيه أي شخص آخر ويسرق أفكارك.
وعندما أتحدث عن نفسي فأنا ألاحظ أنه عندما أقوم بإبداء ردة فعل تجاه شيءٍ ما ويكون شعوري هو الإحباط تجاهها فإن أفكاري تقودني إلى حقيقة أن الناس لن يحبوا ذلك الشيء. كيف يمكنني إجبارهم على التفكير بنفس الطريقة التي أفعلها حتى نتمكن من إصلاح كل ما هو خطأ في هذا المشروع، وفي النهاية، أنا لا أشعر أبدًا بالفشل. في نهاية المطاف فإن جميع هذه المواقف هي بمثابة نتائج انعكاسية تعبر عن موقفنا لأنها تركز شعورنا الداخلي. إن كل من عملية تقديم أو تلقي ردود الفعل إنما هي على جوانبٍ متضادةٍ من المعادلة، وتهدف للحفاظ على مصلحة كل طرف.
team-2894828_640.jpg
ولكن كمثالٍ لقصةٍ جيدة، فإن ردود الفعل الجيدة يمكن أن تنقلنا خارج دائرة أنفسنا، مما يسمح لنا أن نرى العمل بشكل أوضح حيث يمكن إزالة الحاجز الوهمي بين من يبدي ردود الفعل ومن يتلقاها، وذلك يقودنا للتركيز على الأهداف المشتركة مع الناس. قم بتغيير سلوكك تجاه ردود فعل الآخرين، لتتمكن من تغيير فكرة المشروع الخاص بك. في ما يلي ثلاث طرقٍ للتفكير في ردود الفعل التي قد تساعدك على القيام بذلك:

إن ردود الفعل الجيدة تساعدنا على فهم كيفية وصولنا إلى الوضع الحالي

إليك هذه القصة:
 كنت أقدم بعض الأفكار والمفاهيم الجديدة الخاصة بتطبيق القيادة الإبداعية في المشروع وكان هناك عدد من أصحاب المشاريع والمرشدين والمستشارين، وقد حضرت عدة أمثلةٍ على ردود الفعل بينهم ولاحظت رؤيتهم المتناغمة والرائعة التي كنت ألمسها في ذلك الاجتماع، على كل حال هذه هي الطريقة التي آمل أن تحذوا حذوها في القصة. ولكن في نهاية الاجتماع، حصلت أمورٌ رائعةٌ، فقد كانت  أسوأ ردة فعل تلقيتها هي: "لقد أدركنا جزءًا بسيطًا من فكرتك ولكن نعتقد أنه يجب أن تكون أكثر بساطةً ووضوحًا".
وقاموا  بتسليمي مخططٍ ورقيّ لأقوم بتوضيح فكرتي عليه من جديد، وكنت قد قدمت لكي أضع التوقيع النهائي ولكن كان علي القيام بالمزيد من العمل والتوضيح. شعرت بالخجل، كيف استطعت نسيان ذلك؟ على الرغم من أن ردود الفعل كان غير مرضيةٍ إلا أنني توجهت لإجراء تغييراتٍ كبيرةٍ، مما أدى إلى نتائج أفضل في النهاية، وفيما يلي الأسباب التي ساعدتني على ذلك:
أولًا، بدت ردود الفعل كمحادثةٍ عاديةٍ (بدًلا من الملاحظات المكتوبة) وهي تجعل التحقق من الافتراضات أمرًا سهلًا، فعندما تتحدث وجهًا لوجهٍ إلى شخص ما فيمكنك طرح أسئلةٍ مفتوحةٍ وتوضيح جميع مقاصدك، لذلك لا تتسرع في إنهاء الاجتماع فالحديث يساعدك في العثور على الأخطاء بشكل أسرع. 
كان لردود الفعل أثرٌ قويٌّ في الربط بين المشاكل الموجودة في عملنا إلى حد ما (في محاولةٍ للتوفيق بين العديد من الأفكار التنافسية) وكيف أدى ذلك إلى النتيجة الحالية للمنتج (وهو المنتج الأكثر تعقيدًا) وقد ساعدني الشخص الذي أبدى ردود الفعل في تحسين عملي  دون توجيه اللوم أو التشهير بي في هذه ذلك الاجتماع.
وقد كانت ردود فعلهم مباشرة فهم لم يحاولوا إخفاء حقيقة أن هذه الفكرة غير واضحة لهم، إن الانتقادات المحجوبة أو الغامضة تضر أكثر مما تنفع؛ ونفس الشعور السلبي يمكن أن يأتي في ظل عدم وضوح ما يجب القيام به بعد ذلك.

ردود الفعل الطيبة تدعو كل شخص للمساهمة في عمله بشكل أفضل

 لا يمكن أن يتم انتقال أي فكرة من شخص إلى آخر. ... إلا من خلال  صارعة مع ظروف المشكلة بشكل مباشر وكما يراها كل طرف
جون ديوي، الديمقراطية والتعليم
وإليك قصة أخرى، فقد كنت أعمل منتجًا لتطبيقٍ خاصٍ بأحد الألعاب، وكان الفريق يعمل على جزء من واجهة المستخدم وكان هناك لاعبٌ سوف يتم استخدامه بشكل متكرر، وكنت مقتنعًا بأن التصميم الحالي لم يكن صائبًا،  وبقيت أحاول تغيير ذلك بشكل يتعارض مع ما يقوم به الآخرون، وأظهرت للفريق بعض ردود الفعل المحددة حول ما أردت القيام به، وقد عمل المصممون لإنجاز ذلك، ولكن أصبح من الواضح أن ملاحظاتي لم تساعدهم في ذلك، وقام مدير التصميم بالتدخل في الموضوع بكل لطفٍ وقام بتوجيههم إلى تصميمي وعاد مرة أخرى للعمل.
كان جون ديوي على حق عندما قام باقتباس النص في الأعلى؛ فليس بمقدورك أن تقوم للتفكير لشخص آخر.  وهذا بالضبط ما كنت أقوم به: وهو إعطاء حلولٍ محددةٍ بدون الحاجة لدعوة الفريق للتعامل مع المشكلة  بشكل مباشر وكانت النتائج سيئة بسبب ذلك.
إن فكرة استخدام ردود الفعل بدون أن تتملق أحدًا أو تتحكم به  في القيام الأشياء التي تريدها على طريقتك تبدو أمرًا مغريًا، ولكن عادةً ما يؤدي هذا إلى نتائج بسيطةً نوعًا ما ، وهناك عدد من الأسباب لهذا:
ليس بمقدورك أن تفعل كل شيء بنفسك، وبدلًا من ذلك عندما تقوم بإبداء ردة فعل ما فتذكر بأنك تقوم ببناء فريق من الأشخاص المتعاونين الذين سوف يعملون ليبدو منتجك النهائي بأفضل شكل ممكن.
وفيما يلي بعض الأمثلة على ردود الفعل التي تساعدك في تجنب فخ استخدام ردود الفعل بشكل مسيطر، وبدلًا من ذلك قم بإبراز أفضل الأمور الموجودة عند الأشخاص.
لا تعطي ردود الفعل إلا في الوقت الصحيح:
لا تعتبر ردود الفعل مفيدة إذا ما قمت بإبدائها قبل البدء بالعمل، كما أنه ليس من المفيد إعطاء أي ملاحظاتٍ إذا لم تكن قد أخذت الوقت الكافي للنظر في العمل وفكرت في ذلك مقدمًا
فإذا كنت تتسرع في أي من هذه الأمور، فإن ردود الفعل سوف تنتقل إلى نقاش حول ما يمكن أن يكون، بدلًا من ما هو موجودٌ الآن، وهذا سوف يعمل على خلق اندفاعيةٍ في التعامل بين الأطراف.
لتكن ردود فعلك محددةً وواضحة
ينبغي أن تكون ردود الفعل واضحة بما فيه الكفاية لكي تتمكن من تحديد المشكلة ولكن في العادة ليس من الجيد أن تقوم بإعطاء حل محدد فردود الفعل في هذه الحالة سوف تتجه اتجاه آخر، وسوف يصبح من الصعب التمييز بين الخيارات المناسبة.
إن الخلفية الموجودة وراء عناصر القائمة هي زرقاء فاتحة وغامقة  وهذا يجعل من رؤية بعض الخيارات أمرًا صعبًا،  لذلك يجب أن يتم تغيير اللون في الخلفية وجعله أبيضًا بالإضافة إلى وضع خط رفيع أحمر اللون في محيط كل مربع وعندما يتم تحديد خيارٍ ما فسوف يتوهج الخط الأحمر.
وعوضًا عن ذلك سوف تقوم ردود الفعل بتحديد المشكلة بوضوح وسوف يكون ذلك كافيًا:
إن الخلفية الموجودة وراء عناصر القائمة تشكّل صعوبةً في رؤية بعض الخيارات فبأي طريقة يمكن أن نجعل رؤيتها أسهل؟
قم بإعطاء هذه المهمّة للشخص المختص بهذا العمل وسوف يحل هذه المشكلة بطريقة أفضل وغير متوقعة.
اعترف بالخطأ عندما تخطئ
عندما تقوم بالاعتراف بالخطأ بشكل علني وبدون خوف فإن ذلك يشجع الآخرين على القيام بالشيء نفسه، وهذا سوف يعيد توزيع العمل بعيدًا عن الأنانية وسوف يساعد على حل المشاكل.
لقد اخترت أن أعترف أنني ارتكبت خطأ مشروع التطبيق المذكور أعلاه؛ فقد كان المصممين على حق وقد أخبرتهم بأني سعيدٌ لأنهم تمسكوا برأيهم، وقلت لهم بصوتٍ مرتفع: كان ذلك أسهل مما كنت أعتقد، وكانت علاقة العمل بيننا أفضل بسبب ذلك الموقف.

ردود فعل جيدة تحكي لنا قصصًا مميزة حول مستقبل العمل

" في كتاباتي… حاولت بقدر استطاعتي أن أجد الخير وأثني عليه.."
أليكس هالي
لقد قلنا أن ردود الفعل الجيدة تربط الافتراضات السابقة والقرارات إلى النتائج الحالية، وبدون الحاجة لتوجيه اللوم لأحد، وتقوم ردود الفعل بتحديد  الحالات الجيدة للقضايا في الوقت المناسب وبطرق محددة مما يتيح للناس مجالًا لإيجاد حلولٍ جديدة للمساهمة بأفضل عمل ممكن.
وأخيرًا، لقد وجدت أن ردود الفعل مفيدة جدًا فهي تساعدنا على إدراك ما هو أبعد من الحالة الراهنة لعملنا وتبني رؤيةً مشتركةً للمكان الذي نتوجه إليه. إن أحد أكثر الأدوات التي يتم تجاهلها لبناء تلك الرؤية المشتركة هي في الواقع بسيطة جدًا: ردود فعلٍ إيجابيةٍ، حيث أن ردود الفعل الإيجابية تقوم بالاعتراف  بالعمل الرائع الذي تم إنجازه بالفعل، ويتم ذلك بطريقة تركز على المستقبل، والغرض منه هو الإشارة إلى ما نريد القيام به.
في أثناء الممارسة العملية، وجدت أنه بإمكاني أن أكون بخيل بخصوص إبداء ردود الفعل الإيجابية، وخاصة عندما يتعلق الأمر ببداية المشروع، حيث يكون هناك الكثير من العمل بانتظارنا، وربما يكون ذلك هذا لأنني أخشى من أن الإشارة إلى الأشياء الجيدة من الممكن أن تصرفنا عن الأمور التي تحتاج للعمل والتحسين. ولكن من المفارقات أن العكس يمكن أن يكون صحيحًا: حيث يصبح من الأسهل إصلاح ما يتم كسره عندما يتوفر لديك شيء منه (مهما كان صغيرًا) ولكنكم تعلمون أنه يعمل بشكل جيد، ويمكنك البدء في بناء رؤيةٍ أكبر حول هذا الشيء الصغير. لذلك عليك أن تكون مباشرًا بشكل متساوٍ حول من يعمل مع ما هو غير موجود، وسوف تجد أنه من السهل تجميع فريق حول رؤيةٍ مشتركة لمستقبل العمل، ويمكنك ملاحظة أولى علامات تلك الرؤية المستقبلية في الوقت الحاضر.
وكما يقول  السيد هالي: قم بإيجاد الخير واسع للثناء عليه. والأمر الأهم من ذلك  عدم نسيان أن تقول: شكرًا لك. قم بشكر الناس على مساهماتهم.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Feedback That Gives Focus لصاحبه Dave Peth

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة

مشاركة مميزة

الابتكار التدميري (Disruptive Innovation) : محرك التغيير في عالم الأعمال

  مقدمة في عالم الأعمال اليوم، يتزايد الحديث عن الابتكار التدميري (Disruptive Innovation) كقوة محركة للتغيير والتحول في القطاعات المختلفة. ي...

الأكثر مشاهدة