03‏/12‏/2019

هل طفلك عرضة للإصابة باضطراب الشخصية الحدية؟

هل طفلك عرضة للإصابة باضطراب الشخصية الحدية؟

اضطراب الشخصية الحدية Borderline Personality Disorder، هو اضطراب نفسي خطير؛ يعاني المصابون به من صعوبة شديدة في تنظيم مشاعرهم Emotional dysregulation، مما يجعلهم يشعرون بمشاعر طاغية ومتفجرة؛ هذه المشاعر يمكن أن تكون خزيا أو غضبا أو حزنا أو قلقا وتوترا شديدا.

الاضطراب يصيب الجنسين، ولكن النسبة الأكبر تظهر في النساء، فنسبة حدوثه في النساء إلى الرجال هي 3 إلى 1، ولا يعرف حتى الآن هل الاضطراب أكثر شيوعا بين النساء لأنهم الأكثر طلبا للعلاج، أو لأن نظرة المجتمعات عموما أكثر قبولا للرجل الذي يغضب غضبا شديدا، وهي أقل قبولا للمرأة التي تعبر عن غضبها بنفس الدرجة.

هذا الاضطراب في المشاعر وعدم قدرة المحيطين بهم على تفهمه يجعلهم يعانون من علاقات عاصفة، واندفاعية، وعدم ثبات صورة الذات، وكل هذا يؤدي إلى سلوكيات إيذاء النفس والسلوكيات الانتحارية، والخوف الشديد من الهجر.

ولكن كما تشير الأدلة البحثية أنه مع العلاج والدعم يمكن أن يحقق المصابون بالاضطراب تقدما كبيرا ومكاسب كبيرة في العديد من مساحات المشاكل، خلال سنة واحدة، والعديد منهم لا يتوافق مع المعايير التشخيصية للاضطراب بعد العلاج.

وبالمثل، تشير الأدلة البحثية إلى انخفاض كبير في الحزن والغم والأسى والأسف عند الأهل والمحيطين بالشخص المصاب، ويقل الشعور بالعبء، فضلا عن زيادة الشعور بالتمكن وزيادة رضا الأسرة، ومع مرور الوقت، فإنه يحدث تحسن ملحوظ في الأعراض عند 80% من المصابين.
  • فجوة في البرامج البحثية والتوعوية والعلاجية
ورغم شيوع الاضطراب، وحجم تأثيره على حياة المصابين به وأسرهم، إلا أن البحوث والعلاجات وبرامج التوعية المتعلقة به متأخرة عقوداً عن أمراض واضطرابات نفسية أخرى، وهذا التأخر جعل كثيرين - بمن في ذلك المتخصصون - يتصورون أنه لا يوجد علاج ناجع، وقد كان الأمر كذلك حتى نهاية ثمانينيات القرن الماضي، عندما صمّمت مارشا لينهان - وهي بالمناسبة تعاني من الاضطراب - برنامج العلاج الجدلي السلوكي Dialectical behavioral therapy DBT، والذي أثبتت الأدلة البحثية فعاليته في مساعدة مرضى اضطراب الشخصية الحدية في التعامل مع اضطرابهم.
  • اضطراب المشاعر من أهم سمات الاضطراب
وهذا الاضطراب هو واحد من الاضطرابات التي تتميز باضطراب وصعوبة في إدارة المشاعر Emotional dysregulation، وتتأرجح المشاعر صعودا وهبوطا، حتى شُبهت بعجلة الملاهي الدوارة (Rollcoaster)، وتظهر هذه الصعوبة في إدارة المشاعر في:

1. حساسية عاطفية عالية High emotional senditivity: 
- ردود فعل سريعة.
- ردود فعل مرتفعة الحدة.
- التفاعلات تكون كرد فعل على مؤثرات بسيطة جدا، قد لا يلاحظها المحيطون.
- وبالطبع فالتفاعلات للأحداث العاطفية الكبيرة تكون أكبر بكثير عند المصابين بالاضطراب من مثيلتها عند المحيطين.

ويمكن تشبيه الأمر بالجرح في يدك الذي يشعر بالسخونة أكثر من باقي أجزاء يدك السليمة.

2. ارتفاع التفاعل العاطفي High emotional reactivity، ويتميز بـ
- ردود فعل متطرفة وأكثر حدة (غضب شديد أو حزن وبكاء شديد كرد فعل على مواقف تبدو بسيطة في أعين المحيطين).
- الإثارة العاطفية تعرقل المعالجة المعرفية، ما يؤدي إلى مشكلات في التفكير، وفقد القدرة على حل المشاكل.
- يكون حجم الاستجابة للمؤثرات العاطفية أعلى من المحيطين.

3. رغم أن المشاعر ترتفع للقمة بسرعة، إلا أنها لا تعود للوضع الطبيعي بنفس السرعة، ولكن العودة تكون بطيئة، وهذا يجعل

ردود الفعل طويلة الأمد، ما يستلزم وقتاً أطول للتعافي.
- ولأن الشخص يظل مستثارا، فإن هذا يساهم في تحفيز عاطفي أعلى عند التعرض لأي حدث مقبل، ويشبه الأمر محاولة السير على الساق المكسورة قبل تمام الشفاء، والذي يجعلها عرضة للكسر بشكل أسهل.
  • أسباب حدوث الاضطراب
معظم الدراسات تشير إلى أن الاضطراب يحدث بسبب التفاعل بين العوامل الجينية، والتي تجعل الطفل حساسا، وبين البيئة المحيطة التي لا تكون داعمة لحساسيته.

فبسبب العوامل الجينية يكون الطفل (أو الطفلة وهن أكثر إصابة) حساسا بزيادة منذ الصغر، وتتأرجح مشاعره صعودا وهبوطا، ويعاني من صعوبة إدارتها (طفل أو طفلة شديد الحساسية الشديدة منذ الصغر، وسهل الاستثارة).

هذا الطفل (أو البالغ المصاب بالاضطراب) يحتاج إلى بيئة محيطة تضفي شرعية على عواطفه ورغباته وأفكاره ومعتقداته وأحاسيسه، ولا تستنكرها أو تسخر منها، أو تهون منها، وهي ما تعرف بـ Validating environment.
  • خصائص البيئة غير الداعمة (Invalidating environment)
البيئة غير الداعمة (Invalidating environment) هي البيئة غير الملائمة للشخص الذي يعاني من اضطراب في تنظيم المشاعر، سواء كان مصابا باضطراب الشخصية الحدية، أو بأي اضطراب آخر من اضطرابات تنظيم المشاعر، وتتميز هذه البيئة بالمواصفات الآتية:

- عدم إضفاء الشرعية والقبول لتجارب الشخص، خاصة تلك المتعلقة بعواطفه، ورغباته، وأفكاره، ومعتقداته، وأحاسيسه.
- التقليل من شأن خبرات الشخص وأحاسيسه، خصوصا عندما تكون مختلفة تماما عن تجاربهم وخبراتهم (شخص شديد الحساسية وسط أهل أقل حساسية أو متبلّدي المشاعر).
- عدم قبول وتقدير الاختلافات والفروق الفردية.
- محاولة التغيير أو السيطرة.
- التجاهل وعدم تقديم الاهتمام.
- موقف نقدي أو حكمي من الأهل.
- غياب التعبير عن القبول والاهتمام، حتى لو كان ذلك القبول والاهتمام موجودين.
- إعاقة قدرة الشخص على حل المشاكل، وإدارتها.

الخلاصةتعرّفنا على سمات الشخص الذي يعاني من اضطراب المشاعر، والذي يكون تربة خصبة للعديد من الاضطرابات النفسية، ومن أبرزها اضطراب الشخصية الحدية، ومن هنا يتوجب ملاحظة أبناءنا بحب وقبول؛ والبنات منهن بصفة خاصة لأنهن الأكثر عرضة للإصابة، فإذا شككنا في وجود تفاعلات ومشاعر أعلى مما نتصور نحن أنه طبيعي؛ فهذا قد يشير لأن الطفل أو الطفلة يحتاج لمعاملة خاصة، ويحتاج أن تتوافر له البيئة الداعمة، وخصائص هذه البيئة الداعمة عكس خصائص البيئة غير الداعمة المذكورة أعلاه.

وتعرّفنا أيضا على السمات التي تميز البيئة غير الداعمة (الوالدين - الإخوة - الزوج والزوجة - الأبناء)، هذه البيئة تسبب أذى وألم غير محتمل للشخص الذي يعاني من اضطراب المشاعر، وكأنها تسكب الزيت على النار المشتعلة بداخل الشخص، فإذا كنت أبا أو أما، زوجا أو زوجة، أخا أو أختا، ابنا أو ابنة، وتعاني من إدارة العلاقة مع شخص محبوب ويهمك أمره، فالخطوة الأولى أن تتفهم مشاعره، وأن توصل له رسالة صادقة أنك متفهم قدر معاناته، وأن تكف عن الحكم عليه، فإذا لم تستطع أن تفعل ذلك وكان الشخص طفلا، فتوجه به إلى الأخصائي النفسي بدون تأخير، وإن كان بالغا فانصحه بالتماس المساعدة المتخصصة. ورجاء لا تحاول أن تشخص حالته أو تلقي بالتشخيص في وجهه، فقط أخبره أن علاقتكما مهمة وأنكما بحاجة للمساعدة المتخصصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة

مشاركة مميزة

استراتيجيات الانطلاق الناجح للشركات الناشئة - من الفكرة الى التنفيذ

  إذا كنت ترغب في تعزيز خطوتك الأولى في عالم ريادة الأعمال، أو إذا كنت تمتلك فكرة لمشروع ناشئ وترغب في تحويلها إلى شركة ناجحة، أو لديك شركة ...

الأكثر مشاهدة