22‏/12‏/2019

الشركات العائلية : مميزات و عيوب

سؤال يتبادر إلى الطموحين كثيراً .. عند تأسيسي لشركتي , هل من الأفضل أن أجعلها شركة عائلية ؟ أم أبحث عن شراكة و مساهمة ؟ مالذي يحدد ذلك و يدفعني إليه ؟

عالمنا العربي مليء بالشركات العائلية , بل أن غالبية شركاته هل أصلاً شركات عائلية . و يرجع السبب في ذلك إلى الأطباع و الصفات التي نتصف بها , فقليلٌ منا من يتنازل عن رأيه و يجد من يتفق معه , و شراكتنا دوماً ما تنتهي بفضها . و الظاهر أننا تعلمنا الكرم و لم نتعلم فنون المشاركة . و يشاركنا في هذا الطبع كثير من الشعوب كالشعب الصيني مثلاً . و أوردت في موضوع سابق نسب الشركات العائلية من مجموع الشركات في عدد من الدول , منها على سبيل المثال: تمثل الشركاتالعائلية نسبة 95% من مجموع الشركات في السعودية .


إذن , ما مميزات الشركات العائلية و مالذي يجذبك لهذا النوع من الشركات ؟

1- في حالة التأسيس و الحاجة إلى المال , غالباً ما يقوم أفراد العائلة بتمويل صاحب الفكرة (المؤسس) و دعمه مادياً و معنوياً , لأنهم أكثر الناس ثقة به و بقدراته و قناعة في فكرته . و غالباً ما تكون هذه الشركة هي رأس مال العائلة و قوتها اليومي , فيشاركون فيها بكل ما يملكونه من جهد و مال سعياً في إنجاحها و تحقيق أهدافهم و أحلامهم ..
2- تبدأ الشركات صغيرة و بأعداد قليلة من الموظفين , أغلبهم من أفراد العائلة و الذين يكونون عادة مشتركين في اعتقاداتهم و متشابهين في أطباعهم , و ذلك يسهل عليهم كثيراً التركيز في العمل و دعم بعضهم لبعض .. الإختلاف بالفروع أسهل بكثير من الإختلاف بالأصول .. فالشريك من خارج العائلة قد تختلف معه كلياً في كثير من الأصول مما يستهلك عليك الكثير من الوقت و الجهد للاتفاق معه .
3- "روح العائلة" و شراكة الدم الواحد , هي ما يجعل الشركات العائلية تصمد أكثر عند المصائب و تثبت في مواجهة التحديات التي تواجهها .. فالثقة في أفراد الشركة و معرفة مدى قدراتهم مهمة في تلك الأوقات العصيبة .. و عندما تحل عليك أزمة مالية فلن يصبر عليك و يثق بك أكثر من أفراد عائلتك ..
4- قدرة أكبر في التصرف الإداري والمالي ..
5- سرعة اتخاذ القرار والتحرر من الشكليات والإجراءات التي تحددها اللوائح ..
6- تتميز الشركات العائلية بهوامش ربح و معدلات نمو مرتفعة , نظراً لمرونتها و جديتها و سرعة استجابتها للاحتياجات ..




و ماذا عن عيوب الشركات العائلية و التحديات التي تواجهها ؟

1- الصراع على السلطة و الإدارة . فالشركات العائلية مليئة بالإختلافات و المشاجرات , و ليس هناك مواصفات معينة لمن يستحق أن يكون المدير أو صاحب المنصب المعين , و الكل منهم يظن أنه الأولى بهذا المكان . فعدم وجود الشروط التي تحدد مواصفات الأحق بهذا المكان , تبدأ الاختلافات و المنازاعات العنيفة بين أفراد العائلة , كلٌ يريد أن يستعيد حقه الضائع كما يظن . تماماً كدولة تردى فيها الوضع الأمني .
2- انتقال الصراعات الشخصية بين أفراد العائلة من المنزل إلى بيئة العمل . فالأب قد يغضب على ابنه بسبب أمر شخصي حدث في البيت , فيتنقل معه غضبه من الغد في بيئة العمل . و العكس كذلك , قد يترك الابن العمل بسبب مشكلة شخصية مع أبيه حدثت في المنزل لا تتعلق إطلاقاً بالعمل .
3- عدم وجود الخصوصية الشخصية . فأفراد العائلة الذين يعملون في الشركة تجدهم طوال الوقت مع بعضهم , و ليست لديهم نوع من أوقات الخلوة التي يحتاجونها لأمورهم و اهتماماتهم الخاصة . هم سوياً في الصباح وقت العمل , ثم يتقابلون على مائدة الغداء و العشاء , بل وحتى الجلسات البينية بينهما . فتجد الوالد يطلب من ابنه الذي يعمل معه في نفس الشركة أن يتواجد على جلسة "قهوة المغرب" لوجود فلان و فلان , ثم يطلب منه أن يراه وقت العصر أو بعد العشاء ليتناقشون أمراً لم يستطيعوا أن يتناقشوه داخل الشركة لخصوصيته أو ليحضروا مناسبات الأقارب أو العملاء . فتجدهم دوماً مع بعضهم , خارج وقت الدوام و داخله , مما يسبب لكثير منهم بعض الضيق . فكل إنسان يريد له وقتاً خاصاً و نوعاً من الخصوصية لا يرضى لأحد بالإمساس به , و يطلب من الجميع إحترامه لأنه يعتبره جزءاً من احترامه هو شخصياً . فالشركات العائلية يجب أن تركز على احترام أوقات و خصوصيات أفرادها خارج وقت العمل إذا أرادت تركيزهم في أوقات العمل .


4- عدم وجود قرارات لتحديد توظيف و ترقية أفراد العائلة و تحديد العقوبات في حالة التقصير من أكبر أسباب الاختلاف و الشجارات في الشركات العائلية .
5- تذمر الموظفين الآخرين من خارج العائلية بسبب المحسوبية ..
6- تردد المؤسس من ترك قيادة الشركة لمن يخلفه , و هذا يسبب لها الضعف مع ضعف المؤسس نفسه لكبره أو مرضه أو انشغاله . كما أن الشركة تبطئ في تطورها و نموها لأنها تحتاج إلى ضخ دماء و أفكار جديدة فيها . و المؤسس قد يكون ممتازاً في التأسيس و غير موفق في الإدارة ..
7- من يكون المدير القادم ؟ مشكلة انتقال الرئاسة بعد وفاة المؤسس هي أكثر ما يدفع الشركات العائلية إلى قبرها , و تنتهي غالباً ببيع الشركة أو خسارتها و إفلاسها بعد اختلاف الورثة على رئاستها . تحتاج الشركات إلى تأسيس عمل مؤسسي حتى تستمر مع اختلاف الأجيال و الإدارات . و هذه النقطة سيكون لها موضوع مستقل لأهميتها بإذن الله ..
8- تعاقب الأجيال . أقل من 15% من الشركات العائلية تعيش حتى جيلها الثالث .
9- ضعف التخطيط الاستراتيجي في كثير من الأحيان لعدم كفاءة الإدارة التنفيذية في أكثر الحالات ..
10- عدم الفصل بين الملكية و الإدارة ..
11- قصر العمر الزمني للشركات العائلية ، حيث أثبتت الدراسات أن العمر التقريبي للشركات العائلية تقريباً هو 24 سنة ..


لا تخفى عليك مميزات الشركات العائلية و خصوصاً في الوقت الصعب "مرحلة البناء و البداية" , فأكثر ما تحتاج إليه في هذه المرحلة هو ركن قوي تأوي إليه و تثق به , يدعمك مادياً و معنوياً و يعمل معك بكل إخلاص . أما عن عيوبها و تحدياتها , فتستطيع أن تتلافها إذا هيأت نفسك لها بالشكل صحيح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة

مشاركة مميزة

الابتكار التدميري (Disruptive Innovation) : محرك التغيير في عالم الأعمال

  مقدمة في عالم الأعمال اليوم، يتزايد الحديث عن الابتكار التدميري (Disruptive Innovation) كقوة محركة للتغيير والتحول في القطاعات المختلفة. ي...

الأكثر مشاهدة