ما هو اضطراب الهوية التفارقي ؟ «ماذا سآكل على العشاء؟» «هل ستمطر لاحقًا؟» «أتساءل ماذا عنت عندما قالت ذلك!» تمر أسئلة وتعليقات كهذه في عقولنا وهي تعكس كيف يفكر معظمنا؛ وهي أفكار طبيعية. ولكن عندما تكون التعليقات المسموعة داخليًا أصوات أناس آخرين يشتبه الأطباء النفسانيون بأنه (انفصام الشخصية – Schizophernia). إحدى الخرافات المحيطة بانفصام الشخصية هي أنه يتضمن «انقسامًا في الشخصية» إلى شخصيتين منفصلتين ومتضاربتين تتشاركان دماغًا واحدًا. وجدت دراسة أجراها (التحالف الوطني للأمراض العقلية – The National Alliance on Mental Health) أن 64% من العامة يتشاركون هذه الفكرة الخاطئة.
يقول (راندون ويلتون – Randon Welton) الأستاذ المساعد في الطب النفسي في مركز ميلتون إس هيرشي الطبي في ولاية بنسلفانيا (Penn State Milton S. Hershey Medical Cente): «إنه سوء فهم شائع جدًا»، يفسر ويلتون: «إن سوء الفهم هذا مبني على الاسم. إن تفقدت الجذور اللاتينية للاسم “Schizein” يعني الانفصال، و”phren” يعني العقل؛ أي “دماغ منفصل” أو “عقل منفصل”»، إلا أن الإشارة أو الدلالة المقصودة ترجع لانفصال بين العقلانية والمشاعر، وليس لانقسام أو انفصال ضمن الشخصية.
تُعد (الشخصية المنفصمة – Split Personality) فعليًا اسمًا قديمًا لـِ (اضطراب الهوية التفارقي – Multiple Personality Disorder) الذي يُعد نفسه اسمًا قديم الطراز لاضطراب الهوية التفارقي المعروف بِـ Dissociative Identity Disorder (DID)؛ وهو تشخيص معروف رسميًا لكنه لا يزال مثيرًا للجدل. يذكر ويلتون أن اضطراب الهوية التفارقي (DID) انتشر إلى عقول العامة بعد إطلاق كتب وأفلام مثل؛ “The Three Faces Of Eve” و”Sybil”، وهي قصص نساء طورن شخصيات متعددة ومنفصلة بعد مرورهن بالتعنيف الشديد في صغرهن.
«أصف اضطراب الهوية التفارقي بأنه مرض قائم على الصدمة» يصرح ويلتون ويضيف: «يمتلك المصابون به شخصيتين على الأقل، وحالات شخصية مستقلة، تمتلك كل منها عادة أنماطًا ثابتة متعلقة بالبيئة». يخصّص تعريف (الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين – The American Psychiatric Association) أن: «هويتين أو شخصيتين على الأقل تتحكم بتصرفات الشخص بشكل متكرر».
على نقيض ذلك، يصف ويلتون انفصام الشخصية على أنه: «مرض وراثي إلى حد كبير، يبدو أنه يتجمع ضمن العائلات. يظهر أن انفصام الشخصية متعلق أكثر بالتطور العصبي، متأثرًا بطريقة تطور الدماغ، ويظهر عادة بين سنوات المراهقة الأخيرة وأوائل فترة البلوغ وهو أكثر شيوعًا من اضطراب الهوية التفارقي، إذ إن 2.2 مليون أميركي مصاب بالمرض». يفسر ويلتون: «ترى هبوطًا تدريجيًا عامًا في فعالية الشخص، وتفاقمًا حادًا يدوم لأسابيع أو أشهر من الأعراض الذُهانية – إلا إذا شُخصَت وعولجَت».
في حين أن الصدمة ترتبط بكلا الاضطرابين، يفسر ويلتون أن: «الاختلاف التقليدي لانفصام الشخصية يتجسّد في أن الصدمة تميل لأن تترابط بالمرض، إنها نتيجة أو عاقبة للمرض؛ وليست مسببًا. لا تتسبب الصدمة في إصابة شخص بانفصام الشخصية، بينما يصاب معظم الأشخاص -الذين سمعتُ عنهم يومًا ما- باضطراب الهوية التفارقي كردة فعل على الصدمة».
يُصنَف انفصام الشخصية باعتباره مرضًا ذهانيًا يُعالج أوليًا بالأدوية، بينما يُعد اضطراب الهوية التفارقي اضطرابًا ارتقائيًا (تطوريًا) يستجيب أكثر للعلاج بالتحليل النفسي والتحويرات أو التعديلات السلوكية.
الاختلاف السطحي بين الاضطرابين يبدو واضحًا، ولكن بعض الأطباء النفسيين مثل (براد فوت – Brad Foote) من (كلية ألبيرت أينشتاين للطب – Albert Einstein College of Medicine) يحذرون زملاءهم من إمكانية الخلط بين الاضطرابين في أوائل البدء بالعلاج. قد يحدث ذلك إن كانت الأصوات القادمة من الشخصيات البديلة في حالة اضطراب الهوية التفارقي “تتسرب” وتُعلّق على الأحداث الحياتية، أو تتكلم مباشرة إلى الشخصية الجوهرية أو الرئيسية دون التحكم بها بشكل كامل.
يذكر ويلتون: «على نحو تقليدي، في أي وقت يذكر المريض سماع أصوات كهذه، هناك مؤشر قوي لانفصام الشخصية، الذُهان ليس دليلًا تشخيصيًا لاضطراب الهوية التفارقي ولكن سماعهم لأحد الشخصيات تتحدث إلى شخصية أخرى أو شخصية تُعلّق عليهم شائع».
إن كانت هذه الملاحظات دقيقة، يقول ويلتون: «سيكون تصنيفك لإصابة ذلك الشخص باضطراب ذُهاني سهلًا جدًا، لأنك لم تسأل الأسئلة الصحيحة أو لم تسأل تلك الأسئلة بالطريقة الصحيحة». سماع أصواتٍ قد يكون أكثر تعقيدًا مما يظن الأطباء أو المرضى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة