أتيحت لي قبل بضع سنوات فرصة إدارة إحدى المؤسسات، وكنت متحمسة حيال الاحتمالات الموجودة أمامنا والأهداف التي يمكننا تحقيقها. لكن بدل أن يتحمس كامل أعضاء الفريق تجاه ما اعتقدت أنه رؤية رائعة، وجدت أن لبعض الأعضاء انتقادات حيال أفكاري ويصدرون أحكاماً ضدي أنا شخصياً، إذ قالوا إن جدول أعمالي طموح للغاية ويخدم مصالحي الشخصية، في حين كان البعض يعتقد أنني لم أكن أستمع إلى ما يريده مرؤوسيّ.
وعلى الرغم من حصول رؤيتي على دعم ثلاثة أرباع الفريق، ركزت اهتمامي على الربع الذي لم يقدم الدعم لي. كنت أعرف أن من أسباب حب الناس لي إنفاقي جزءاً كبيراً من وقتي وطاقتي في إرضاء الآخرين. وشعرت بغصة في حلقي نتجت عن معرفتي بعدم إعجاب بعض الناس بي، إذ أُصبت بالأرق، وفقدت التركيز فضلاً عن خسارتي لما يقرب من ثلاثة كيلوغرامات من وزني (التي لم أرد أن أخسرها بهذه الطريقة). وبدأت النظر في الكيفية التي يمكنني بها الاستسلام لما أراده الرافضون، على الرغم من أنه لم يكن الشيء الصحيح بالنسبة للمؤسسة.
وفي نهاية المطاف، وبعد الكثير من العمل الشاق، تعلمت كيف أكون مرنة حيال الانتقادات، الأمر الذي مكنني من الثبات على موقفي واتخاذ الإجراءات التي أفادت المؤسسة، فضلاً عن أنها زادت من احترامي لذاتي. وقد علمتني تلك التجربة عدة عِبَر كانت كالتالي:
كن مستعداً، ولا تدع ذلك يباغتك. إن الانتقادات هي أمر لا مفر منه، خاصة إذا كنا نشجع وجهات النظر المتنوعة ونضع رؤية كبيرة جريئة. إلا أنه ولسوء الحظ، قد لا تقع استجابتنا لرفض الآخرين ضمن سيطرتنا الكاملة، إذ قد يؤدي شعورنا بأننا "نُهاجم" إلى رد فعل لا إرادي، وتصرف فطري نابع من منطقة لوزة المُخيخ. وقد نستسلم أو نبكي أو حتى ننفجر، أو نقوم بتصرفات ربما قد نندم عليها لاحقاً. كما قد نفكر على الأرجح في الاستجابة التي يمكن أن تكون مثالية، لكن فقط بعد فوات الأوان. وعليك هنا إعداد قائمة من ثلاثة إلى خمسة طرق للرد على المنتقدين في الوقت الراهن بدل أن تُباغت على حين غرّة. وضعْ هذه الردود في متناول يدك، في هاتفك مثلاً أو على ورقة، في حال تجمد عقلك وتوقف عن العمل. فعلى سبيل المثال، قد تقوم بإعادة صياغة ما سمعت للتأكد من فهمك الصحيح لما قيل، ولكي تبرهن للشخص الآخر أنك كنت مصغياً إليه. ويمكنك أن تقول شيئاً على غرار: "إنها وجهة نظر جيدة، وأنا ممتن لاستعدادك لعرض وجهة نظر مختلفة. وأود بدوري أن أعطي نفسي الوقت لدراستها والعودة إليكم".
امتصها ولا تتصادم معها. قد تكون لديك حساسية كبيرة لأي شكل من أشكال اللوم إن كنت من النوع الذي يهمه جداً إعجاب الناس به وبأفكاره، لكن حاول إبقاء الأمور في نصابها. فعلى سبيل المثال، قد تكون نظرة جانبية أو سعال أو نظرة إلى الهاتف خلال الاجتماع وأثناء قيامك بعرضك التقديمي، نتيجة لسببٍ مختلف وليس بسبب وجود موقف سلبي لهم حيال أفكارك. ومن ثم، بدل القفز إلى الاستنتاجات، عليك أن تسأل ماذا يجري. فقد يمكنك القول: "لقد لاحظت أنك عابس. فهل لهذا علاقة بما نناقشه؟" وإذا عبر الشخص عن قلقه، فتأكد من أنك تفهم درجة عدم موافقته وأهميتها ومدى إلحاحها. وقد يمكنك القول مثلاً: "ما مدى شعورك بالإحباط حيال هذا الموضوع على مقياس من 1 إلى 10؟" أو "ما مدى أهمية هذا بالنسبة لك؟".
راكم الأمور ولا تتفاعل معها. قد تفوتك الصورة الأوسع إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها انتقاداً معيناً. هل تسمع هذا الانتقاد لأن هذا الشخص هو الأول ضمن طيف هائل لاحق من الانتقادات؟ أم أنها حالة واحدة، ومن الأفضل تنحيتها جانباً حتى سماع تعليقات مماثلة من الآخرين؟
وجّه النقد لدورك وليس لشخصك. كثيراً ما نخلط بين دورنا وبين شخصنا، إذ قد نأخذ أموراً غير شخصية على الإطلاق على محمل شخصي، أموراً قد تكون عائدة إلى طبيعة عملنا ووظيفتنا. فعلى سبيل المثال: قد يكون لمدير المبيعات مواقف جدلية مع رئيس المنتجات، بغض النظر عمن يشغل هذا المنصب. ومن ثم، عليك تحديد ما إذا كان الانتقاد يوجه إليك أم يعود إلى القضايا والتوترات التي يثيرها دورك بشكل طبيعي، لكي لا تخلط بين نفسك ودورك.
تواصل مع مجلس الإدارة الخاص بك، ولا تعزل نفسك، نميل إلى الانعزال عن الآخرين عندما نعاني من الانتقادات، وعليك هنا بالتواصل بدلاً من ذلك. قم بتأليف مجموعة متنوعة تتألف من ستة إلى اثني عشر شخصاً ممن استثمروا في نجاحك ويستطيعون مواجهتك بالحقيقة. واتصل بأعضاء مجلس الإدارة الشخصي هذا، وأخبرهم كيف أثرت التعليقات السلبية عليك، واطلب منهم وجهة نظرهم ومشورتهم.
اعتنِ بنفسك ولا تحاول تجاهل ذلك. قد تتسبب تعليقات زملائك بمتاعب نفسية وجسدية لك إذا كانت مؤلمة حقاً، وقد تجد صعوبة في النوم أو تناول الطعام بشكل جيد. حاول خلال هذه الأوقات استقطاع المزيد من الوقت لنفسك، حدد طقسين أو ثلاثة تمارسها وتكون قادرة على مساعدتك على تجديد طاقتك. ومن المهم أن تكون هذه الطقوس بسيطة إلى الحد الذي يمكّنك فعلاً من القيام بها. وتتضمن قائمة الأمثلة: المشي سيراً على الأقدام مدة ثلاث دقائق في الهواء الطلق للحصول على بعض الهواء النقي، أو التواصل مع أحد الأصدقاء في طريقك إلى المنزل، أو كتابة يومياتك مدة خمس دقائق ليلاً، أو الاستيقاظ كل صباح والتفكير في شخص أنت ممتن لوجوده في حياتك. (كافئ نفسك أكثر إذ قمت بإرسال رسالة إلى هذا الشخص تعبّر فيها عن امتنانك).
بعد السير مسافات طويلة، أدركت أنه على الرغم من أنني أمضيت معظم حياتي أحاول أن أكون محبوبة، كان ضرباً من الوهم أن أعتقد أنني سأكون محبوبة من الجميع. للمضي قدماً كمديرة تنفيذية ناجحة، اضطررت إلى تطوير القدرة على تقبل النقد، حتى لو كان يعني ذلك بعض الرضوض للأنا الخاصة بي. وفي النهاية، تحدثت إلى الناس في مؤسستي وشكرتهم على آرائهم المختلفة، ثم أفصحت لهم بوضوح عن خطة المستقبل، وأخبرت المجموعة بأملي في انضمامها إلي بكاملها والعمل معي بكل إخلاص نحو تحقيق الأهداف التي كنت قد وضعتها في عرضي التقديمي. وقد قام معظمهم بذلك. ومع مرور الوقت، زادت مرونتي باتباع الخطوات المذكورة أعلاه، حيث تعلمت مواجهة الحقائق، وفوائد اختلاف وجهات النظر، وإعطاء الأجزاء التي قد ينتقدها الآخرون فيّ قيمة أكبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة