يظهرُ تفكيرنا الكارثي عندما يتمسك عقلنا بأسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث لنا كل يوم، فكم مرة تحوّل شيء لا يضر إلى كارثة وشيكة في عقلك؟ على سبيل المثال، استيقظت صباحاً فوجدت ورماً على وجهك فسرعان ما يتبادر إلى ذهنك أنه ورم سرطاني، وقد تفكر أنه يمكن أن تتحول رحلة إلى دولة أخرى إلى كارثة تحطم الطائرة، أو تعتقد أن طفلك إنْ لم يذهب لمدرسة معينة سيكبر ويتخرج ولن يحصل على وظيفة جيدة.
هذه الأمثلة من التفكير الكارثي قد تبدو متطرفة، وربما سخيفة أحياناً.. لذلك سنحاول في هذا المقال أن نتعرف إلى فهمِ التفكير الكارثي، وكيفية التخلص من أي موقف يساورنا القلق بشأنه على أنه سيناريو أسوأ الحالات.
* ما هو التفكير الكارثي؟التفكير الكارثي هو اضطراب حقيقي له تداعيات خطيرة على الصحة العقلية، وقد يستهلك التفكير الكارثي البعض للغاية، وبدلاً من أن تتخلى عن مخاوفك على أنها سخيفة، فأنت تتحدث عنها وتضيف إليها، وكأنها وشيكة الوقوع.
فعندما لا يعود أحد أفراد الأسرة لدى الشخص صاحب التفكير الكارثي يفترض تلقائياً أنه تعرض لحادث سيارة، وهذه كارثة، وقد يفترض أن رئيسه في العمل على وشك إقالته في كل مرة يتصل به الموظفون لحضور اجتماع، وقد يقلق من أن سعاله القاسي قد يعبِّر عن بداية نوبة من الإنفلونزا القاتلة، وهكذا يعيش هذا الشخص في دوامةٍ من الكوارث الوهمية.
علينا أن نعلم أن الأشياء السيئة - وحتى الفظيعة منها – تحدث لكل الناس سواء كانوا طيبين أم سيئين، وتتسبب للجميع بألم حقيقي، لكن الأوهام الكارثية مثل تلك يتصورها بعض الأشخاص أعلاه تسبب معاناة عديمة الفائدة في أذهانهم، سواء كانت حقيقية أم لا. أي كما قال الكاتب مارك توين: "أنا رجل عجوز، وعرفت الكثير من المشاكل، لكن معظمها لم يحدث أبداً".
* ما هو التفكير الكارثي؟
التفكير الكارثي هو تشويه إدراكي يجعل وضعاً ما غير مرغوب فيه أسوأ مما هو عليه بالفعل، أو ما يجب أن يكون عليه، ويعتبر المعالجون النفسيون أن التفكير الكارثي أسوأ شيء يمكن أن نقوم على الإطلاق.
* لماذا يعاني بعض الناس من التفكير الكارثي؟قد يكون لدى بعض الناس تاريخ من السلوك الهستيري، والذي يتحول بمرور الزمن - عن غير قصد - ليصبح نمطاً طبيعياً من التفكير الكارثي.
مثلاً: توقفت إحدى المريضات التي كانت تسير مع كلبها في الصباح الباكر في إحدى الحدائق المشجرة عن القيام بذلك، لأنها كانت مقتنعة بأنها ستصادف جثة "فالجثث تصادف دائماً الأشخاص الذين يمشون مع كلابهم".
ويمكن أن يكون التفكير الكارثي عادة في التفكير، حيث تحدث الأفكار التلقائية ذات أبعاد كارثية دون استدعائها، وهذه العادة يمكن كسرها مع العلاج، فقد يكون صاحبها يعاني من الاكتئاب أو القلق، والذي من شأنه أن يؤدي إلى تغيير تصوره للنتائج المتوقعة لسيناريو ما.
مثلاً: لنفرض أن الشخص موجود في حالة مزاجية من المتوسط إلى السعيد، فعندما يرى عملة معدنية على الرصيف، ويلتقطها يشعر أنه محظوظ، أو قد يُعطيها إلى شخص متشرد.
أما إذا كان يُعاني من الاكتئاب أو القلق.. فقد يشعر أنه قد تم وضعها هناك لاختباره. هل هو لص أم أنه سيتجاهلها، والمصاب بالقلق فهي برأيه مغطاة بالجراثيم، أو أن هناك من يراقبه حتى يأخذها ليصفه بالجشع.
إذاً فالمصاب بالاكتئاب، يميل إلى أن يكون لديه ميل سلبي في تفكيره، وهذا سيؤثر بدوره على الطريقة التي يعرض بها الأحداث ويفسرها، وعندما يشعر بالاكتئاب، تكون النتيجة أكثر كارثية، وفي المقابل يميل مرضى القلق الذين يشعرون بالقلق إلى أن التفكير الكارثي هو النتيجة الواضحة والوحيدة للمشكلة.
* ما هو الفرق بين التفكير الكارثي والتشاؤم؟يوجد اختلاف بين نمط التفكير الكارثي، ونمط التفكير المتشائم، إذ إنّ المتشائم يميل إلى أن يبالغ في تقييم المواقف والظروف التي يمرّ بها في حياته، أي يميل المتشائم إلى توقع المجاعة، أو حدوث عجز، أو عيب (أراهن أنني سأفتقد هذه الحافلة/ أشك في أنني سأحصل على زيادة في الأجر/ أتوقع أن تلغى النزهة)، ولكن لا يترافق ذلك مع شعور بحتمية وقوع الحدث.
لتوضيح ذلك أكثر لننظر كيف يتعامل كل من صاحب التفكير المتشائم، وصاحب التفكير الكارثي للحدث نفسه:
- المتشائم: القطة ضعيفة.. قطتي دائماً سيئة.
- الكارثي: قطتي دائماً سيئة.. لا بد أنها ستموت.
- المتشائم: حنفية الحمام لم تغلق.. في الحالة المثالية يقول: حسناً سأدعو السباك.. بعدها يقول: لا بد أن يحدث خطأ آخر هذا اليوم.
- الكارثي: لم تغلق حنفية الحمام.. يا إلهي، منزلي سيغرق، يجب أن أتصل بشخص ما، ماذا لو لم يستطع السباك الخروج لساعات؟ إنها كارثة.
* هل يُسبب لك التفكير بـ "ماذا لو" المعاناة؟قد يندهش بعضنا من عدد المرات التي يلتقط فيها أنفاسه عندما يجد نفسه منخرطاً في العادة الذهنية السلبية للتفكير الكارثي، لكن لست وحدك؛ إذْ تشير عدد من الدراسات إلى أن 60٪ إلى 70٪ من جميع ثرثرتنا العقلية سلبية.
لتحويل أفكارك نحو اتجاهات أفضل، يمكنك تكرار ثلاث عبارات سريعة مع نفسك، وبمساعدة واحدة أو أكثر منها، قد تهدئ من روعك، وتمضي قدماً:
1- "هذا لا يحدث الآن"نعم، من الممكن بالتأكيد وقوع كارثة، لكنها قد لا تحدث الآن، وقد تساعدك هذه العبارة على أن تكون آمناً في هذه اللحظة التي تعيشها على الأقل.
2- "أياً كان ما يحدث، فأنا أستطيع التأقلم"هذه العبارة تذكرك بمواردك الداخلية، وتمنحك التصميم على مواجهة تحديات الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة