09‏/09‏/2018

هوس حب السيطرة والتحكم

«التسلط» يقود إلى فقدان الثقة بالنفس وهدم القيم المجتمعية
يعتبر التسلط من الظواهر التي طغت في الكثير من المجتمعات بشكل واضح, وتعود ظاهرة التسلط إلى نوعية وتركيب الأسرة وطرق تربيتها لأبنائها حيث إنها المسؤولة الأولى عن انتشار هذه الظاهرة لأنها يمكن أن تنشئ وتهيئ ابنها على أن يكون متسلطاً أو متسامحا, كما أن التواصل المبني على الاحترام والود والعطف والتلاحم بين الطفل والأسرة أو المدرسة أو الإخوة أو الأصدقاء يعتبر أهم خطوة للقضاء على التسلط وبناء علاقة جيدة بين كل الأطراف. وحتى لا تصبح الشخصية المتسلطة شخصية دكتاتورية تفرض آراءها بأي طريقة وإن كان ذلك عن طريق استخدام القوة, وللتعرف على الشخصية المتسلطة وأنماطها وطرق إيجاد العلاج والحلول لتفادي أي مشاكل تنتج عن التعامل معها, والصفات الحميدة التي يجب أن يكتسبها الإنسان التقينا بالدكتور حسن الموسوي- أستاذ علم النفس بكلية التربية الأساسية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي.
* ما هو مفهوم التسلط؟
- التسلط مصطلح عام يستخدم لوصف شخص ما وهو يؤذي أو يحاول إلحاق الأذى بشخص آخر، والمتسلط مهووس بحب السيطرة على الناس والأحداث. فهو يزعجنا بوعوده ويهلل لنقاط ضعفنا ويطالبنا بثقتنا وأصواتنا وحياتنا، ولا يستخدم نفوذه إلا عند الضرورة، ويبدو بمظهر الإنسان الودود حتى تسنح له الفرصة للحصول على السلطة.
وقد أظهرت الكثير من الدراسات أن الثقافة وأساليب التنشئة الاجتماعية تلعبان دورا أساسيا محوريا في تشكيل الشخصية المتسلطة وهذه الدراسات اتخذت (مقياس الفاشية) لقياس النزعة التسلطية.
* ما هي الشخصية المتسلطة؟
الشخص المتسلط هو الشخص الذي يتمتع بقليل جداً من المرونة في التعامل مع الآخرين ، يتعامل مع الآخرين وكأنهم مسخرون لتلبية رغباته، ولا يعترف بحاجات الآخرين ورغباتهم ولا يحترم إنسانيتهم. إنه الشخص الذي لا يرى ما هو صحيح وما هو خطأ إلا من خلال منظوره الخاص بغض النظر عن حاجات الآخرين ورغباتهم.
والشخصية المتسلطة شخصية جامدة وباردة، وتعتبر من الأنماط المريضة التي أوجدتها ظروف أسرية وبيئية سيئة, تقودها الرغبة الدائمة نحو جعل الآخرين مسخرين لتحقيق أهدافها الذاتية ولا تعترف بالرأي الآخر وغير مستعدة بالأصل لسماعه أو لأخذه بعين الاعتبار.
والشخصية المتسلطة تعاني من عقدة نفسية تعمل على تعويض هذا النقص من خلال سلوكيات وتصرفات شاذة ومثل هذه الشخصيات المتسلطة إذا تمكنت من الوصول إلى القيادة والإدارة فإنها بلاشك سوف تقود الدولة أو المؤسسة إلى كوارث وأزمات كما يحدث في بعض البلدان العربية.
كما أنها مستعدة لعمل أي شيء في سبيل أن تظل الأشياء تدور في فلكها وتحت سيطرتها, إنها شخصية تبدو باردة انفعالياً للخارج، لا تتأثر بالأشياء الخارجية إلا بمقدار ما تمسها ذاتياً.
* أنواع التسلط؟
- للتسلط أنواع منها تسلط الأب على زوجته وأبنائه أو تسلط المعلم على الطالب أو تسلط الأخ على أخيه أو الصديق على صديقه والمدير في العمل على الموظفين, ففي المنزل يشهد بعض الأبناء تسلط أبائهم بشكل مبالغ حيث يلغي شخصيتهم تماما مما يجعلهم يعيشون بشخصيات معدومة لا وجود لها بالحياة وحين يصدمون بالآخرين يزدادون سوءاً لأنهم لا يستطيعون مواجهتهم مهما كانت تفاهة الأسباب، أيضا تسلط الأخ على أخيه من خلال إلغاء شخصيته وجعله خادماً له محققاً لرغباته بدون أدنى تذمر أو تساؤل مما يجعل ذلك الطفل ذا شخصية معدومة ومهزوزة تبقى معه طول حياته وتؤثر عليه التأثير السلبي دائماً حتى إذا كبر فإنه يشعر بأنه إنسان لا قيمة له بالحياة وربما يتمنى أنه لم يوجد بهذه الحياة.
* وما هو الأسلوب المتبع للشخصية المتسلطة؟
- تأخذ الشخصية المتسلطة أسلوب إخضاع الآخرين له بصفة دائمة, ناهيك عن الأوامر الناهية والنقد غير البناء للآخرين والعتاب أو اللوم المستمر وعدم الاعتراف بإنجازات الآخرين والتقليل من قيمتها وتبخيسها. الأمر الذي يفقد الآخرين الثقة بأنفسهم وبما يستطيعون إنجازه، وقد يصل بهم الأمر إلى العجز المتعلم، أي يفقدون القدرة على المبادرة ويستسلمون ولا يعودون يقدمون الإنجازات والأفكار طالما أن نتيجة عملهم معروفة لهم مسبقاً، أي طالما يعرفون أن نتيجة عملهم لن تحقق لهم الاعتراف والنتيجة الاجتماعية والمادية المرغوبة.
* كيف تؤثر الشخصية المتسلطة على المحيطين؟
تؤثر الشخصية المتسلطة بقدر كبير على المحيطين حولها في استخدام أسلوب قمعي وجامد، يفقد القدرة على التفكير الحر وعلى اكتساب الخبرة الحياتية المهمة من أجل النمو، ويجعل الناس عاجزين عن تقرير ما يرونه مناسباً في الأوقات الحرجة لأنهم لم يتعلموا كيفية التعامل مع المشكلات الحياتية، إذ كان هناك دائماً من يقرر عنهم بغض النظر عن رغباتهم وإمكاناتهم وقدراتهم الذاتية. كما يقود إلى نمو شخصيات باردة انفعالياً، لا تأخذ مصالح الآخرين بعين الاعتبار، وغير قادرة على فهم وجهات النظر الأخرى وعاجزة عن إدراك أن الحياة ليست سوداء دائماً ولا بيضاء دائماً وأن الناس ليسوا أشراراً بشكل مطلق ولا أخياراً بشكل مطلق.
والشخصية المتسلطة تقود إلى فقدان الثقة بالنفس وتقود إلى الطاعة العمياء دون إعمال العقل بالتصرفات والخضوع الكامل والخوف الدائم والإحساس بالنقص والقصور والرعب تجاه كل ما يرمز للسلطة، وبالتالي يظل مثل هؤلاء الأشخاص عاجزين عن التعبير عن حاجاتهم والمطالبة بحقوقهم المشروعة، ويتقبلون الرأي الصادر عن مصدر السلطة كالمدير في العمل مثلاً دون نقاش وبغض النظر عن منطقيته أم لا، ولكنهم في لا شعورهم يظلون كارهين للسلطة وكل ما يرمز لها.
صورة ذات صلة
* ما هو مفهوم الدكتاتورية؟
- الدكتاتورية هي شكل من أشكال الحكم تكون فيه السلطة مطلقة في يد فرد واحد (دكتاتور) وكلمة دكتاتورية من الفعل (dictate) أي يملي والمصدر dictation أي إملاء وهنالك استخدامان لمفهوم الدكتاتورية.
* ما أنماط الدكتاتورية؟
- هناك أنواع للدكتاتورية الدكتاتورية الفردية. وتكون بتسلط فرد على مقومات الدولة تسلطاً شاملاً معتمداً على القوة العسكرية التي للدولة. ويقصد بالمقومات (الأرض، الثروة، الشعب، الحكم)، وغالباً ما يتصور الدكتاتور نفسه هنا بأن له صلة روحية بالله الذي يلهمه ما يجب أن يفعل، أو أنه يتصور نفسه أنه هو الإله، ولذا يحيط نفسه بهالة من الحصانة والعصمة, الدكتاتورية الجماعية. وتكون بتسلط جماعة على مقومات الدولة.
والطبيعة الاجتماعية للدكتاتورية تظهر في المجتمعات المتخلفة والمتقدمة أيضاً، إلا أنه في المجتمعات المتخلفة يتحمل المجتمع أكبر قدر من صناعة ذلك الاستبداد نتيجة التقوقع الاجتماعي والتعصب. أما في المجتمعات المتقدمة فيحدث الطغيان والاستبداد الواعي بأسباب عديدة، منها : غياب الوعي الجماعي عن السلطة الفوقية، وتحول المجتمع إلى آلة عمل متناسقة ومتناغمة للعيش وإشباع الغرائز فقط، ففي المجتمعات المتقدمة يكون الاستبداد فكرياً وليس عملياً، فهو لايقتل الإنسان ويحفر مقابر جماعية، بل يقتل الروحية المتحركة والفكر المتطور بحجج وأساليب خفية تسبق الزمن الآني (مستقبلية)، وهناك نموذج آخر للدكتاتورية يشترك في صنعها الفرد والمجتمع هذا النموذج موجود حالياً في الدول والأنظمة الشرقية وبعض الدول النامية إذ يعمل الحاكم الفرد أو الحزب والمجموعة الحاكمة على فصل شخصية الحاكم وصفته وامتيازاته عن طبيعية المجتمع بالتقديس عندها لايستطيع المجتمع أن ينهض من سباته الاجتماعي ولا الحكام يتركون الكراسي والعروش.
نتيجة بحث الصور عن تسلط
* ما سمات الدكتاتور والدكتاتورية؟
- قمع الشعب في الداخل، وشن الحروب على الجوار, إبقاء الشعب على الجهل والتخلف حتى يستمر في منصبه، وتكييف العلوم وبلورتها بما يتناسب مع أيدلوجيته, تشكيل الشعب بقالب معين، وتدجينه وفق أيدلوجية معينة, محاربة المنطق وتكفير المناطقة, إشغال الشعب بعدو وهمي أو أسطوري، أو إيهامه بعدو ما وتحميسه ضد هذا العدو, استغلال الدين لتثبيت حكمه, إبقاء الشعب في حالة فقر وعوز دائمين حتى يكدح الشعب وينشغل بطلب العيش عن طلب الترؤس, نشر الرذيلة والعهر في المجتمع, تفكيك المجتمع أسرياً وقبلياً.
صورة ذات صلة
* ما الفرق بين الشخصية المتسلطة والشخصية القوية؟
- الشخصية المتسلطة شخصية غير مرنة وضعيفة في أعماقها تتستر خلف جمودها وسلطويتها من أجل قمع الآخرين وعدم إظهار ضعفها، إنها شخصية عاجزة عن النقاش المرن والديمقراطي وعاجزة عن تقبل الآخرين وتقبل الحقائق كما هي. إنها تعيش في قوقعة تحمي نفسها منها. وتحمل في خصائصها سمات مرضية، وعلاجها صعب لأن اضطرابات الشخصية بشكل عام عبارة عن اضطرابات لا يشعر معها صاحبها بأنها غريبة عنه، إنها جزء من سماته، وبالتالي فإن العلاج لهذه الحالات مختلف عن علاج الأشكال الأخرى من الاضطرابات النفسية المعروفة.
صورة ذات صلة
أما الشخصية القوية بالمعنى الذي نفهمه فليس لها علاقة بالشخصية المتسلطة.

والشخصية القوية هي الشخصية الواثقة من نفسها التي تحمل الصفات الحميدة وتتعامل مع الأحداث والناس بمرونة واضحة، قادرة على تقبل آراء الآخرين وطرح وجهة نظرها وتناقشها من حيث منطقيتها وفائدتها وقادرة على تقبل الآخرين حتى وإن كانوا مختلفين عنها، وتتقبل أن لكل إنسان طريقاً يختاره. الشخص الذي يتمتع بشخصية قوية قادر على قيادة الناس بالإقناع وليس بالقهر والقوة. الشخصية القوية ليست بحاجة لإخفاء ضعفها من خلال تسلطها. إنها تحترم إمكانات الآخرين وتفسح لهم المجال للإبداع والإنجاز وإن فشلوا فهي لا تبخسهم حقهم وإنما تحثهم وتشجعهم على الإنجاز والمحاولة مرة أخرى. وتتخذ القرار بعد دراسة واقعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة

مشاركة مميزة

استراتيجيات الانطلاق الناجح للشركات الناشئة - من الفكرة الى التنفيذ

  إذا كنت ترغب في تعزيز خطوتك الأولى في عالم ريادة الأعمال، أو إذا كنت تمتلك فكرة لمشروع ناشئ وترغب في تحويلها إلى شركة ناجحة، أو لديك شركة ...

الأكثر مشاهدة