23‏/09‏/2018

شريك أعمال الموارد البشرية "الفكرة والمهام" | HR Business Partner






الواقع الحالي يحكي قصور في جانب الدراسات أو الأبحاث (العربية) التي تتحدث أو تسلط الضوء على وظيفة هامة في مجال الموارد البشرية وتجربة حديثة وفاعلة، وهي: " شركاء الأعمال الموارد البشرية"، بالرغم من توفر الكثير من الدراسات والمصادر الغربية التي تتحدث عن هذه التجربة من كل الجوانب إيجاباً وسلباً، وتقدم لنا وصفاً دقيقاً لها.

في هذا المقال، أريد ان أصحب القراء في جولة ترسم معالم هذه الوظيفة وأدوارها، ولمحة سريعة على أهم الجدارات التي تميز صاحبها.

| الفكرة والنموذج

تعود فكرة "شركاء الأعمال الموارد البشرية " (HR business partners) أو ما أشتهر بـ (HRBP)، للكاتب الأكاديمي من جامعة ميشيغان والمستشار ديف أولريتش (Dave Ulrich)، بعد كتابه "أبطال الموارد البشرية" –(Human Resource Champions) الذي صدر عام 1997، حيث يرى أولريش أنه بدلا من التركيز على ما تفعله الموارد البشرية من عمليات تشغيلية، فلابد من التركيز على ما يمكن أن تقدمه الموارد البشرية للشركات في سبيل تحقيقالمخرجات المرجوة على المستوى الاستراتيجي. ويلخص هذه المخرجات في أربع مخرجات رئيسية للموارد البشرية:

-وضع الاستراتيجية تحت التنفيذ (strategy execution)

-الكفاءة الإدارية (administrative efficiency)

-المساهمة الفاعلة للموظف (employee contribution)

-حجم التغيير (capacity for change)



ويعتبر أولريش أن "أنموذج"-شركاء الأعمال الموارد البشرية يعد جزء من وظيفة الموارد البشرية الحديثة الناجحة، عندما تعمل جنبا إلى جنب بين إدارة الخدمات المشتركة مع مراكز الخبرة، عندها تتكامل هذه الدوائر الأساسية لتحقيق المخرجات الأربعة الرئيسية للموارد البشرية المذكورة. لذلك فإن شريك أعمال الموارد البشرية غالبا ما يكون من أحد المدراء السابقين في الموارد البشرية أو أحد كبار خبراء الموارد البشرية داخل الإدارة، مع قدرته في إسداء المشورة اللازمة لكبار القادة، ومعرفته بطرق التطوير وأساليب العمل الملائمة، مما يضيف قيمة إضافية لقادة العمل وللمنظمة من زاوية الموارد البشرية.



يكمن دور "شريك أعمال الموارد البشرية" في جعل الموارد البشرية قريبة من قادة العمل في الشركات، وتقديم المساندة والدعم اللازمين في تنظيم وتنفيذ استراتيجيتها. وهو يهدف من ذلك رفع مستوى فاعلية استخدام الموارد البشرية وإدارة الأفراد بحيث يكون التركيز أكبر على الأهداف الاستراتيجية للشركات وتقديم مبادرات ومشاريع ذات تأثير مباشر على أهداف الشركة الكبرى، وبمشاركة أكثر فاعلية للموظفين.



وقد اعتمد هذا النموذج في العديد من المنظمات وشركات الأعمال والمؤسسات، وأوكلت بها أدوار احترافية مهمة أدرجت تحت الموارد البشرية كتوزيع هيكلي، لكن يختلف موقعها ومستواها التنظيمي بحسب حجم المنظمة وشكل التوزيع الهيكلي لها. حيث يتصل في كثير من الشركات بالمدير التنفيذي مباشرةً. او ربما بمدير إدارة الموارد البشرية في الشركات الكبيرة.

وحتى تتضح الصورة، إليكم هذا الرسم التوضيحي لنموذج أولريش للموارد البشرية والذي يوضح فيه دوائر التأثير الرئيسية في الموارد البشرية وموقع "شريك أعمال الموارد البشرية" منها.






الشكل رقم1: النموذج التشغيلي لـ "شريك أعمال الموارد البشرية" - (HRBP Operating Model)

المصدر: HR Business Partnering. By Shirley Dalziel, Judith Strange and Mike Walters –CIPD; 2006,





هذا النموذج يؤكد فكرة أهمية التكامل والمواءمة بين الدوائر الأربعة للموارد البشرية: القيادة ومراكز الخبرة والخدمات المشتركة وشركاء الأعمال، حيث يحدد محاور التركيز لكل دائرة، وأن ثم تقاطعات هامة بينهم، متى ما كان هناك آلية واضحة ومتفق عليها، تحققت الثمرة المرجوة من هذا النموذج.



"شريك أعمال الموارد البشرية" يلعب دور رئيسي وهام، فهو ملم بقيم وأسس ولوائح الموارد البشرية والتوجه الاستراتيجي لقادة الموارد البشرية، لذلك يستطيع أن يؤثر بالرأي والمشورة ويساند قادة ومدراء الأعمال في الشركة، بل ربما وثق ذلك بتقارير وتحليل للقوى العاملة او تقديم دراسة مستفيضة لظاهرة ما، او التوصية بحلول مؤثرة على الموظفين أو ذات مردود مالي للشركة، هذه أمثلة فقط لما يمكن أن يقوم به الشريك.



وعلى نفس المستوى فهو لابد أن يتواصل مع الخدمات المشتركة ويتأكد من تنفيذ الخدمة وتشغيل البرامج الإدارية بشكل سليم ومتابعة الإجراءات الإدارية وتذليل الصعاب والوصول لحلول لمشاكل الموظفين. فهو في الواقع "في وجه المدفع"، فالموظف عندما يواجه مشكلة تتعلق بالفوائد أو التدريب او التقييم مثلاً، فإنه يلجأ في الغالب لـ "شريك أعمال الموارد البشرية"، والشريك يلعب دور الموجه والمرشد للموظف في بعض الأحيان، كما يمكنه أن يسانده للوصول لحلول مناسبة قد تحتاج فيها موافقات مدراء الأعمال، او جهات إدارية أخرى لا يعرفها الموظف.



وبالنسبة لمركز التميز/ الخبرة، فهم المرجع التقني لـ "شريك أعمال الموارد البشرية"، فمساحة التوافق والتعاون والتنسيق بينهما تعكس انسيابية العمل على مستوى المنظمة، فمراجعة تقييم الأداء ومتابعة خطط تطوير الموهوبين وخطة التعاقب الوظيفي للشركة والتخطيط الوظيفي، هي بعض البرامج بالغة التأثير في نجاح مسار الشركة قيادة وموظفين، وتحتاج للمشورة والمراجعة والمتابعة المستمرة، وخير من يمثل هذا الدور هو "شريك أعمال الموارد البشرية".



| الأدوار والمهام

لشريك الأعمال أدوار ومهام عديدة احترافية بالغة الأهمية والحساسية، نظراً للمستوى الإداري الذي يعمل معه، لخصها أولريش في أربعة أدوار رئيسية، يمكن أن تتفرع منها العديد من الأدوار والمسؤوليات الثانوية.

الشكل التالي يرسم صورة لهذه الأدوار والاتجاهات التي تركز عليها: فمن حيث آلية المهام والأهداف (مستقبلية ام تشغيلية يومية) – يمثله المحور الرأسي. وبالنسبة لمن تقدم لهم الخدمة (الموظفين او للعمل بحد ذاته)- ويمثلها لمحور الأفقي. وبين هذين المحورين تدور هذه الأدوار:







الشكل رقم2: الأدوار الأربعة لـ "شريك أعمال الموارد البشرية" - (HRBP Role's)

المصدر: Do Business Partners Really Hear HR?, By Oliver Requilman, DBA, 5th September, 2013,



الدور الأول: الشريك الاستراتيجي

ويلعب فيه الشريك دور مستشار الموارد البشرية الاستراتيجي للإدارة العليا ويساهم في صنع القرار، ويساند في تطوير الاستراتيجيات ومواءمتها مع متطلبات الأعمال، يساعد المدراء على تجاوز التحديات المتعلقة بالهيكل التنظيمي والقوى العاملة، ويضع العملاء والمتطلبات المتعلقة بهم في دائرة التركيز.



الدور الثاني: الخبير الإداري

وهذه من الأدوار التي تستهلك الكثير من الأوقات لشريك الأعمال بسبب تعلقها بالموظفين، ولما يرتبط بها من متابعات وخدمات تشغيلية دقيقة، تتطلب منه التميز والفاعلية في الخدمة بما لا يتعارض مع احتياجات العمل، وكذلك لابد له من ان يدير التكاليف المتعلقة بالموارد البشرية، ويحرص على البحث وتطبيق آليات التقنية الحديثة لتقديم خدمات الموارد البشرية بجودة في المنتج وتوفير للوقت والجهد.



الدور الثالث: نصير الموظف

وهذا الدور تكمن أهميته في تعزيز ثقة الموظفين في الموارد البشرية من جانب وفي تفعيل إنتاجية الموظف من جانب أخر، فهو يساهم في تطوير ووضع استراتيجيات تساعد في تعزيز ثقافة المشاركة لدى الموظفين، ويقود توجه الإدارة الاستراتيجية لتنمية القوى العاملة، بما يضمن سلامة العمليات والممارسات بشكل عادل وضمن ميثاق أخلاقيات العمل.

الدور الرابع: وكيل التغيير

بمعنى المولد والحافز لاستمرار أداء الأعمال بفاعلية، والموجه لها نحو التطبيق ووضعها في دائرة التنفيذ، حيث هو يلم بثقافة المنظمة ويميز ما هي الفعالة وغير الفعالة منها، ثم هو بالتالي يساعد القيادة على ترسيخ قابلية التغيير داخل المنظمة، ونشر الفكرة لدى الموظفين، ويعزز ثقافة التنمية الإدارية المستدامة.

والمهارة والذكاء تكمن في اتقان تمثيل الدور الأنسب في مكانه الأمثل، فهذه الأدوار يطغى بعضها على بعض في سلم الأولويات والوقت المطلوب للإنجاز والجهد ومدى توفر الموارد. لكن في المحصلة على شريك الأعمال أن يلعب الأدوار كلها وبتكامل وتناسق، والحقيقة ان هناك نظريات ودراسات عددية ترى ضرورة التوجه نحو زيادة نسبة التركيز على دور الشريك الاستراتيجي، بينما تؤكد هذه الدراسات على أن النسبة الكبرى تتوجه نحو دور الخبير الإداري، ويعود السبب لطبيعة الأعمال التشغيلية للموارد البشرية وكثرة أعباء المتابعات الإدارية والإجراءات الروتينية بعض الأحيان.

وبهذا المعيار يمكن ان تقيس مدى احترافية "شريك أعمال الموارد البشرية" وتناغمه في تمثيل أدواره، وهذا يقودنا لسؤال: ما هي الجدارات والمواصفات المطلوبة لهذه الأدوار؟



| الجدارات والمواصفات

هناك جدارات او مهارات لابد لشريك أعمال الموارد البشرية أن يتمتع بها، وتختلف درجة أهميته، بحسب الأدوار والمهام المستهدفة، ويمكن حصر هذه الجدارات في تسعة جدارات أساسية لشريك الأعمال للموارد البشرية والتي تعتبر بالغة الأهمية لهذه الوظيفة. تكسبهم هذه الجدارات إمكانية المساندة المرجوة للمنظمات وشركات الأعمال الرائدة،



الجدارات التسعة لشريك الأعمال للموارد البشرية:




القدرة على وضع استراتيجيات الموارد البشرية


الإدراك الذكي لريادة الأعمال


التميز والإلمام بالعلاقات العمالية


علاقات الموظفين / رعاية


تعاون


التركيز على العملاء


تنفيذ برنامج الموارد البشرية


الاتصالات


التفاوض والتأثير الفعال



هذه بعض أهم الجدارات المطلوبة إلى جانب مهارات وكفاءات كثيرة أخرى تختلف لدي الباحثين وأهل الخبرة، من حيث زاوية دراسته لهذا النموذج، غير أنها جميعها تحتاج إلى برنامج عملي للبناء والتطوير وخطة لبناء خارطة مهنية فاعلة.



ارجو أن أكون قد وفقت خلال هذا العرض المتسلسل لفكرة "شريك أعمال الموارد البشرية"، ولأدواره وأهم الجدارات المطلوبة منه. فقد كنت أهدف من وراء ذلك أمرين: أن أشارك القارئ بعرض فكرة لتجربة حديثة رائدة قد تطورت عبر عقدين من الزمان، حتى وصلت إلينا بهذا النضج والعمق.

والأمر الثاني هو بهدف فتح الباب لرواد العلم والباحثين في مجال الموارد البشرية بأن يبادروا بدراسات وبحوث حول هذه التجربة التي لم أجد لها مرجع عربي محكم في المكتبة العربية.



والحقيقة فقد شهدت السنوات الأخيرة نقلة نوعية في العلوم الإدارية، وإن هذه النقلة جاءت لتواكب التقدم الذي شهده عالم الأعمال في الاقتصاد الحر والذي تلعب فيه "الموارد البشرية" دوراً مؤثراً وفعالاً. وفي ضوء الدور الهام والمؤثر لإدارة للموارد البشرية في كيانات الأعمال، وفي ظل هذا التحول، فقد كان لزاماً أن يكون هناك حراك منهجي وتوثيق للخبرات والتجارب العربية على كافة المستويات الإدارية في حقل الموارد البشرية، وتجربة نموذج: "شريك أعمال الموارد البشرية" تستحق مثل هذا الحراك.



هناك تعليقان (2):

اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة

مشاركة مميزة

تجربة الفئران

  هو إيه ممكن يحصل لو جبنا شوية فئران وحطيناهم في مكان يشبه الجنة، ويكون متوفر فيه كل ما لذ وطاب للفئران ..؟! بمعني إن ميكنش لهم أي أعداء من...

الأكثر مشاهدة