11‏/07‏/2019

كيف تتعامل مع زميل لئيم في مكان العمل؟

عندما يكون زميلك لئيم معك، قد يكون من الصعب عليك معرفة كيفية التعامل معه. إذ يميل بعض الأشخاص إلى التغاضي عن السلوك العدواني على أمل أن يتوقف الشخص الآخر عن عدوانيته. ويجد آخرون أنفسهم يردّون على هذا السلوك. عندما يعاملك زميل في العمل بشكل سيئ، كيف يمكنك تغيير هذا الموقف؟ وإذا استمر هذا السلوك أو تفاقم، كيف تعرف أنك تتعامل مع تنمّر حقيقي؟
ما الذي يقوله الخبراء؟
"عندما يتعلق الأمر بسلوك سيئ في مكان العمل، فهناك طائفة واسعة؛ من التنمّر الصريح من ناحية، إلى جانب الأشخاص الذين هم مجرد أناس وقحين من ناحية أخرى"، كما يقول ميشيل وودوارد، مدرب المسؤولين التنفيذيين ومقدم ندوة مجلة هارفارد بزنس ريفيو عبر الإنترنت، التي كانت بعنوان: "المتنمرون والأجلاف والمنغّصات الأخرى: تحديد الأشخاص صعبي المراس وإبطال مفعولهم في مكان العمل" (Bullies, Jerks, and Other Annoyances: Identify and Defuse the Difficult People at Work). إذ ربما لا تعرف طبيعة السلوك الذي تتعامل معه إلى أن تتصدى له فعلياً. يقولغاري نامي، مؤسس معهد التنمر في مكان العمل (Workplace Bullying Institute)، ومؤلف كتاب "المتنمرون في العمل" (The Bully at Work)، إنه إذا كان السلوك تنمّراً، فربما يكون من الصعب – إن لم يكن مستحيلاً – حمل الشخص على التغيّر. ولكن في معظم الحالات، يمكنك – ويجدر بك – اتخاذ إجراء. يقول وودوارد: "اعرف أنّ لديك حلاً، وأنك لست عاجزاً". 
وفي ما يلي بعض الأساليب التي يجب مراعاتها عند التعامل مع زميل عدواني.
افهم السبب الكامن خلف سلوكه
الخطوة الأولى هي فهم سبب صدور هذا السلوك، حيث تُثبت الأبحاث التي أجراها نثنايل فاست، الأستاذ المساعد في كلية مارشال لإدارة الأعمال بجامعة جنوب كاليفورنيا، فكرة شائعة، وهي أنّ الأشخاص يتصرفون بعدائية عندما يتعرض غرورهم للتهديد. يقول نثنايل: "غالباً ما نرى الأشخاص الأقوياء يتصرفون بعدوانية تجاه الأشخاص الأقل قوة عندما تكون كفاءتهم موضع شك". ويتفق نامي مع نثنايل، حيث ذكر أنّ "الأشخاص المهرة والمحبوبين هم الأهداف الأكثر تواتراً على وجه التحديد لأنهم يشكلون تهديداً". لذا، ربما يكون من المفيد التغلب على غرور المعتدي. ويوضح فاست قائلاً: "وجدنا في دراستناأنه إذا قدّم الموظف امتنانه لمديره، فقد قضى على التأثير". وحتى بادرة صغيرة، مثل إنهاء رسالة بريد إلكتروني بعبارة "شكراً جزيلاً على مساعدتك لي"، أو الثناء على شخص بشأن شيء يعجبك حقاً، يمكن أن يكون أمراً مفيداً.
فكّر في ما تفعله
هذه الحالات تتطلب أيضاً مراقبة الذات. إذ يقول وودوارد: "من السهل للغاية أن نقول: هذا الشخص جلف". لكن ربما أنك تعمل ضمن ثقافة تنافسية للغاية أو ثقافة لا تعطي الأولوية للتصرفات الحسنة. فكّر فيما إذا كنت قد أسأت تفسير السلوك أو بالغت في رد الفعل حياله، أو ما إذا كنت قد أسهمت في المشكلة عن طريق الخطأ. هل تسببت بأي شكل من الأشكال في أن يشعر الشخص بالتهديد أو أن يراك شخصاً غير مخلص؟ ويمكن أن يكون التقييم الذاتي صعباً، لذا احصل على رأي ثان من شخص تثق به، الذي سيقول لك الحقيقة وليس فقط ما تود سماعه. ولا تُلقي بالكثير من اللوم على نفسك. يقول فاست: "من المهم ألا تشكّل مصدر تهديد وألا تكون منقاداً، إذ إنّ هذا الأمر من شأنه أن يستدعي فحسب المزيد من العدوانية". ويتفق نامي مع فاست قائلاً: "يفترض الأشخاص المستهدفون بالسلوك العدواني، بصفة منتظمة، أنّ الأمر خطأهم"، في حين أنه ليس كذلك.
دافِع عن نفسك 
لا تخش من انتقاد السلوك السيئ عند حدوثه. يقول وودوارد: "أؤمن بشدة بأهمية إجراء تصحيحات فورية للوضع". إذا قال لك شخص ما: "عزيزتي" في اجتماع، فقولي له على الفور:"أنا لا أحب أن تقول لي ’عزيزتي‘. من فضلك استخدم اسمي". وإن كنت لا تشعرين بالارتياح من رد فوري بصورة علنية، ينصح وودوارد بقول شيء ما في أسرع وقت ممكن. وبعد الاجتماع، يمكنك أن تقولي: "لا أحب أن تقول لي ’عزيزتي‘، فالأمر يحط من قدري". أظهري أنك لن تتهاوني عند معاملتك بهذه الطريقة. يقول نامي: "ينبغي أن تكون الرسالة على نحو: لا تعبث معي، فلن يستحق الأمر عناءك".
طلب المساعدة
يقول وودوارد: "ينبغي أن يكون لدى الجميع تحالفات مع زملائهم ومع أفراد أعلى منهم وأفراد أدنى منهم منزلة في مكان العمل، حيث يكون من شأنهم أن يكونوا مدافعين عنكم ومناصرين لكم". تحدّث إلى هؤلاء الداعمين وانظر ما يمكنهم فعله لمساعدتك، سواء إن كانت هذه المساعدة مجرد تأكيد وجهة نظرك أو التحدث إنابة عنك. وربما يلزمك، بالطبع، تصعيد الموقف إلى شخص أرفع شأناً أو إلى إدارة الموارد البشرية. ولكن قبل ذلك، كما يقول وودوارد: "يجدر بك احتراماً للعلاقة بينكما محاولة حل المشكلة بشكل غير رسمي".
إظهار التكلفة التي تتكبدها الشركة جرّاء هذا السلوك 
إن كان يلزمك اتخاذ إجراء رسمي، فابدأ بمديرك (بافتراض أنه ليس هو المعتدي). لكن ربما يلزمك رفع المشكلة إلى أعلى في السلّم الوظيفي. وعندما تجد شخصاً يُصغي إليك، يوصي نامي بتركيز محور المناقشة حول مدى الضرر الذي سيلحق بالشركة بسبب هذا السلوك. ويقول فاست: "تحدث عن كيفية تأثير هذا السلوك على المعنويات والأداء". إذ نادراً ما تُجدي الالتماسات الشخصية وغالباً ما تتحول إلى نقاشات من نوع الأقاويل. كما ينصح نامي قائلاً: "لا تقصص قصة عن الجروح النفسية التي أصبت بها، بل اطرح نقاشاً مفاده أنّ سلوك هذا الشخص يُكبّد المؤسسة خسائر مالية".
اعرف القيود المفروضة
عندما لا يُجدي معك أي من الأساليب السابق ذكرها، عليك أن تفكر في الإجابة عن هذا السؤال: هل هذا سلوك لئيم غير متحضر فحسب، أم أنني أتعرض للتنمّر؟ فإن كنت في موقف تتعرض فيه لإساءة المعاملة (وليس موقفاً صعباً فحسب)، فإنّ نامي ووودوارد يتفقان على أن احتمالات التغيّر تبقى ضئيلة، إذ يقول وودوارد: "المرة الوحيدة التي رأيت فيها متنمّراً يتغيّر هي عندما يتعرّض للفصل من العمل بصورة علنية. فالعقوبات لا تُجدي نفعاً". وبالأحرى، يلزمك اتخاذ إجراءات لحماية نفسك. وبالطبع، في عالم مثالي، يفصل كبار القادة فوراً الأشخاص السامين في مكان العمل. لكن كلاً من نامي ووودوارد يتفقان على أنه نادراً ما يحدث هذا الأمر. يقول وودوارد: "على الرغم من أنّ الإحصاءات تبيّن بوضوح أثر هذا السلوك على معنويات الموظفين وأدائهم وقدرة الشركة على الاحتفاظ بهم، فمن الصعب للغاية على المؤسسات اتخاذ إجراءات في هذا الشأن". إن كنت في موقف تتعرض فيه لسوء المعاملة في مكان العمل، فقد يكون الحل الأفضل هو مغادرة مكان العمل – إن كان ذلك ممكناً. أجرى معهد التنمّر في مكان العمل دراسات استقصائية عبر الإنترنت تُظهر أنّ عدداً أكبر من الأشخاص يبقون في مكان العمل عند تعرضهم للتنمّر بسبب الكبرياء (40% من المشاركين) مقارنة بـ (38%) من المشاركين الذين يبقون بسبب الجوانب الاقتصادية. ويقول نامي: "إن كنت قلقاً بشأن ترك المتنمّر ينتصر عليك، فمن الأفضل أن تقلق بشأن صحتك الشخصية".
تذكّر هذه المبادئ 
ما يجب عليك فعله:
  • اعرف أن معظم الأشخاص يتصرفون بعدوانية في مكان العمل لأنهم يشعرون بالتهديد.
  • سل نفسك عما إذا كنت تتعامل مع الموقف بحساسية مفرطة أو تُسيء تفسيره.
  • انتقد السلوك غير المناسب لحظة حدوثه.
ما يجب عليك عدم فعله:
  • لا تُلق باللوم على نفسك، إذ يستهدف العديد من المتنمرين الأشخاص ذوي المهارة الفائقة والمحبوبين.
  • لا تُصعّد الموقف قبل أن تحاول حله بشكل غير رسمي وبمساعدة حلفائك.
  • لا تُعان دون مبرر، فإن استمر الوضع وبوسعك مغادرة المكان، فغادره. 
دراسة الحالة رقم 1: لا تبق وأنت تعاني
قبل أحد عشر عاماً، شغلت زينب مصطفى منصباً جديداً في عيادة بيطرية يملكها طبيب بيطري آخر يدعى آدم بغرض اكتساب خبرة في العمل. شعر آدم، في البداية، بسعادة غامرة من وصول زينب للعمل معه. إذ كان إيجابياً وداعماً ومشجعاً لها. تقول زينب: "كان آدم في غاية السعادة لانضمامي إليه". وبعد عدة أشهر، اشترت زينب نصف الشركة وأصبحت الشريك التجاري لآدم.
واستمرت الأمور على ما يرام حتى بعد مرور عام عندما توقّف آدم عن التحدث مع زينب لمدة ستة أسابيع بعد ما بدا أنه خلاف بسيط. وعندما واجهته أخبرها أنه يفكر في التخلي عن الشراكة معها. وشعرت زينب بالصدمة؛ إذ كانت قد حصلت على قرض لشراء حصة في الشركة وأحسّت أنها أضحت في ورطة.
وفي نهاية المطاف، عادا إلى المسار الصحيح، ولكن سرعان ما أدركت زينب أنّ هذا كان نمطاً  لسلوكه. إذ كان آدم يتصرف بالطريقة نفسها في كل مرة يحدث فيها خلاف بينهما. وتقول زينب: "كان إذا اختلفت معه، يتجنب الحديث معي. وإذا واجهته، يتجنب الحديث معي فترة أطول". واكتشفت زينب في نهاية الأمر أنّ ملاطفة غروره كانت وسيلة أكثر فاعلية. إذ تقول: "يمكنك أن تجامله وتُخبره كم كان رائعاً وكيف أبلى حسناً في إحدى الحالات، ليعود ويقف بجانبك. لقد تعلّمت أن أقوم بهذا النوع من الاسترضاء طلباً للنجاة". 
لكنّ سلوك آدم الفظ كان له وقع شديد على زينب. ففي العام الماضي، ساءت الأمور لدرجة أنه لم يتحدث إليها لمدة ثلاثة أشهر. وطلبت زينب مساعدة مدرب محترف، الذي ساعدها على فهم أنّ آدم كان نرجسياً ومتنمّراً وأنه يشعر بالتهديد بسبب مهاراتها. وفي أواخر العام الماضي، أخبرت آدم أنها تبحث عن شخص لشراء حصتها في العيادة وعرض هو أن يشتريها. وتقول زينب: "كان هذا أفضل شيء يمكنني عمله. تمنيت لو أنني غادرت منذ أن أظهر لي حقيقته أول مرة".
دراسة الحالة رقم 2: انتقد السلوك السيئ
كانت غادة محمود متحمسة لمنصبها الجديد كنائبة لرئيس التحرير في شركة إعلامية يقع مقرها في مدينة سان فرانسيسكو. وأنشئ هذا المنصب منذ فترة وجيزة لتتولى غادة إدارة فريق من الموظفين الحاليين، حيث رحّب بها الجميع باستثناء شخص واحد، وهو رشيد. تقول غادة: "ما لم أكن أعرفه وعرفته لاحقاً هو أنه أراد هذا المنصب وشعر بالغضب لأنه لم يحصل عليه".
كان رشيد عدوانياً تجاه غادة خلال الأسابيع الأولى لها في العمل. إذ تقول: "كنت أتعرض لهجمات صغيرة منه باستمرار". وظل يسألها عن الكيفية التي ستُشرف بها على عملهم، وعن العمليات التي تود تنفيذها، وكيف ينبغي له التعاون معها بشأن مشاريعه. 
وعند استعراض ما حدث، تدرك غادة أنّ هذه كلها أسئلة صُمّمت لجعلها تبدو غير مستعدة وغير مؤهلة لهذا المنصب. تقول: "كنت عديمة الخبرة تماماً لأجيبه بأنني لا أعرف بعد".
وبدأ رشيد إرسال 50 رسالة بريد إلكتروني إلى غادة مع إشعار بالاستلام قبل الساعة التاسعة صباحاً. وعندما لم تكن ترد عليه بحلول الساعة الحادية عشرة صباحاً، كان يبدأ إرسال رسائل بريد إلكتروني للسؤال عما إذا كانت قد اطلعت على رسائله التي بعثها. تقول غادة: "كان لا يكفّ عن مضايقتي. وقد فكّرت بالفعل في الاستقالة. إذ لم أشعر بأن لدي أي حلفاء ولم أكن متأكدة من أن هذه هي الوظيفة التي أردتها". وبعد خمسة أسابيع من المعاملة السيئة هذه، تصدّت غادة لرشيد في اجتماع للموظفين. إذ تقول: "ظل يطرح علي الأسئلة مراراً وتكراراً إلى أن فقدت رباطة جأشي". وأفرغت غادة غضبها من رشيد وقالت له: "لقد سئمت من طرحك الكثير من الأسئلة غير الضرورية. هل يمكنك التوقف من فضلك؟". وعندها تراجع رشيد.
شعرت غادة بالحرج بسبب سلوكها، لكن في وقت لاحق، عندما كانت في مكتبها، بدأ الأشخاص يمرّون عليها ليشكروها على التصدي لرشيد. تقول غادة: "حين حصلت على قدر يسير من الدعم من زملائي، علمتُ أنّ بوسعي مجابهته". وحين أدرك رشيد أنها ليست على استعداد لتقبّل معاملته السيئة لها، توقف عن سلوكه معها. وتقول غادة: "تحسّنت الأمور وصرنا نعمل في جو ودي، لكنها كانت بداية فظيعة".
خضعت الأسماء وبعض التفاصيل للتغيير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة

مشاركة مميزة

الابتكار التدميري (Disruptive Innovation) : محرك التغيير في عالم الأعمال

  مقدمة في عالم الأعمال اليوم، يتزايد الحديث عن الابتكار التدميري (Disruptive Innovation) كقوة محركة للتغيير والتحول في القطاعات المختلفة. ي...

الأكثر مشاهدة