تقول جانا جيه. واطسون -كابس وتوماس آر. سك إن السماح بوجود المعامل التجارية في المحيط الأكاديمي يعود بالفائدة على جميع الأطراف.
رغم أن بيت مارينر يعمل في الطابق الذي يعلو المشرف على رسالته للدكتوراة، وفي الطابق الأدنى من مشرفه لأبحاث ما بعد الدكتوراة، إلا أنه لا يعمل في الوسط الأكاديمي، بل هو أحد كبار العلماء في «موزايك بايوساينسز»، وهي شركة ناشئة شرعت في تطوير مواد صناعية تساعد على التئام الجروح بشكل أسرع، غير أن معمله يقع داخل حرم جامعة كولورادو بولدر، حيث تتبع الشركة معهد «بايوفرونتيرز» التابع للجامعة، وهو جهد متعدد التخصصات للتعامل مع علم الأحياء المركب وإقامة اتصالات مع الشركات.
على مدى العقود الثلاثة الماضية، كانت الأوساط الأكاديمية تتقارب مع الأوساط التجارية فلسفيًّا وفعليًّا1. فمنذ أربعة وثلاثين عامًا، شجع قانون «باي-دول» الأكاديميين الأمريكيين على تسجيل براءات اختراع لاكتشافاتهم والعمل مع الشركات، وعلى أن يصبحوا رواد أعمال2. سار النهج في أوروبا على الخطى نفسها3، فازداد تعاون الشركات مع علماء الجامعات لتعزيز بحوثهم. وجد استطلاع أجرته دورية «لايف ساينسز» عام 2007، لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الخمسين التي تتلقى أكبر دعم مالي من المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، أن أكثر من نصفهم له صلة بالشركات التجارية4.
المشاركات الناجحة بين الأوساط التجارية والأكاديمية تتطلب وجود مصالح مشتركة وثقة وتواصل جيد. لتحقيق ذلك، فإن قربهم يعد أمرًا حيويًّا.
العديد من الجامعات لها أماكن مخصصة للأبحاث خارج الحرم الجامعي، ولكن بعض مرافق البحوث الأكاديمية أخذت خطوة للأمام وقامت بجلب الشركات الصغيرة إلى داخل جدرانها، مثل «بايوفرونتيرز» (حيث تشغل جانا جيه. واطسون كابس منصب المدير المساعد، ويشغل توماس آر. تشيك منصب مدير هيئة تنظيم قطاع الاتصالات) وهي واحدة من أحدث تجارب «الموقع المشترك». من المنتظر أن يلحق بها آخرون (انظر: «داخل الأسوار نفسها»)، وعندما ينفذ ذلك بشكل جيد، سيعود بالفائدة على جميع الأطراف.
شركاء في البناء
تعمل مختلف إدارات الجامعات على تواصل أعضاء هيئة التدريس والطلاب والشركات من خلال نقل التقنية والمشاركات التجارية، وتدريب الطلبة وتوجيههم، لكن هذه الموارد المركزية لا تسمح بحدوث التفاعلات العفوية التي يمكن أن تنشأ من الحماس المشترك لحل مشكلة. يزيل الموقع المشترك الفصل المادي والوسطاء بين الباحثين في المؤسسات الأكاديمية والعاملين في الصناعة، وبذلك يسمح بازدهار العلاقات العفوية.
يستفيد أعضاء هيئة التدريس من تدفق خبرات الشركات5. فالباحثون ذوو الخبرة الصناعية غالبًا ما يكونون أكثر دراية بالتقنيات عالية الإنتاجية والتطبيقات التجارية من نظرائهم الأكاديميين، إذ يخبرنا زملاؤنا من أعضاء هيئة تدريس الطب الحيوي أنهم يقدِّرون التعاون الصناعي بوصفه وسيلة لتطبيق الاكتشافات بالطرق التي تعود بالنفع على المرضى في النهاية. كما أن الطلاب يكتسبون الخبرة العملية ويجدون فرصًا للعمل لدى هذه الشركات في أثناء توسعها، كما تستفيد الشركات الصغيرة من إتاحة التنوع المعملي، والمرافق الأساسية، وتنشيط بيئة البحث، والقوى العاملة المتعلمة.
على سبيل المثال، عندما شرعت «آرتشر دكس» -مقرها بولدر- في تطوير الجيل الجديد من معدات سلسلة الجينات والبرمجيات للبحث عن علاجات للسرطان، قامت بتوفير النفقات عن طريق استئجار معمل معد مسبقًا في «بايوفرونتيرز» وشراء المعدات من منشأة علم الجينوم في الجامعة. عندما تم الاستحواذ على الشركة من قبل شركة أكبر للتشخيص والكواشف («إنزيماتكس»، مقرها بيفرلي، ماساتشوستس)، وعندما انتقلت إلى مساحة أوسع خارج الحرم الجامعي، وظَّفت عديدًا من الطلاب السابقين.
يُعَدّ معهد كاليفورنيا للعلوم الحيوية الكمية (QB3) مثالاً آخر للموقع المشترك. يدعم المعهد اثنتين من حاضنات الأعمال داخل الحرم الجامعي لصالح الشركات الجديدة في جامعة كاليفورنيا، والتي تُدعى «مرائب التقنية الحيوية» تكريمًا لبدايات نشأة «سيليكون فالي» التقني. إحدى شركات QB3 الناشئة هي «كاريبو بيوساينسز»، التي قامت على تقنية هندسة الجينوم من معامل «جنيفر دودنا» في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. بدأت عملياتها ـ متبعة النمط المألوف حاليًّا ـ في «المرآب@بيركلي» ـ على بعد خطوات من معامل دودنا ـ قبل أن تنتقل إلى مساحة أكبر مع نمو الشركة.
يجمع معهد «هدسن ألفا» للتقنية الحيوية -وهو منظمة غير ربحية في هانتسفيل ألاباما- الباحثين الأساسيين، وحملة الدكتوراة وبعض الطلاب جنبًا إلى جنب مع المرافق الأساسية والشركات المستقلة التي تقوم بتطوير التقنيات الجينية الجديدة. قامت شركة «ثرموفيشر ساينتيفيك» -وهي شركة عالمية للتقنية الحيوية، مقرها والثام، ماساتشوستس- بشراء إحدى الشركات الناشئة عام 2008، واحتفظت بعملياتها في هانتسفيل، مشيرة إلى أهمية القرب من الباحثين خارج نطاق خبراتهم الخاصة.
قواعد المشارَكة
الموقع المشترك له تحدياته، فالجامعات من آخر الأماكن التي تقدِّر البحث العلمي لهدف الاكتشاف فحسب. لذا.. يجب على جميع القادة المشاركين في الموقع، وممثلي قطاع الأعمال، ومديري الجامعات، ومسؤولي التنمية، المساعدة في تنفيذ أهداف البرنامج مع حماية الأهداف السامية للبحث العلمي.
من الناحية المثالية، ينبغي تمويل المواقع المشتركة من الأموال التي لا تذهب عادة إلى البحوث الأساسية، مثل الإيجار من شركات الاستئجار، والتبرعات الخيرية الموجهة لريادة الأعمال، والمنح المخصصة. لقد قمنا بإمداد عدة مرافق أساسية تخدم كلاًّ من الأكاديميين والشركات المحلية باستخدام منح البنية التحتية من مكتب كولورادو للتنمية الاقتصادية والتجارة الدولية. تأسست «هدسن ألفا» وجرى تمويلها إلى حد كبير من قِبل العلماء أصحاب المشروعات جيم هدسن ولوني ماكميلان، بهدف إيواء أعضاء هيئة التدريس الأكاديميين جنبًا إلى جنب مع الشركات الصغيرة. كما جرى تمويل A*STAR (وكالة العلوم والتقنية والبحوث) في سنغافورة بشكل أساسي من برامج الحكومة لتعزيز البحوث التجارية والتنمية.
«يجب على الجامعة أن تنظر إلى الشركات بوصفها شريكة في مهمة البحث والتعليم».
مع ذلك.. تحتاج الجامعات إلى تخصيص موارد لمعالجة تضارب المصالح الفعلية والملحوظة. يتطلب هذا سياسات حذرة في مجال الملكية الفكرية، واستخدام موارد الجامعة، ووقت أعضاء هيئة التدريس، وتضارب المصالح. على سبيل المثال.. لا يمكن تقييم الطلاب وتوظيفهم بدوام جزئي من قِبل الشخص نفسه. يجب على الشركات داخل حرم الجامعة أن تضمن قدرة الطلاب المشاركين على النشر في الوقت المناسب، وهي ممارسة أنشئت بالفعل لاتفاقات البحوث التي تتم رعايتها.
الشركات التي تميل للعمل في العلوم المفتوحة يمكن اجتذابها للعمل في مواقع مشتركة، لكن استضافة هذه الشركات في الحرم الجامعي تتطلب المرونة والوضوح. فكما تحتاج الجامعات لأن تكون في المقدمة فيما يتعلق بأهدافها وتطلعاتها، تحتاج أيضًا إلى آليات لإزالة المشاركين الذين قد يكون من المفيد إبعادهم إلى بيئات أكثر تقليدية. على سبيل المثال، قمنا بعرض عقود لإيجار معمل مدةً قصيرة -ستة أشهر- قابلة للتجديد. في المستقبل، يمكن أن يعتمد تجديد عقد الإيجار في «بايوفرونتيرز» أيضًا على كيفية تفاعل الشركات مع الأكاديميين في الجوار، من خلال توجيه الطلاب على سبيل المثال.
إنّ تأجير مساحة للشركات يضع الجامعات في موقف محرج في بعض الأحيان، باعتبارها المالك الذي يحتاج إلى تقييم المستأجر المحتمل من حيث قدرته على الوفاء بالتزاماته المادية وغيرها. وقد حدث بالفعل أن شركة صغيرة تركت المعمل بعد أقل من شهر، بسبب عدم وصول تمويل كان متوقعًا.
ساعة الراحة
يجب أن تكون العادات والمباني محفزة للتفاعل. ففي مبنى «بايوفرونتيرز»، يتشارك الباحثون الأكاديميون وباحثو الشركة مقهى ومساحات مشتركة. فالمعامل والمكاتب مرتبة بحيث يضطر الأشخاص إلى العبور خلال ممر رئيس للوصول من مكان لآخر، مما يشجع حدوث محادثات في الأروقة. تقوم أسبوعيًّا شركة أو مختبر أكاديمي باستضافة «ساعة للراحة» يمكن أن يحضرها أي شخص في المبنى، كما توجد أيضًا ألواح للكتابة في الممرات، حيث يمكن أن يتحول التفاعل العفوي بسرعة إلى مخطط لفكرة.
سيكون الموقع المشترك أكثر نجاحًا في البيئات الأكاديمية التي تقدر بشكل صريح ريادة الأعمال وأنشطة البحوث المتعدية (على سبيل المثال، عند تعيين أعضاء هيئة التدريس أو تقييمهم من أجل ترقية أو تثبيت في وظيفة)، وحيث تتوافر الموارد اللازمة لرعاية المجتمع ولدعم فريق القيادة المشرف على البرنامج. فالشركات الناشئة ستكون أكثر قابلية للاستفادة من فرص الموقع المشترك إذا كانت هناك منح وأموال مبدئية متاحة لدعم الإيجار، وإذا توفرت المرافق الأساسية، وإذا كان من السهل إقامة تعاون بحثي مع الجامعة. وبشكل أساسي، يجب على الجامعة أن تنظر إلى الشركات بوصفها شريكة في مهمة البحث والتعليم، وليس مجرد مصدر إضافي للدخل.
البيئة الجامعية
نعتقد أن التفاعل اليومي بين التعليم والبحوث والمشروعات الناتجة عن الموقع المشترك سيربط الجامعات بمجتمعاتها، ويجعلها أكثر ملاءمة للطلاب وأولياء الأمور الذين يدفعون الرسوم الدراسية. ستصبح المواقع المشتركة جاذبة لأعضاء هيئة التدريس المنظِّمين للمشروعات، وحملة الدكتوراة، والطلاب، وكذلك للشركات التي تتطلع لتوظيف المواهب الجديدة.
سيصبح تقاطع الأوساط الأكاديمية مع الصناعة أكثر سلاسة مع بحث أعضاء هيئة التدريس عن المزيد من السبل لجعل اكتشافاتهم ذات مغزى، ومع رغبة الطلاب في قيمة أكبر لشهاداتهم، ورغبة الشركات في المزيد من الإضافات لتطوير القوى العاملة لديها. وسيكون المقيمون الصناعيون جزءًا من البيئة الجامعية في المستقبل.
References
- 30, 944–952 (2012).Nature Biotechnol.
- 40, 1045–1057 (2011).et al. Res. Policy
- Res. Policy 42, 423–442 (2013).et al.
- Health Aff. 28, 1814–1825 (2009).et al.
- D'Este, P. & J. Technol. Transfer 36, 316–339 (2011).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة