أريده طويلاً يا أمي، أستظل بطوله من عيون الناس، وأفتخر بقامته وأنا أمشي إلى جانبه..
طول القامة عند الرجال مطلب مهم وأساسي عند كثيراً من الفتيات، وقد ترفض الفتاة شابً متقدماً لخطبتها رغم توفر كل الصفات الجيدة فيه فقط لأنه قصير القامة.
وقد حدثت بعض حالات الطلاق عندما تغاضت الفتاة عن هذا المطلب، إذ طلبت زوجة من المحكمة الطلاق من زوجها "قصير القامة" بعد 20 سنة من الزواج، لأن هذا يضايقها أمام المعارف.
نيرمين هذه كانت تعمل في أحد فنادق القاهرة الكبرى، تقدمت إلى محكمة استئناف القاهرة، بدعوى تطليق من زوجها عامر" مدرس التربية الفنية"، لأنه قصير، مشيرة في دعواها إلى أن هذا يسبب لها الحرج الشديد، عند الخروج معه في الحفلات والأماكن العامة.
المحكمة المصرية رفضت طلبها لعدم القناعة بأسباب الزوجة، كونها تقدمت بالدعوى بعد 20 عاماً من الزواج.
وعدا عن رغبة الفتاة بالارتباط برجل طويل القامة فقد أكدت بعض الدراسات مدى نجاح الزوج طويل القامة في الحياة الزوجية؛ إذ ذكرت دراسة حديثة أجريت في العاصمة الفرنسية باريس أن الرجال الذين يزيد طولهم على ستة أقدام يرجح أن يعيشوا حياة زوجية سعيدة وطويلة الأجل بنسبة 50 بالمائة عن أقرانهم قصار القامة.
وقالت الدراسة إن الطول يلعب دوراً في إمكانيات الكسب حيث إن المديرين والمحترفين الناجحين، يتمتعون بزيادة في الطول مقدارها بوصة في المتوسط عن الموظفين العاديين من أصحاب الياقات الزرقاء.
وضمت الدراسة عينة نموذجية لما يربو على ألفي رجل، واتضح أن الرجل القصير يعمد إلى التعويض ببذل جهد أكبر في العمل ليبرهن على كفاءته أمام الجنس الآخر، كما أنه يتأخر في الزواج، لذا يحرص على أن تبدو علاقاته الزوجية على درجة من النضج وفي وضع مالي مريح.
وحيث يجد الرجل قصير القامة نفسه بين فكي كماشة ممثلاً بإعراض الفتيات عنه من جهة والدراسات والأبحاث التي تشيد بإيجابيات الرجل طويل القامة من جهة أخرى صدرت دراسة جديدة تنصف هذا الرجل - قصير القامة- وتعيد له جاذبيته إذ أكد باحثون بولنديون أن قصار القامة ينجحون في الزواج أكثر من الطوال، حيث بينت الدراسة الجديدة أن الرجال قصار القامة أفضل بوصفهم أزواجاً من أقرانهم الطوال، في اعتراض شديد على المقولة المتداولة "من قرب إلى الأرض كثر شرّه"!
ووجد الباحثون في جامعة وروكلاو جنوب غرب بولندا، أن السيدات هناك يجدن الرجال الطوال جيدين لعلاقة عابرة أو مؤقتة، بينما يرين الرجال القصار أفضل باعتبارهم شركاء مثاليين للحياة، وأكثر قدرة على توفير الأمان والاستقرار للعائلة.
وأشار الباحثون في دراستهم التي نشرتها مجلة "علم النفس البيولوجي" إلى أن النساء يرغبن في الرجال طوال القامة بصورة أكبر عند البحث عن علاقات عابرة، أو يرغبن في إنجاب طفل، لاعتقادهن بأن طول الرجل إشارة لشخصيته الرجولية وخصوبته وقدرته على إنجاب أطفال أصحاء، وتكوين أسرة سليمة، ولكن هذا الإعجاب الأولي سرعان ما يخبو ويتلاشى، بسبب سعي نساء أخريات وراء الرجل الطويل والوسيم، مما يجعله غير مستقر عاطفياً وعائلياً، الأمر الذي يلهيه عن زوجته وأطفاله.
وأوضح الباحثون أن الرجل الطويل والوسيم والجذاب غالباً ما يحصد اهتمام الكثير من النساء اللاتي يتنافسن على الفوز به، لذا فهو محط العلاقات العابرة، ولا يكون مثالياً لتكوين عائلة مستقرة.
أما للعلاقات الدائمة التي تهدف إلى تكوين أسرة وإنجاب أطفال وتنشئتهم بصورة صحية وسليمة، فإن الرجال الأقصر هم الأنسب لذلك، لأنهم يتميزون بالطيبة والحنان ويمنحون عائلاتهم اهتماماً أكبر، فضلاً عن نقص الاهتمام بهم من قبل نساء أخريات، مما يجعلهم أكثر استقراراً مع زوجاتهم.
ونبه الخبراء إلى أن المرأة عندما تريد الزواج تنظر للرجل نظرة شمولية، بمعنى أنها تهتم بطوله وهندامه وطريقة كلامه ومستوي تعليمه وعمله وشخصيته وسلوكه عند سعيها للزواج، ولا تقتصر على طوله أو شكله فقط، أما للعلاقات العابرة فهي تهتم بالوسامة والجاذبية فقط، وتركز عليها، وتهمل الصفات الشخصية الأخرى!
ومن جهة أخرى قد تنظر المرأة إلى الجوانب الإيجابية في طول قامة زوجها وتنسى أن لهذه القامة سلبيات عرضها أحد الكتاب ساخراً: «لماذا تفضل المرأة هذا النوع الطويل من الرجال.. ألا تعرف أنه سيكون عليها بذل المزيد من الجهد في كي بنطلوناته، فضلاً عن أنها سوف تحظى بمساحة أقل في فراشها؟.. ألا تدري أنها في اللحظات الرومانسية عندما ترقص مع الرجل الطويل فإنه لن يتسنى لها النظر في عيني حبيبها كما يفعل المحبون لأنها ستكون منشغلة بالنظر إلى أزرار قميصه التي تقع في مستوى نظرها؟!».
هل هذا هو المهم فعلاً؟!
هل لطول الرجل أو قصره علاقة حقيقية بمدى نجاح العلاقة الزوجية، وهل هذا الطول يحدد مدى السعادة التي يمكن أن تعيشها المرأة مع زوجها..
من المفترض أن تختار المرأة المسلمة العاقلة زوج المستقبل وفق أسس وأولويات أكثر أهمية من مسألة الطول.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون خُلقه ودينه فزوجوه. قيل: يا رسول الله وإن كان دنيئاً في نسبه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه. إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
كما يجب أن نتذكر أن الله عز وجل لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسامنا بل ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، وأنه لا فضل لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى، فإن أكرمكم عند الله أتقاكم.
وقد روى الترمذيّ عن أنسٍ رضي الله عنه أنّ رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً، وكان يُهدي إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هديّةً من البادية، والنبيّ كما علّمنا كان يقبل الهديّة ويرُدُّ عليها، فيُجهّزه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يخرج إلى البادية، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنّ زاهراً باديتُنا ونحن حاضره، وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحبّه، وكان زاهرٌ رجلاً دميماً فأتاه النبيّ يوماً وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال زاهر: من هذا؟ أرسلني، فالتفت زاهر فعرف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره في صدر النبيّ، فقال: من يشتري هذا العبد؟ فقال: يا رسول الله إذا تجدُني كاسداً لا أساوي شيئاً، رجلاً قصيراً دميماً فقيراً من يشتريني؟! فقال عليه الصلاة والسلام: ولكنّك عند الله لست بكاسد.. أنت عند الله غالٍ.
هذا هو الميزان الحق...