مورتن بيندسن، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بكلية إنسياد. بريان هنري، زميل أبحاث في إنسياد. |
الاستعانة بمدراء تنفيذيين من خارج إطار العائلة، يضمن استمرارية الشركات العائلية، ولكنه يتطلب وجود استراتيجية فعالة.
ناقشنا في مقالات سابقة، موضوع التعاقب على إدارة الشركات العائلية كونه أحد أهم التحديات التي تواجهها الشركات العائلية على مستوى العالم. للتعامل مع هذه المعضلة، غالباً ما يلجأ أصحاب الشركات العائلية الذي يشغلون مناصب إدارية، إلى إدراة الشركة بمهنية واحترافية من خلال استقطاب مهارات من خارج إطار العائلة.
وتهدف عملية التحول المهني- التي تتيح للمؤسس التحول من مجرد مؤسس يدير شركة عائلية إلى إدارة مؤسساتية، إلى تمكين المؤسسين من التركيز بشكل أكبر على مهاراتهم الأساسية. ولكن ليس من السهل القيام بذلك كونها قضية تمس مسائل ذات حساسية، لا تواجهها الشركات الغير العائلية. كما قد تؤدي إلى عواقب غير محسوبة. وتعد قصة تشانغ غانغ، مؤسس "ليتل شيب" سلسة ذات امتيازات "فرنشايز" أكبر دليل على ذلك.
القيادي الناجح
نجح تشانغ المولود في "اينر منغوليا" من تحويل طبق لحم الغنم إلى أحد ركائز المطبخ الصيني في أوائل القرن الواحد والعشرين. ليصبح "ليتل شيب" سلسلة مطاعم تمتلك مئات الفروع. ولجذب وتحفيز اللاعبين الأساسيين، تقاسم تشانغ على المدى الطويل، الملكية مع الموظفين وأصحاب الامتياز الذين أظهروا تقديراً لأسلوبه في القيادة. بالرغم من تسلمه زمام الأمور عقب خمسة سنوات من النمو السريع، أظهر أكثر من 50 مالك اهتماما بالحصول على حقوق الامتياز. لم يكن باستطاعة تشانغ الوصول لهذا النجاح دون تفاني المدراء الذين قام بتعيينهم من خارج إطار العائلة. حيث بدأت العملية بمجرد شخص واحد مسؤول عن جميع المهام، إلى فريق عمل متكامل.
بالنسبة للكثير من المؤسسين أمثال تشانغ، تعتبر إدارة الشركات العائلية بمهنية واحترافية أمر حيوي لاستمرارية الشركة. وفي حال عدم جهوزية أفراد العائلية لتسلم زمام قيادة شركة خاصة سريعة النمو، لا يمتلك المؤسسين خيارات أخرى سوى اللجوء إلى توظيف كفاءات من خارج العائلة. ومع تعيين كادر تنفيذي مهني، يستطيع المؤسسين التفرغ لتوسيع مجالات قيادتهم ورؤيتهم. ويصبح بإمكانهم الترکیز علی الأمور من منظور أوسع للتغلب علی التحديات التي قد تواجههم، من خلال تبني استراتیجیات جدیدة، أو بدء مشاریع استثماریة جدیدة، أو وضع خطط طویلة الأمد، أو إعادة ھیکلة الأصول، أو دخول أسواق جدیدة، أو نقل الإنتاج إلی مقرات أخرى.
تخطي مسألة التعاقب الوظيفي
من خلال تسليم الجانب التشغيلي في الشركة لأصحاب الكفاءات والاختصاص ، يضمن المؤسسين استمرارية الشركة، على الأقل، إلى أن يصبح أحد أفراد العائلة مؤهل لشغل هذا المنصب. كما يعطي وضع خطة مستقبلية طويلة الأمد للتعاقب على إدارة الشركة، حتى لو تطلب الأمر تخطي جيل، مصداقية أكبر للشركة بنظر الموظفين والعملاء والموردين والمستثمرين والمصرفيين وأصحاب المصلحة الآخرين.
قد تتحول القيم الأساسية للعائلة خلال عملية إدارة الشركة بمهنية واحترافية، إلى ثقافة تنظيمية، تعتبر بمثابة إضافة لعمليات التوظيف والتدريب والاحتفاظ بالمواهب. بالإضافة إلى ذلك، في حال نجاح المؤسس بإقناع الجيل القادم بمدى مهنية واحترافية الشركة، سيشعر أفراد العائلة بالالتزام للعب دور فعال جيل بعد جيل. كما تساعد المهنية الشركات العائلية على جذب المستثمرين مثل الملاك الجدد والمصرفيين وأصحاب رؤوس الأموال في أسواق الأسهم العامة.
العناصر الرئيسية الثلاثة:
نورد فيما يلي العناصر الرئيسية لإدارة الشركة العائلية بمهنية واحترافية:
1- تعيين مدراء أصحاب كفاءة من خارج العائلة في المناصب التنفيذية، وتشجيعهم على اتخاذ قرارات تتماشى مع رؤية المؤسس. فمن خلال توفير الحوافز لهم، سيتسنى للمؤسسين الاستفادة من مهاراتهم وخبراتهم.
2- تطوير قيادة استراتيجية بحيث يقوم المؤسسين من خلالها بوضع نهج إدارة ذي شقين:
- بالنسبة لأفراد العائلة: إيجاد مهام ووظائف مناسبة لأفراد العائلة الحاليين والأجيال اللاحقة، بذلك تستطيع الشركة الاستفادة من تفاعل الأجيال.
- بالنسبة للمؤسسين: الانخراط بالعمليات التشغيلية بشكل أقل وإعطاء دور أكبر للتخطيط الاستراتيجي لنقل الشركة إلى المستوى التالي.
3- تمكين مجلس الإدارة من خلال إشراك أعضاء المجلس بعملية اختيار المدراء أصحاب الكفاءة من خارج إطار العائلة. وبذلك يتحاشى المؤسسون خطر زعزعة استقرار المجلس عندما يحين الوقت لقيام المديرين بالعمل في غياب الرئيس الحالي.
يستطيع المؤسسين من خلال تعيين تنفيذيين من خارج العائلة، من تقوية نفوذهم عن طريق تمرير رؤيتهم الاستراتيجية، وأهدافهم، وغرس الروح العائلية داخل الشركة. وبذلك يستطيع أصحاب المصلحة التركيز على الجانب التشغيلي والاستراتيجي الذي يسعى إليه المؤسسين.
عندما يتعلق الأمر بالمهنية يلجأ أغلب المؤسسين إلى الابتعاد عن المناصب التنفيذية وفريق مجلس الإدارة، بينما يقوم البعض بنهاية المطاف ببيع شركاتهم إلى مستثمرين آخرين. في الواقع، يعتبر تشانغ مؤسس "ليتل شيب" أحد هؤلاء. فمع تقليص حصته لم يعد بإمكانه إدارة الشركة بالأسلوب الذي كان يرغب به. ولتفادي الصدام مع مجلس الإدارة، قرر بيع حصته وبذلك ضمن استمرارية الشركة وإرضاء عملاء. يقوم المالك الحالي "يام تشاينا" بإدارة الأعمال بنفس طريقة المؤسس. وبذلك فإن القيم التي زرعها تشانع لا تزال موجودة.
مورتن بيندسن، أستاذ كرسي في الشركات العائلية بكلية إنسياد من أندريه وروزالي هوفمان. والمدير الأكاديمي لمركز ويندل الدولي للشركات العائلية. فضلاً عن كونه عضو في مبادرة حوكمة الشركات بكلية إنسياد. شارك في تأليف كتاب "خارطة الشركات العائلية: التحديات وأصول الشركات عند وضع خطط طويلة الأمد".
بريان هنري، زميل أبحاث في إنسياد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة