17‏/06‏/2020

القادة النرجسيون كنز ثمين في أوقات التغيير وعبء ثقيل في غيرها

دراسة بريطانية: النرجسية الفردية تسبب مشاكل في القيادة

مع بروز قادة النخب السياسية للتيارات الجديدة في أرجاء العالم من الذين يتمتعون بالجاذبية الشخصية التي تجتذب ملايين الناس إلى آرائهم، توجه عالمان في بريطانيا لدراسة النزعة النرجسية لدى القادة بشكل أعمق.
ويشكل القادة النرجسيون معضلة تنظيمية كبرى، فمن جهة فإنهم يعتبرون كنزا ثمينا لأنهم مليئون بالهمة والعزيمة ويتمتعون ببعض سمات الرؤية المستقبلية ويمكنهم إجراء تغييرات كبرى بالاعتماد على جاذبيتهم المتفردة، ولذا فإنهم يصبحون من الأشخاص الذين يتبوأون مراكز عليا بسرعة.
ولكن من جهة أخرى فإنهم شديدو التقلب، وينفجرون بوجه الآخرين الذين يطرحون افتراضات مناقضة لرؤيتهم أو يشككون في قدراتهم. وينزع القادة النرجسيون إلى الدخول في حقل كبير من المصاعب والنزاعات ويغيرون مساعديهم بسرعة ولا يهتمون بتذكير الناس بفضل الآخرين عند تحقيق الانتصارات الكبيرة والصغيرة.
ولهذا فإن النرجسيين يمكن أن يكونوا كنزا ثمينا في أوقات التغيير الضرورية، أو أن يصبحوا عبئا ثقيلا أكبر في كل الأوقات الأخرى. إلا أن من الممكن التحكم بسلبيات القائد النرجسي، مثل تحويل الاهتمام الشديد لديه من «عظمة الذات» إلى التركيز على مساهمات المساعدين الآخرين، وبذلك يتحول هذا القائد إلى «قائد نرجسي جماعي»، وفقا لبحث بريطاني.
وقال راندال بترسون ووايلي وايكمان في «كلية لندن للأعمال» في دراستهما التي نشرت في «مجلة هارفارد للأعمال»، إن «القائد الجماعي» من هذا النوع يظل متمتعا بالشعور بعظمته، إلا أن نرجسيته تنحى باتجاه الأهداف المثمرة أكثر، مثل مساعدة الآخرين.

وقال الباحثان إن الدراسات السابقة انصبت على النرجسية المتفردة أكثر من النرجسية التي تنحى لأن تكون أكثر جماعية. ولذا فقد دققا في جوانب الاختلافات بين سلوك هذين النمطين من الشخصية النرجسية.
وقاس الباحثان المتخصصان في سمات السلوك التنظيمي، «مستوى النرجسية المتفردة» لدى مشاركين في تجربة علمية بعد أن طلبا منهم الإجابة بالإيجاب عن أسئلة مثل: «أنا أعرف دائما ما أعمله»، و«التفوق صفة تولد مع الإنسان». وبهدف قياس «النرجسية الجماعية طلب الباحثان من المشاركين الإجابة بالإيجاب عن أسئلة مثل: «من بين الذين أعرفهم، أنا من أكثر الأشخاص مساعدة للآخرين» و«سأكون شهيرا لأنني عززت رفاهية الناس».
كما مارس المشاركون في التجربة لعبة الديكتاتور التي يقوم فيها اللاعب بالاستفادة من الموارد، مثل الأموال أو قطع الحلوى، وطلب الباحثان من كل مشارك توزيعها بينه وبين شريك له. وهنا يمكن التعرف على صفات المشارك الشخصية التي تتراوح بين «الأنانية المطلقة» عندما يحتكر الموارد كلها لنفسه أو «الاجتماعية المطلقة» عندما يوزع كل ما لديه على الآخرين.
ومارس المشاركون نوعين من «لعبة الديكتاتور» - الأول لتبيان العلاقات الاجتماعية مثل تلك التي يمتلكها أفراد العائلة أو مجموعة من الأصدقاء وطلب من المشاركين توزيع الحلوى أو إعطاؤها. أما النوع الثاني فهو لتبيان العلاقات المتبادلة مثل تلك التي تكون بين الشركاء في الأعمال، ويختلف هذا النوع عن الأول بأن الشريك ينتظر في العادة مكافأة لأي خدمة يقدمها للشريك الآخر، وتعامل المشاركون هنا بالنقود.
وقال الباحثان إن التجربة أظهرت نسقا محددا، إذ أظهرت في حالة العلاقات الاجتماعية أن كلتا الشخصيتين النرجسيتين المتفردة والجماعية اتسمت بالسمات الاجتماعية في النوع الأول من اللعبة بين الأصدقاء وأفراد العائلة حيث تشارك 9 من 10 من المشاركين، بالحلوى. ولكنهم لم يوزعوا النقود بهذا الشكل إذ ظهر أن «النرجسيين المتفردين» احتفظوا بالدولارات لأنفسهم في 9 من 10 من الحالات بينما تشارك «النرجسيون الجماعيون» بالدولارات في 5 من 10 من الحالات فقط.
وقال الباحثان إن مشكلة الشخصيات النرجسية المتفردة تكمن في أنها تقود إلى الكوارث عند وجودها في مجموعات ومنظمات لأن تلك الشخصيات ترغب في إجراء تغييرات كاملة حتى وإن كانت منظومات العمل تؤدي أعمالها بشكل جيد. أما الشخصيات النرجسية الاجتماعية فإنها ستخفف من السمات الفردية، لصالح تلك المجموعات.
وتجدر الإشارة إلى أن التقديرات تشير إلى أن حالة «اضطراب الشخصية النرجسية» تصيب 8 في المائة من الرجال و5 في المائة من النساء. والصفة الرئيسية لهذا الاضطراب هي وجود نوع خاص من الاستغراق في الذات، ووجود تقدير خطير لقدرات الشخص وإمكاناته يرتبط غالبا بأوهام العظمة. والصفة الثانية هي أنه بينما يكون الشخص النرجسي (وخصوصا الرجال)، مقتنعا تماما بمنزلته الاجتماعية العالية فإنه يتوقع بشكل آلي أن الآخرين سوف يدركون مميزاته الفائقة وسوف يخبرونه بذلك. وفي النهاية، غالبا ما يكون الشخص النرجسي الذي يتوق إلى القبول والإعجاب من الآخرين، جاهلا بوجهة نظر الآخرين للأمور والأشياء. ويشعر النرجسيون بحساسية مفرطة إزاء تعرضهم للتجاهل أو الإهمال ولو بالحد الأدنى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة

مشاركة مميزة

تجربة الفئران

  هو إيه ممكن يحصل لو جبنا شوية فئران وحطيناهم في مكان يشبه الجنة، ويكون متوفر فيه كل ما لذ وطاب للفئران ..؟! بمعني إن ميكنش لهم أي أعداء من...

الأكثر مشاهدة