يعود أصل كلمة نوستالجيا إلى اليونانية، فكلمة نوستوس تعني العودة للوطن وكلمة ألغوس تعني الألم، وعلى الرغم من كون الكلمة حملت معنى تاريخياً سلبياً مرتبطاً بالمشاعر الجارفة نحو العودة للوطن، والتي كان يعيشها المغتربون والبعيدون عن عائلاتهم وأوطانهم، إلا أنها مع الوقت اكتسبت معنى جديداً في علم النفس؛ وهو الحالة النفسية التي يشعر فيها الإنسان بالحنين للعودة لمرحلة أقدم من حياة الإنسان؛ إلى طفولته وشبابه وأيامه التي خلت.
وبالرغم من أن هذه الحالة إن زادت عن حدّها الطبيعي تصنف ضمن الحالات النفسية المرضية، إلا أن دراسات حديثة بيّنت أن هذا الحنين والتعلق بالماضي له طعم حلو أيضاً ويؤثر إيجابياً على الإنسان. تتحدث د.جوليانا برينيس من جامعة بريندس الأمريكية عن 5 من هذه الآثار الإيجابية المفاجئة.
أولاً، تقول برينيس إن النوستالجيا تحسّن المزاج. وعلى الرغم من كون الشعور بالحنين الجارف يتولد من مشاعر سلبية مثل الوحدة أو الحزن، إلا أن غالبية الناس أفصحوا خلال جلسات علاجية أو تجارب شاركوا فيها أن تجربتهم مع النوستالجيا كانت مُرضية بشكل عام، وأخرجتهم من حالة الحزن أو جعلت الحزن أكثر خفة.
وفي دراسة علمية أجريت تبين أن النوستالجيا أثرت إيجابياً وضاعفت الشعور بالأمان والسعادة والاطمئنان، خاصة إن كان التفكير في الماضي حول ما جنيناه وحصلنا عليه وليس حول ما خسرناه.
ثانياً، تقول الكاتبة إن التفكير النوستالجي يجعل الحياة ذات معنى. فبحسب دراسة حديثة يعتبر التفكير في الماضي طريقة للتأقلم مع مخاوف المستقبل المتعلقة بسؤال الموت والخلود، وسؤال أهمية الحياة وجدواها.
فقد صرّح المشاركون الذين يفكرون في ماضيهم الجميل بشكل مستمر أن الحياة تحمل معاني أكثر وأعمق، كما أن الأفكار المتعلقة بالموت والخوف منه لم تسيطر على أذهانهم بل كانت وتيرتها عادية وتأثيرها لا يكاد يذكر. وهذا يعني أن تتذكر كيف تجاوزت اللحظات الصعبة وحوّلت المحن إلى منح، وكيف تعلمت ما تعلمته، وما هي التجارب التي جعلتك الإنسان الذي أنت اليوم وجعلت لحياتك معنى.
ثالثاً، تربطك النوستالجيا بالآخرين. ففي العادة ما يكون التفكير بالماضي وأحداثه وتجاربه مليئاً بذكرى الأماكن والروائح والموسيقى التي تكون غالباً مرتبطة بأشخاص معينين، مثل أصدقاء الطفولة وشخصيات مؤثرة التقيتها في العمل الأول والمدرسة والرحلات.
وعليه فإن تذكر هؤلاء الناس يبث الشعور بالطمأنينة ويعطي شعوراً بوجود دعم اجتماعي قوي؛ ممّا يقاتل الشعور بالوحدة. من ناحية أخرى تنطوي النوستالجيا العلائقية (الوشائجية) على بعض المخاطرة، فيمكن للإنسان أن يستذكر علاقاته العاطفية التي لم يكتب لها النجاح؛ ما قد يحفز الشعور بالألم والخسارة ومشاعر سلبية أخرى.
رابعاً، ومع أن ذلك يبدو غريباً، إلا أن دراسة أثبتت أن التفكير النوستالجي يجعلنا أكثر دفئاً (حرفياً). النوستالجيا -بحسب سلسلة من الدراسات- تجلب الراحة النفسية أولاً وتدفئ الجسد ثانياً.
فمن خلال تجربة استمع المشاركون لموسيقى تبعث الحنين إلى الماضي، وصرّحوا بعد ذلك أنهم يشعرون بالدفء، وأن الكتابة عن أحداث ماضية جميلة أيضاً زادت من دفء أجسادهم. إلى جانب ذلك، قالت الدراسة إن الشعور بالبرد يبعث الحنين أيضاً، هذا ما أثبتته التجربة عندما طلب من المشاركين البقاء في غرف باردة، حينها، قامت النوستالجيا بتنظيم درجة حرارة الجسم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة