11‏/10‏/2014

البيع الإستشارى



حمل "حسام" حقيبته الأنيقة وفيها كومة من البروشورات اللامعة وأقراص الليزر التي تحمل شعار شركته، مع عرض باور بوينت لم يترك شاردة إلا وحصرها ولا واردة إلا وذكرها. عدل "حسام" من هيئته ونظر إلى ساعته، وهو يرتقي الطوابق المتلاحقة عبر مصعد البانوراما في المبنى الشاهق. فقد كان على موعد مع "حازم حسين" المدير التنفيذي لشركة "جمال الخيال للاستشارات".

دلف "حسام" مزهوًا إلى مكتب السكرتيرة، وقال بثقة: "اسمي "حسام البياع" من شركة الإدارة الاستراتيجية، ولدي موعد مع السيد "حازم". أرجو أن تبلغيه بوصولي." ابتسمت السكرتيرة وهزت رأسها وقالت: "للأسف، السيد "حازم" غادر المكتب للقاء أحد أكبر عملائنا، ولم يتمكن من انتظارك."
احمر وجه "حسام" قليلاً، لكنه تماسك ورد بارتباك: "ما الحل إذن؟" فردت السكرتيرة بثقة: "السيد "حازم" مشغول على طول. اترك له ما تريد عندي، ولسوف نتصل بك."
فتح "حسام" حقيبته الأنيقة وألقى بكومة من المطبوعات والسيديهات على المكتب وقفل عائدًا إلى مكتبه، وهو يتوقع اتصالاً قريبًا من ذلك المدير الكبير؛ لا سيما وأن جمال بروشوراته وكثرة معلوماته ستقنع المدير بالاتصال فورًا. لكن "حسام" كان واهمًا. فالمدير مشغول، والمطويات والعينات التي ضمها بروفايل شركة "حسام" بقيت على مكتب السكرتيرة أسبوعًا، وانتقلت إلى زاوية بعيدة من مكتب المدير أسبوعًا آخر؛ ثم حملها عامل النظافة مع غيرها من أكوام المواد التسويقية وألقى بها في أقرب صفيحة نظيفة، حتى وصلت إلى شركة جمع القمامة، التي فرزتها وأرسلتها لمصنع التدوير، ليعاد تصنيعها وتحويلها إلى بروشورات تسويقية لشركة أخرى.
العبرة:
البروشورات وعروض الباور بوينت لا تبيع. فهي مواد تسويقية لا بيعية. فهي لا تسأل العميل، ولا تعرف احتياجاته، ولا تدرك اعتراضاته، ولا تجيب عن تساؤلاته. ولذا كان على "حسام" ألا "يضع" مواده التسويقية على مكتب السكرتيرة، وأن يتمسك بلقاء المدير "حازم" إما بانتظاره مهما طال الانتظار، أو بالعودة لمقابلته بعد يوم أو أسبوع أو حتى شهر.
ما فعله "حسام" خطأ ناتج عن ثقته المفرطة بنفسه وفي شركته ومنتجاته وخدماته؛ بالإضافة إلى الثقة العمياء بالعينات وبقدرة مصممي الجرافيكس على إنتاج أروع البروشورات وأكثرها لمعانًا في العالم. لقد تحول "حسام" إلى مجرد رشاش مناديل مثل الآلات الرشاشة التي نراها في الفنادق والمطارات والتي تعمل بالأشعة. تمد إليها يدك فتقذف إليك بالمنديل تلو المنديل دون تفكير. وفي أحسن الأحوال فإن "حسام" لا يختلف عن موزعي البريد السريع وموظفي توصيل طلبات الوجبات السريعة. الفرق الوحيد بينه وبين هؤلاء أنهم يتقاضون أجورًا وإكراميات مقابل خدماتهم. أما "حسام" فيعمل بالمجان، بل ويهدر وقته وميزانية التسويق في شركته "عمال على بطال".
ما يجب أن يعرفه كل بياع هو أن البروشورات تعرض ولا تبيع، تسوق ولا تفاوض، تقدم معلومات ولا تقدم حلولاً، تصل إلى العميل ولا تصل إلى العملة. تخيل مثلاً لو أن كل الشركات وظفت أفضل شركات التسويق والتصميم في العالم، وأنتجت أجمل أدبيات التسويق في الكون! ماذا ستكون النتيجة؟ ستتشابه المعطيات ويرتبك العملاء ويضطرون للشراء على "الكتالوج". البائع الذي يوكل مهمة إغلاق الصفقات للمطويات والإعلانات يغش نفسه، ويهدر وقته، والأخطر من ذلك، أنه يفشل في خدمة عملائه وحل مشكلاتهم؛ وهذه هي رسالة البائع الأولى.
مصدر المقال (إدارة دوت كوم).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بك وتشرفنا بزيارتك وتعليقك الكريم
سنقوم بالرد على سؤالك فى خلال وقت قصير ان شاء الله
ويمكنك التواصل معنا على رقم الواتس
00966558187343
او زيارة صفحتنا على الفيس بوك https://www.facebook.com/LouaiHassan.HR
وترك تعليقك فى الخاص وسنقوم بمساعدتك فورا
مع اجمل التحيات والامنيات بحياة سعيدة مباركة

مشاركة مميزة

استراتيجيات الانطلاق الناجح للشركات الناشئة - من الفكرة الى التنفيذ

  إذا كنت ترغب في تعزيز خطوتك الأولى في عالم ريادة الأعمال، أو إذا كنت تمتلك فكرة لمشروع ناشئ وترغب في تحويلها إلى شركة ناجحة، أو لديك شركة ...

الأكثر مشاهدة